يستحضر الشعب الفلسطيني اليوم ذكرى مرور 74 على "النكبة" الأكثر دموية الذي عاشته فلسطينالمحتلة وفتح الباب على مصراعيه أمام حركة صهيونية انغرزت في قلب الأمة العربية والإسلامية وعاثت فسادا في الأرض المقدسة، بعد أن قتلت وهجرت أبنائها واغتصبت وسلبت أرضها ضمن انتهاكات مازالت متواصلة إلى حد الآن. ففي مثل هذا اليوم المشؤوم من عام 1948 الذي يصادف 15 ماي من كل عام، استولت الحركة الصهيونية على أغلبية الأراضي الفلسطينية بعد أن طردت وشردت ما لا يقل عن 950 ألف فلسطيني من أراضيهم وتوزيعهم على مخيمات اللجوء حول العالم. واستنادا للجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، فإن "عصابات الإجرام الصهيوني" ارتكبت خلال سنتي 1947 و1948 أكثر من سبعين مجزرة في مدن وقرى فلسطين التاريخية وقتلت أكثر من 15 ألف فلسطيني وأزالت مئات القرى والتجمّعات الفلسطينية عن الوجود، الأمر الذي شكل "بداية مأساة شعب بأكمله" ليطلق على هذا اليوم يوم "النكبة". وفتح الاحتلال بالمقابل باب الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية على مصراعيه وعمل على جلب مستوطنين جدد من شتى بقاع المعمورة وسعى إلى تهويد الأراضي والمقدسات الفلسطينية وتزييف الحقائق والتاريخ على حساب أصحاب الأرض الأصليين. وفقا للإحصاء الفلسطيني، تغتصب القوة القائمة بالاحتلال حاليا أكثر من 85 من المئة من مساحة فلسطين التاريخية البالغة 27 ألف كلم مربع ويعيش فيها قرابة سبعة ملايين محتل صهيوني. ومع ذلك يرى مراقبون للمشهد الفلسطيني أن "المشروع الصهيوني لم يكتمل بعد في فلسطين التاريخية" كون المخطط يستهدف الاستيلاء على كامل مساحة فلسطين وترحيل جميع أبناء الشعب الفلسطيني من أرضهم وممتلكاتهم. ولعل ما يؤكد هذا المشروع هو مصادقة الاحتلال، يومين قبل حلول الذكرى 74 للنكبة على قرار إقامة 4500 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية على حساب 12 قرية فلسطينية، ضاربة عرض الحائط مواقف المجتمع الدولي الذي أجمع على اعتبار الاستيطان "غير قانوني ومخالف لقرارات الشرعية الدولية". وردا على هذا المخطط طالبت القيادة والقوى والمنظمات الأهلية الفلسطينية ب«تدخل فوري" للأمم المتحدة ومؤسساتها لوقف هذا "التغول الاستيطاني" واتخاذ التدابير الكفيلة بمنع تنفيذ هذا المشروع الذي يدخل في إطار نهج الاستيطان الذي دأبت عليه حكومات الاحتلال المتعاقبة والذي "يعتبر تعديا واستهتارا سافرا بكل الدعوات والمناشدات الدولية التي تطالب بوقفه". وتحل ذكرى النكبة والاحتلال الصهيوني يواصل جرائمه على جميع المستويات ضد الفلسطينيين العزل ومقدساتهم مادام لم يجد لحد ساعة جهة قادرة على ردعه وايقافه عند حده ومحاسبته. فبينما يكثف المستوطنون وقوات الاحتلال اقتحامهم لباحات آولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لفرض التقسيم الزماني والمكاني على الحرم القدسي الشريف، تسارعت وتيرة هدم المنازل والاخلاء القسري لبيوت الفلسطينيين لصالح المستوطنين اليهود إلى جانب ممارسات القتل والاعتقال والإبعاد التي ترتقي إلى "جرائم حرب" بتأكيد حتى المنظمات الدولية. وفي سياق الحرب المفتوحة على كل ما هو فلسطيني، تدخل جريمة اغتيال الاحتلال للصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة "الجزيرة" في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بشكل متعمد خلال تغطيتها عملية اقتحام جنود الاحتلال الصهيوني لمخيم جنين في الضفة الغربية رغم أنها كانت ترتدي سترة الصحافة. وهي جريمة هدفها واضح لا غبار عليه وهو "إسكات الحقائق والتغطية على الجرائم" الصهيونية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني ومؤسساته ومقدساته. ولتأكيد تمسكهم بحقهم الشرعي في أرضهم المغتصبة والذي تقره الشرعية الدولية، يواصل الشعب الفلسطيني نضاله بمختلف الوسائل والأساليب المتاحة بما فيها المرابطة في المسجد الأقصى والوقوف في وجه الاقتحامات المتكررة للبلدات والقرى والمدن وشنّ الإضرابات والوقفات الاحتجاجية والإضراب عن الطعام. ويؤكد الفلسطينيون، أنه رغم كل السنين التي مرت إلا أنهم متمسكون بحق العودة إلى الوطن الأم الذي أجبروا على مغادرته مرغمين وفق مخطط ممنهج بمجازر القتل والسلب والدمار. وفي هذا السياق، أكد أعضاء من الجالية الفلسطينية المقيمة بالجزائر على أن حق العودة للفلسطينيين الذين هجروا وشردوا خلال نكبة احتلال الصهاينة لأرض فلسطين التاريخية "لن يسقط بالتقادم" لأن "الصراع محسوم لصالح الفلسطينيين أصحاب الأرض ومراهنة المحتل على النسيان وهم كبير".