❊ ملتزمون بدعم الاستثمارات في الجزائر ❊ العلاقات السعودية – الجزائرية ناضجة وواعية بمقدراتها وإمكانياتها ❊الجزائر مؤهلة لأن تكون في مصاف الدول الكبرى في مختلف المجالات ❊ترقية التعاون الاقتصادي بين الجزائر والمملكة في حاجة إلى دفعة قوية لتوسيعه ❊ الجزائر ستتعامل من خلال مقعدها في مجلس الأمن بحنكة مع الكثير من الملفات الدولية وبالخصوص الملفات العربية أكد سفير المملكة العربية السعودية في الجزائر، عبد الله بن ناصر البصيري، أن الجزائر تعرف انفتاحا كبيرا، في مجال الاستثمارات، ولا سيما باتجاه الدول العربية الشقيقة، حيث يعمل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على عقد شراكات استراتيجية مع أشقائه العرب، ويحرص على إزالة المعوقات والحواجز التي كانت تقف أمام الاستثمار الأجنبي لدخول السوق الجزائرية، معربا عن الالتزام الدائم للمملكة لمرافقة الجزائر في كل المساعي والمشاريع الرامية إلى تحقيق ازدهارها ورقيها. قال السفير في حوار أجراه مع "المساء"، إن صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سيزور الجزائر في وقت قريب، مؤكدا أن العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين، قائمة على العديد من النقاط الاستراتيجية التي ستعمل المملكة على تعزيزها في مختلف القطاعات وتوثيقها باتفاقات ومذكرات تفاهم تؤسس لمرحلة تعاون واقعي ملموس يعود بالخير على البلدين والشعبين الشقيقين ويحفظ سيادتهما المحترمة من طرف كل جانب. كيف يمكن تقييم العلاقات بين الجزائر والمملكة العربية السعودية اليوم، وما هي آفاق تطويرها؟ سعادة السفير: كإجابة مختصرة ومباشرة أقول: هي علاقة أشقاء.. أعني أنها علاقة عامرة بالود والاعتزاز المتبادل واجتماع القلوب. أما لو أردت جوابا مفصلا فإنني أقول بكل فخر إنها علاقات أخوة راسخة تقوم على واقع ضخم من المشتركات والمصالح الواحدة، كما تتميز بالديناميكية المستمرة، فهي في حالة تفاعل دائم وتحقق مخرجات إيجابية متتالية، وأعتقد أن أفضل وصف للعلاقات السعودية – الجزائرية هو أنها علاقات ناضجة وواعية بمقدراتها وإمكانياتها، وأنها تسير في نفس الاتجاه وهو مصالح الشعبين الشقيقين أولاً وآخراً. وإذا أردنا أن نستقرئ مستقبل العلاقات الثنائية، فإنه يكفينا قراءة مشهد زيارة سمو وزير خارجية المملكة الأمير فيصل بن فرحان آل سعود في 18 ماي إلى الجزائر، لندرك أنه مستقبل مشرق وواعد جدا، فقد كانت الزيارة ناجحة جداً وكانت اللقاءات التي جمعت سموه بفخامة الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره معالي وزير الشؤون الخارجية والجالية الجزائرية في الخارج، السيد رمطان لعمامرة في غاية الأهمية وفي أجواء إيجابية جداً. هل هناك زيارة مرتقبة لصاحب السمو الأمير ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الى الجزائر؟ بالفعل ستكون هناك زيارة، ولكن لم يتم تحديد موعدها بعد. خلال زيارة وزير الخارجية السعودي إلى الجزائر، أعلن عن دعم المملكة لعضوية الجزائر في مجلس الأمن الدولي، ما هي منطلقات المملكة في تقديم هذا الدعم؟ أود القول في هذا الصدد أن دعم المملكة للجزائر لهذه العضوية هو امتداد في المقام الأول للعلاقات الإيجابية التي تربط بين البلدين، وفي المقام الثاني، تقدر المملكة حجم الجزائر الإقليمي والدولي وخبرتها العميقة الممتدة على مدار عقود في الشؤون الدبلوماسية الدولية والسعي إلى تقريب وجهات النظر.. وبالتالي فإن المملكة ترى أن الجزائر باستلامها مقعداً في مجلس الأمن ستتعامل بحنكة واقتدار مع الكثير من الملفات الدولية بشكل عام والملفات العربية بشكل خاص. ما قيمة التعاون الاقتصادي بين البلدين (مبادلات تجارية واستثمارات)، وهل هناك إمكانيات لترقيتها؟ المتابع للعلاقات الاقتصادية (الجزائرية - السعودية) سيلمس بالتأكيد المنحى التصاعدي الذي تتخذه المبادلات التجارية بين البلدين الشقيقين خلال الفترة الأخيرة والتي فاقت قيمتها السنوية حدود (622 مليون دولار) بالرغم من تأثيرات جائحة (كوفيد-19) على تدفقات التجارة الدولية وحركة نقل البضائع والسلع، وأوّد أن أنّوه في هذا المقام بأن حجم الصادرات الجزائرية نحو المملكة شهد ارتفاعاً لافتاً خلال عام 2020م بلغ حدود (+261.54%) وهو تطور هام يحمل دلالة واضحة على الأسس القوية والصلبة التي تقوم عليها العلاقات الاقتصادية بين البلدين الشقيقين. وفيما يتعلق بالاستثمارات السعودية في الجزائر فهي في تزايد مستمر قاربت قيمتها حدود نصف المليار دولار أمريكي وترحب المملكة العربية السعودية بكافة المستثمرين الجزائريين الراغبين في دخول السوق السعودية والخليجية. كما تلتزم بإزالة أي معوقات قد تقف أمام نفاذ الصادرات الجزائرية إلى السوق السعودي الواسع. وحول إمكانية ترقية التعاون الاقتصادي بين الجزائر والمملكة، فإنه يمكن القول أنه لا يزال في حاجة إلى دفعة قوية لتوسيعه وتنويعه بما يتوافق مع طموحات قيادتي وشعبي الدولتين الشقيقتين. ومنذ تسلّمي مهامي كرئيس للبعثة السعودية لدى الجزائر في شهر سبتمبر 2021، التقيت بعدد من الوزراء الجزائريين، والمسؤولين الحكوميين، ورجال أعمال محليين، حيث كانت هذه اللقاءات مثمرة جداً تم خلالها استعراض واقع العلاقات الاقتصادية بين البلدين الشقيقين وسبل توطيدها وتعزيزها، ولمست رغبة من الجانب الجزائري للدفع بالعلاقات الاقتصادية الثنائية في اتجاه الازدهار وجعلها من الجوانب الأساسية في العلاقات بين البلدين وهي الرغبة ذاتها التي يبديها الجانب السعودي، وأؤكد لكم أن الجزائر مؤهلة لأن تكون في مصاف الدول الكبرى في مختلف المجالات (الطاقة والمناجم، الزراعة، السياحة، الصناعة، النقل) بالنظر إلى المقومات الطبيعية والبشرية التي تحوزها وجعلتها محل اهتمام المستثمرين من مختلف الدول ومن بينهم رجال الأعمال السعوديون. ولا يفوتني في هذا الصدد أن أثمّن الانفتاح الذي يبديه فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية السيد عبد المجيد تبون على عقد شراكات استراتيجية مع أشقائه العرب وحرصه على إزالة المعوقات والحواجز التي كانت تقف أمام الاستثمار الأجنبي لدخول السوق الجزائرية. ما هي أبرز مشاريع الشراكة المجسدة والمسجلة للتجسيد على مدى المتوسط والقصير بين البلدين؟ الواقع أن المشاريع السعودية أو المساهمة السعودية في المشاريع التنموية في الجزائر ليست بالأمر الجديد وإنما تعود إلى عقود ماضية، منذ الزيارة التي قام بها الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود (رحمه الله) إلى الجزائر في عام 1982. وتم خلالها التوقيع على بيان لإنشاء اللجنة المشتركة (الجزائرية - السعودية)، وصولا إلى زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الجزائر يومي 2-3 ديسمبر 2018، والتي جرى خلالها الاتفاق على إنشاء مجلس أعلى