بقدر ما يقترب صدور قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم حول الملف، الذي قدمته الاتحادية الجزائرية لهذا الأخير، بقدر ما يزداد قلق وشغف الجزائريين للتعرف على حقيقة ما جرى في تلك الليلة "البليدية"، التي انهزم فيها المنتخب الوطني، وتأهل على حسابه، خصمه الكاميروني، لتصفيات كأس العالم 2022. فرج أم خيبة؟ تساؤل أصبح ينتاب الجميع منذ أن قررت "الفيفا" التكفل بملف هذه القضية، من أجل تنوير الرأي العام الرياضي الدولي، والرد بشكل قاطع على اتهامات الجزائريين الموجهة ضد الحكم الغامبي باكاري غاساما، الذي تحوم حوله شكوك كبيرة بشأن حقيقة عدم نزاهته، التي أدار بها تلك المباراة، وكأنه جاء إلى البليدة لقتل بدم بارد، أمل الجزائريين، في افتكاك تأشيرة التأهل إلى المونديال القطري. ينبغي الإشارة إلى أن ملف الجزائرالكاميرون أخذ اتجاها قانونيا بحتا، اختارته "الفاف" لإيداع ملفها لدى "الفيفا"، ويضم تقريرا مفصلا عن الأخطاء التي ارتكبها باكاري غاساما، وموقفه الملفت للانتباه في كثير من مراحل تلك المباراة، وجاءت أهمية تركيز الاتحادية الجزائرية على هذا الجانب، من حيث أنه يسمح باكتشاف أخطاء الحكم الغامبي عبر تقنيات لجنة "الفار"، فضلا عن أن هذه الأخيرة، لا يمكن تجاوز ملاحظاتها. حملة إعلامية هوجاء للجزائريين و"الفيفا" تحت الضغط الجانب الثاني إعلامي بحت، ظهر بشكل خاص عبر شبكة التواصل الاجتماعي، التي لعب فيها روادها الجزائريون دورا حاسما، في إبراز حقيقة ما حدث في تلك المباراة، عبر إطلاق حملة هوجاء وصلت ارتداداتها إلى الجهات الأربعة للعالم، وتفاعلت معها الأوساط الدولية الرياضية، وأتاحت الفرصة لكثير من النقاد الرياضيين المشهورين للإدلاء برأيهم في هذا الموضوع، هذه الحملة لم تتوقف عند هذا الحد، بل ذهبت إلى حد التأكيد على وجود مؤامرة ضد المنتخب الوطني، لمنعه من الوصول إلى نهائيات كأس العالم 2022، واتهمت عدة أطراف رياضية بضلوعها في هذه المؤامرة، ووضعت في مقدمة المتهمين الاتحادية الكاميرونية والحكم الغامبي، ودوائر لها تأثيرات قوية داخل الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم. لم تعلن "الفيفا" إلى حد الآن، عن انطلاقها في فتح تحريات، حول هذا الموضوع، لكنها تعيش هذه الأيام ضغوطا كبيرة بسبب هذه القضية، في البداية لم تعر "الفيفا" أي اهتمام لما حدث من أخطاء تحكيمية في تلك المباراة، بل أن رئيسها الإيطالي جياني إينفانتينو، حاول تبرير ما لم يشاهده هو بنفسه، لما قال بأنه لم يتابع المباراة بين "الأفناك" و"الأسود غير المروضة"، مضيفا أن أخطاء التحكيم قد تقع في أي لقاء، وهو تصريح كان يوحي به إلى رفض هيئته فتح أي تحقيق في واقعة "مصطفى تشاكر"، غير أن المسؤول الأول عن أكبر هيئة عالمية في كرة القدم، لم يكن يتوقع صدور ردود أفعال عديدة عبر العالم حول هذه القضية، التي تناولتها أكبر وسائل الإعلام الرياضية المرئية والمكتوبة، والمواقع المختصة في شؤون كرة القدم، وكانت أغلبية كبيرة من التعاليق تنذر "الفيفا"، بضرورة البحث عما حدث في لقاء الجزائرالكاميرون، وقد وصل الأمر إلى حد تدخل بعض المنظمات الرياضية، منها المنظمة الرياضية العالمية المستقلة (OMSAC)، التي يرأسها الجزائري مراد مازار. ويهدف نشاطها إلى محاربة جميع أشكال الفساد في الوسط الرياضي، حيث استنكرت هذه المنظمة التحكيم الشرير والفاضح للغامبي باكاري غاساما، متسائلة عن رفض هذا الأخير التعامل مع الهيئة التقنية "الفار"، في اللقطات المشبوهة، وتابعت المنظمة: "لقد أثبتت تقارير الحكام الألمان المسؤولين عن الفار، من خلال الصوت والفيديو، أن الحكم غاساما تعمد رفض الرد على تحذيراتهم، حول ضرورة العودة إلى حكم الفيديو المساعد، لتأكيد قراراته التحكيمية السيئة والحكم عليها، وعلى ضوء العناصر المسجلة لدى خبرائنا من قسم التحقيقات، فإنه بات واضحا أن هناك فساد، لتحقيق النتيجة التي نعرفها". "الفار" قد ينصف الجزائر كما أن هذه القضية كانت محل مواقف عديدة، لدى حكام ولاعبين دوليين سابقين، أبدوا آراء صبت الكثير منها في اتجاه واحد، وهو ضرورة فتح تحقيق بشأن رفض الحكم الغامبي باكاري غاساما، الرد على نداء حكام الفار، موقفه في هذا المجال طرح عدة تساؤلات. أخطاء غاساما كانت عديدة، يكتشفها الملاحظ العادي، والشكوك حول تحيزه لصالح الزوار توسعت رقعتها، إلى درجة أنه رفض الاستماع إلى نداءات حكام تقنية الفار الألمانيين، الذين توجد بحوزتهم كل التسجيلات الصوتية، التي تشكل بالنسبة للاتحادية الجزائرية دليلا واضحا، يؤكد أن الحكم الغامبي جاء إلى ملعب البليدة بنية واضحة، وهي ترجيح كفة اللاعبين الكاميرونيين على حساب اللاعبين الجزائريين. التحقيق مع لجنة "الفار"، ستكون في نظر الاختصاصيين كافية لإدانة الحكم باكاري غاساما، وتحميله مسؤولية الأخطاء التي أدت إلى إقصاء الجزائر في تصفيات كأس العالم 2022. نحو تحويل الملف إلى المحكمة الرياضية الدولية من جهتهم، أكد خبراء واختصاصيون ملمين جيدا بحيثيات هذه القضية، أن ملف الجزائر - الكاميرون شائك جدا، لا يمكن الحكم فيه بسرعة، وأنه سيضع الاتحاد الدولي لكرة القدم في موقف حرج جدا، قد يدفع به الأمر إلى اتخاذ قرار تحويله إلى المحكمة الرياضية الدولية الموجودة بالمدينة السويسرية لوزان، كون هذه المحكمة، تحوز على كل الأدوات القانونية للبت والحسم بصفة نهائية في هذه القضية، حيث أن قراراتها ملزمة على كل الهيئات الرياضية، بما فيها "الفيفا".