دق الرئيس المدير العام لسوناطراك محمد مزيان، ناقوس الخطر، حول استفحال ظاهرة انتشار البنايات في المحيط الوقائي لأنابيب نقل المحروقات، مشيرا إلى أنها تشكل خطرا حقيقيا على منشآت الشركة وعلى سلامة السكان والمباني· ودعا كل الأطراف المعنية لاسيما السلطات المحلية إلى تحمل مسؤوليتها ولعب دورها لوضع حد لهذه المشكلة التي تنتشر رغم توفر القوانين الرادعة التي لا يتم تطبيقها· عاد أمس الحديث عن ظاهرة البناء قرب المنشآت النفطية المطروحة منذ سنوات بمناسبة تنظيم الشركة الوطنية للمحروقات "سوناطراك"، ندوة وطنية تحسيسية حول إعادة تهيئة منشآت نقل المحروقات بالجزائر التي حضرها وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل فضلا عن ممثلي وزارات وهيئات كوزارة الدفاع الوطني ووزارة تهيئة الأقليم والبيئة والسياحة ووزارة الداخلية والجماعات المحلية· وإذا كان الهدف المعلن من تنظيمها هو "توعية وتحسيس المؤسسات والهيئات العمومية المعنية بظاهرة اختراق المحيط الوقائي لقنوات النقل"، فإن المسؤول الأول بسوناطراك محمد مزيان اعتبر أن الندوة جاءت للتأكيد على ضرورة تنسيق جهود الجميع للحد من الظاهرة التي عوض أن تنحسر عرفت استفحالا كبيرا ينذر بوقوع أخطار كبيرة· وهو ما ذهب إليه وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل الذي قال أن الهدف الأساسي من تنظيم الندوة هو "إثارة انتباه مختلف المعنيين بأخطار منشآت النقل"، مذكرا بوقوع "حوادث مأساوية" في الماضي أدت إلى وقوع ضحايا، وهو ما يرجى تجنبه في المستقبل· وبالفعل فإن الأرقام المقدمة خلال الندوة تؤكد مدى الفوضى التي يعرفها العمران، إذ تم إحصاء 536 "نقطة سوداء" على المستوى الوطني وبالضبط في 19 ولاية من بينها 4 ولايات يوجد بها 70 بالمائة من المواقع التي بنيت فيها تجمعات سكنية أو هياكل عمرانية مختلفة فوق أو قرب أنابيب نقل المحروقات، الأدهى من ذلك أن 10 بالمائة من البنايات المنجزة قرب الأنابيب هي عبارة عن بنايات عمومية (مدارس، ثكنات، سكنات اجتماعية ···)· وتم تسجيل عدة حوادث في السنوات الأخيرة آخرها كان حادث انفجار أنبوب بمدينة المحمدية في معسكر الذي أدى إلى جرد 78 شخصا وقبله سجل انفجار آخر في سكيكدة أدى إلى وفاة أربعة أشخاص·وهو الرقم المرشح للارتفاع في حالة استمرار دار لقمان على حالها بالنظر إلى قدم الشبكة الوطنية لنقل المحروقات، حيث تشير الأرقام إلى أن 40 بالمائة من الأنابيب تجاوز عمرها 30 سنة ولم يتم إلى حد الآن في إطار البرنامج المسطر لإعادة التهيئة سوى تجديد 29 بالمائة منها· وأظهر شريط عُرض في افتتاح أشغال الندوة مدى خطورة الوضع الراهن لا سيما وأن الأمور وصلت إلى حد إقدام بعض الأشخاص على بناء سكنات داخل المحيط الوقائي للأنابيب مما يعيق حتى العمل الرقابي لأعوان سوناطراك، بل أن مدارس بنيت في مثل هذه المواقع وحتى مساكن اجتماعية وأحياء قصديرية· وأظهر الشريط المصور كيف أن تجمعات سكانية كبيرة توجد أمام أنابيب للنقل بادية للعيان وحولها أطفال يلعبون ويمرحون، والأخطر من ذلك أن السكان الذين أجريت معهم حوارات أكدوا رفضهم التام لتغيير مكان سكناهم رغم إدراكهم للخطر المحدق بهم، ولم يتردد أحدهم في القول "لن أترك المكان حتى ولو مت وحتى لو مات أولادي" ! وتطرح مسألة التعويض بشدة عند الحديث عن هذه الظاهرة باعتبار أن أي عملية تغيير تعني توفير البديل للسكان، ولهذا فإن شكيب خليل الذي سجل بأن أغلب السكنات الموجودة قرب الأنابيب بنيت بعد وضع الأنابيب، اعتبر أنه من غير المعقول أن يتحمل قطاع الطاقة وحده تبعات الحوادث التي جرت إلى حد الآن لاسيما من الناحية المادية، وقال "لحد الآن ألقيت كل المسؤولية على عاتق القطاع لتعويض الضحايا···اليوم لا نريد الحديث عن الماضي ولكن نؤكد على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنب تكرار مثل هذه الحوادث" · في السياق شدد على كون الأمر يعني عدة قطاعات خاصا بالذكر وزارة الداخلية والجماعات المحلية، ودعا إلى وضع مخطط لمواجهة الظاهرة بالتنسيق مع كل الهيئات المعنية· وأكد مدير مشروع إعادة تهيئة منشآت النقل بسوناطراك عبدالقادر أولحاج على ضرورة تسريع وتيرة تعويض السكان لإخلاء المناطق المأهولة قرب الأنابيب، مضيفا بأن الأمر يخص 215 بلدية· في انتظار ذلك فإن القطاع وضع خطة لمعالجة الوضع تقوم على مرحلتين الأولى عبارة عن حملة تحسيسية وإعلامية لإثارة الموضوع والثانية تتعلق بأقلمة التدابير والإجراءات التشريعية بالوضع الراهن سعيا لحماية المواطن والمنشآت· وتعمل سوناطراك حاليا عبر برنامج خصص له مليار دولار على إعادة تهيئة بعض الأنابيب وتغيير مسار بعضها الآخر مع الحرص على تجنب المباني عند انجاز الأنابيب الجديدة، وبين 2001 و2006 تم تفتيش 1854 كلم من الأنابيب وتغيير 2135 كلم أي 13 بالمائة من مجموع الشبكة البالغة 16000كلم والمدعوة للتوسع مستقبلا لتصل إلى أكثر من 21000 كلم من هنا إلى 2011 ·ويشدد القطاع على ضرورة إيجاد حلول عاجلة للظاهرة عبر ميكانيزم يسمح بتنسيق جميع الأطراف على اعتبار أن شبكة نقل المحروقات تعد استراتيجية ليس فقط لأنها تسمح بتزويد السوق الداخلية بالطاقة ولكن بالأخص لأنها تساهم في تصدير المحروقات إلى الخارج، وهي المورد الأهم للمداخيل بالنسبة للجزائر التي سيربطها بأوروبا من هنا إلى 2010 أربعة أنابيب·