تحافظ ربات البيوت بعاصمة الشرق، على عادات وتقاليد توارثنها من الأمهات والجدات، خاصة في المطبخ، خلال شهر رمضان الفضيل، حيث تزيَّن موائد الإفطار بأطباق تقليدية، تختلف قيمتها الغذائية من طبق إلى آخر، ترفع من نشاط الصائم بعد ساعات من الامتناع عن الأكل، وتستجيب لمقياس اللذة، خاصة أنها تحضَّر باللحم والدجاج وكذا الخضروات. من بين المناسبات التي تستدعي تحضير أطباق تقليدية خلال شهر رمضان بقسنطينة، ليلة النصف من رمضان، الإفطار رقم 14 في هذا الشهر الفضيل، حيث تخص سيدات قسنطينة ضمن العادات المتوارَثة، هذه الليلة، بأطباق خاصة، شأنها شأن ليلة أول إفطار، وليلة السابع والعشرين من رمضان. كما تتفنن ربات البيوت في أعداد الأطباق الشهية واللذيذة. ومن بين الأطباق التي يتم تحضيرها في منتصف رمضان، احتفالا بالمقدرة والتوفيق من الله على صوم نصف الشهر الفضيل في انتظار استكمال النصف الآخر، طبق الشخشوخة، الذي يُعد من بين أشهر العجائن التي يتم تقديمها على موائد الجزائريين، باختلاف البهارات من منطقة إلى أخرى، حيث يتم تقديم هذا الطبق المزيّن باللحم والدجاج وكذا الحمص والفلفل الحار، ساخنا، حتى يكون في اللذة المنشودة. طبق العجين الذي غالبا ما يكون وجبة دسمة، يقدَّم بعد الطبق الأساس الذي لا تستغني عنه أي عائلة بعاصمة الشرق طيلة شهر رمضان، وهو طبق الشربة، أو كما يصطلح عليه باسم الجاري فريك، الذي يحضَّر بالطماطم في شكلها الطبيعي، تضاف إليه بعض الطماطم المصبّرة مع نوع من الحبوب المطحونة "الفريك"، وهو عبارة عن قمح يتم جنيه قبل أن يجف، ويعرَف، أيضا في دول أخرى، باسم الحنطة الخضراء، كل هذا بدون نسيان اللحم والدجاج، حتى إن هناك من يضيف كريات اللحم المفروم إلى طبق الشوربة. وتفضل عائلات أخرى الخروج عن المألوف خلال تحضير وجبة الإفطار الخاصة بمنتصف شهر رمضان بدون الخروج، طبعا، عن الأطباق التقليدية، فهناك عدد قليل من العائلات التي تفضل طبق الكسكسي المشهور عبر كامل التراب الوطني، سواء بالمرق الأحمر المضاف إليه الطماطم المصبرة أو بالمرق الأبيض، أو ما يصطلح عليه بين القسنطينيين، بطبق المحور المزيّن بالدجاج، واللحم، وكريات اللحم المفروم. وتفضل عائلات أخرى تحضير طبق "الشواط" الذي لا يخرج، هو الآخر، عن العجين المحضَّر من مادة السميد، إذ يتم عجنه وتهيئته على شكل طبقات رقيقة في شكل ورق، ثم يطهى فوق طاجين معدني باستعمال زيت نباتي فقط، يطلق عليه طاجين النحاس، ليتم بعدها تقطيع أوراق التريد عن طريق اليد، إلى قطع صغيرة في حجم ملعقة الأكل، قبل أن يتم وضعه يستوي على البخار، ويحضَّر مثل طبق الشخشوخة، حيث يتم وضعه فوق آنية بها العديد من الثقوب في الأسفل، يطلق عليها "الكسكاس"، التي تكون دوما فوق قدر يطلق عليه اسم "البرمة"، هذه الأخيرة يحضَّر بها مرق التريد، وعادة ما يوضع بها قطع من اللحم والدجاج تضاف إليهما بعض الخضر في شكل الجريوات "القرعة" وحبات من الحمص، مع التقليل من الفلفل الحار بسبب الصيام والخوف من تأثيره على المعدة.