تعود اليوم، ذكرى النكبة التي ألمت قبل 65 عاما بالشعب الفلسطيني، وأرض فلسطين التاريخية، لا تزال تئن تحت وطأة احتلال صهيوني غاشم لم يترك شبرا من الأرض المقدسة إلا ودنسه وعاث فيه فسادا. وإذا كانت ذكرى النكبة التي يحييها الفلسطينيون في 15 ماي من كل عام، تعيد لأذهانهم ما عايشه آباؤهم وأجدادهم من مجازر وجحيم على يد جماعات "الهاغانا" و«الاراغون" الصهيونية الإرهابية التي قتلت وشردت وهجرت بكل دم بارد ملايين الفلسطينيين، فإنهم اليوم يتجرعون مرارة تلك المأساة وهم يرون ما بقي من أرضهم وقد تآكلت في ظل سياسة استيطان ومخططات تهويدية مكثفة غيرت معالم فلسطين التاريخية. وشرع الفلسطينيون منذ أمس، في إحياء هذه الذكرى الأليمة من خلال زراعة أشجار بأسماء القرى المهجورة ورفعوا الأعلام الفلسطينية في مختلف مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أقيمت مسيرات مشاعل ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، تم خلالها حمل 65 مشعلا بعدد سنوات النكبة. وتشهد مدينة رام الله اليوم، تنظيم اعتصام أمام مقر هيئة الأممالمتحدة، يجري خلاله تسليم المفوض الدولي رسالة وعريضة إمضاءات بطول 10 أمتار، تطالب المجتمع الدولي الضغط على الاحتلال للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، في نفس الوقت الذي تشهد فيه مدينة جنين إقامة جدارية فنية ضخمة تضم أسماء القرى المدمرة وترسم مراحل النكبة واللجوء منذ عام 1948 وحتى اليوم. وسيتم تخصيص حيز مستقل لكل محطة من محطات المعاناة .. كما سيتم إطفاء الأنوار لمدة 65 ثانية، في إشارة إلى الظلام والقهر الذي ألحقته النكبة بأبناء الشعب الفلسطيني. وهي كلها فعاليات أراد الشعب الفلسطيني من خلالها تأكيد صموده والتمسك بمقاومته وكفاحه ضد المحتل الصهيوني، وعزمه على استرجاع حقوقه المغتصبة وأرضه المنهوبة، وهو الذي تمكن من كسب معركة في مسار حرب طويلة بعدما حصل في نوفمبر من العام الماضي على صفة الدولة غير عضو بالأممالمتحدة، في خطوة حتى وإن كانت رمزية تُبقي الأمل قائما في التوصل يوما إلى تحقيق حلمهم في إقامة دولتهم المستقلة. ويدرك الفلسطينيون قبل غيرهم أن بلوغ هذا الحلم الذي كلفهم ولا يزال يكلفهم المزيد من التضحيات لا يتحقق دون وحدة الصف ولم الشمل في بيت فلسطيني واحد لمواجهة عدو واحد. ولأجل ذلك، فهم مطالبون شعبا وفصائل بترك خلافاتهم جانبا والقفز على المصالح الشخصية لتحقيق اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي لا يزال يراوح مكانه، رغم الاجتماعات واللقاءات والتحركات بين مختلف القادة والمسؤولين الفلسطينيين طيلة الفترة الماضية لترجمة بنود هذا الاتفاق على أرض الواقع. وفي انتظار تحقيق الوحدة الفلسطينية، فإن النكبة تأتي وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لا يزال يستغيث وسط تكالب المجموعات اليهودية المتطرفة على تدنيسه واقتحامه بدعم من قوات الاحتلال. وأمام هذا الوضع المؤلم، لم تجد جامعة الدول العربية من شيء تفعله سوى مطالبة الدول العربية إلى الالتزام بدعم صمود أهل المقدس والشعب الفلسطيني لمواجهة مخططات الاحتلال الإسرائيلي. ووجهت بمناسبة الذكرى ال65 ليوم النكبة، رسالة للعالم ولسلطات الاحتلال الإسرائيلي، مفادها أن الطريق الذي سلكته إسرائيل في العقود الماضية للعنف والقتل والإرهاب ومصادرة الأراضي، لن تفضي إلى شيء ولن يثني الشعب الفلسطيني عن مواصلة نضاله حتى نيل حقوقه في إقامة دولته المستقلة.