للتنسيق بين البلدين في مختلف المجالات من بينها الشق الاقتصادي في العلاقات البينية. وقد استمرت اللجنة المشتركة منذ أول اجتماع لها في العمل على تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين على المستوى الحكومي، وتمكنت من إحداث تقدّم واضح في التعاون الاستثماري الثنائي، وكانت آخر دورة للجنة المشتركة (الدورة 13) التي عقدت يومي 17-18 أفريل 2018، في الرياض تزامناً مع اجتماعات الدورة (11) لمجلس الأعمال المشترك الذي يضم كبرى الشركات من الجانبين ويضطلع بمهمة التنسيق بين القطاع الخاص في البلدين، ومن المنتظر ان ينتقل التعاون الاستثماري بين البلدين إلى مستويات أرحب خلال الفترة القادمة (فترة ما بعد كورونا) من خلال تجسيد مشاريع كبرى في شتى المجالات ومنها الطاقة، والسياحة، والإسكان، والصناعة، والنقل. وجدير بالذكر أن المستثمرين السعوديين، كانوا من السّباقين إلى دخول السوق الجزائرية حيث أطلقوا العديد من المشاريع التنموية في شتى المجالات من أبرزها (الإسكان، الزراعة، صناعة الأدوية، السياحة، الصناعة الغذائية، المجال الطبي، البُنى التحتية، الكيماويات، الصناعة التحويلية.. وغيرها، ويوجد العديد من المستثمرين السعوديين الفاعلين في السوق الجزائرية فاق عددهم 16 شركة. ما هي أهم الاتفاقيات التجارية والاستثمارية القائمة حالياً بين البلدين ؟ في الحقيقة تنقسم الاتفاقيات التجارية بين البلدين حسب القطاع الذي تنتمي إليه، فعلى صعيد القطاع الحكومي هناك اتفاق تعاون ثقافي واقتصادي وفني، وكذلك مذكرة تفاهم في مجال حماية المستهلك ومراقبة السلع والخدمات، وبرنامج تعاون فني مع المعهد الجزائري للتقييس، بالإضافة إلى اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، أما على صعيد القطاع الخاص، فإن هناك مذكرة تفاهم حول تأسيس مجلس الأعمال السعودي- الجزائري بين مجلس الغرف السعودية والغرف التجارية الصناعية الجزائرية. سعادة السفير، ما هي الجوانب التي ترى أن تحقيقها سيساهم في دفع عجلة الاستثمار السعودي في الجزائر؟ ج - في الحقيقة هناك بعض الأمور التي تحتاج إلى مراجعة دقيقة والعمل على تحقيقها بالشكل الذي يخدم العلاقة الاستثمارية بين البلدين، فعلى سبيل المثال، لا توجد خطوط شحن بحري مباشر بين المملكة والجزائر، الأمر الذي يترتب عليه ارتفاع تكاليف الشحن وتأخر وصول الشحنات. هناك أيضاً حاجة إلى قيام الجزائر بتفعيل اتفاقية منطقة التجارة العربية الكبرى، فيما يخص المنتجات ذات المنشأ العربي، وبالتالي سينعكس هذا الأمر على انخفاض الرسوم الجمركية على صادرات المملكة إلى الجزائر. فيما يخص مجال السياحة، كيف تعتزم المملكة العربية السعودية الاستثمار في هذا المجال. المملكة في الحقيقة عبارة عن أرض غنية بالكنوز التاريخية والأثرية الخبيئة، وجغرافيتنا ولله الحمد ثرية ومتنوعة، أما فيما يخص الاستثمار في السياحة، فإن المملكة أصبحت بيئة واعدة جداً نظراً لأنها قادمة بقوة كوجهة سياحية فريدة، وأنا على يقين أن الجزائر أيضاً تتميز بنفس الفرص، ولذلك، فإن المملكة ترحب جداً بأي تعاون في المجال السياحي مع الجزائر الشقيقة، ولا بد من تبادل الخبرات بين الجانبين والإعداد لبنية تحتية مناسبة للاقتصاد السياحي في البلدين، عبر عدد من الوسائل ومن أهمها سن التشريعات الملائمة لحماية الاستثمار السياحي وضمان استمراريته وتطويره. هل من إجراءات جديدة تخص طالبي التأشيرة السياحية للدخول إلى أراضي المملكة، وهل من تسهيلات لفائدة الجزائريين؟ فيما يخص إجراءات طلب التأشيرة لدخول المملكة، يتم تحديثها باستمرار، وحاليا هي ميسرة للراغبين في زيارة المملكة مع مراعاة الشروط الخاصة بالإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا، ما أود قوله في هذا السياق هو أن المملكة اليوم فتحت أبوابها للسياح من كافة الدول الشقيقة والصديقة، ونعتبر زيارة هؤلاء السياح للمملكة مكسباً معرفياً وثقافياً وترفيهياً وفي أجواء عامرة بالود وكرم الضيافة السعودية الأصيلة. فرضت الوضعية الوبائية الناتجة عن انتشار جائحة كورونا منذ 2019، تنسيقا وتعاونا بين العديد من الدول من بينها التعاون بين الجزائر والمملكة العربية السعودية، ما هي أبرز العمليات التي شملت التعاون بين بلدينا في هذا المجال؟ التنسيق بين المملكة والشقيقة الجزائر لم يتوقف.. خصوصاً خلال جائحة كورونا، وقد كان موضوع رحلات الحج والعمرة على رأس المواضيع التي استمر التنسيق بشأنها بين البلدين، وأود هنا أن أُشيد بتفهم السلطات الجزائرية والشعب الجزائري للقيود التي اضطرت المملكة لوضعها لمواجهة انتشار الجائحة ولحماية قاصدي المشاعر المقدسة التي تعتبر أولوية مطلقة بالنسبة للقيادة في المملكة، كذلك لا يفوتني أن أشكر وزارة الشؤون الدينية الأوقاف والديوان الوطني للحج والعمرة على تواصلهما المستمر مع السفارة والتنسيق معها في كل ما من شأنه تسهيل الأمر للمعتمرين. بسبب هذه الجائحة اضطرت السلطات السعودية إلى تحديد فئة الحجيج والمعتمرين خلال الموسمين الماضيين، ما أدى إلى حرمان الحجيج الجزائريين من تأدية الشعيرتين لموسمين متتاليين، مقابل حصة محدودة جدا خلال الموسم الجاري. ما تعليقكم في هذا الشأن؟ صحيح أن العالم على وشك الانتصار على الجائحة بإذن الله، ولكن لا تزال هناك مخاوف على صحة الحجاج إذا تواجدوا بنفس الزخم السابق في المشاعر المقدسة من هنا، وحرصاً على ضيوف الرحمن، ارتأت المملكة تحديد عدد الحجاج لموسم 1443 بمليون حاج وهو ما سينعكس سلباً بالتالي على نسبة الحجاج الجزائريين. إننا نتفهم تماماً ما سيسببه ذلك من حزن لكثير من الراغبين في أداء فريضة الحج الذين فاض بهم الشوق إلى هذه الفريضة، إلا أننا لا يسعنا في المملكة السماح بتعريض ضيوف الرحمن الأعزاء إلى أي خطر يهدد صحتهم وسلامتهم، ولكننا على كل حال نتطلع بالكثير من التفاؤل أن تزول الجائحة تماماً في العام المقبل إن شاء الله وأن تعود النسب المقررة لحجاج الجزائر وغيرها إلى سابقتها، بل وربما إلى أعلى بإذن المولى عز وجل. هل ستمنح السفارة تأشيرات مجاملة للراغبين في أداء مناسك الحج هذا العام؟ لا وجود لتأشيرات مجاملة، وأقول وأكرر كل ما يخص الحج، يجب أن يمر عبر الديوان الوطني للحج والعمرة، لذا فإن السفارة لن تمنح أي تأشيرات خارج هذا الإطار. كيف وجدتم الجزائر؟ جنة فوق الأرض، ولاياتها جميلة جدا، استمتعت بزيارة العديد منها على غرار ولاية وهران، التي احتضنت الافتتاح الأسطوري للألعاب المتوسطية، والذي كان بمواصفات عالمية بتنظيم عال لم يشهد له مثيل، فهنيئا للجزائر على الاحتراف الكبير الذي أبانته، ضف إلى ذلك فإن أكبر سمة يتميز بها الجزائريون هي إكرام الضيف وحسن استقباله، وأتمنى أن أزور ولاية تلمسان العريقة، والتعرف الى باقي ولايات الجزائر الشقيقة. هل تذوقتم أطباقنا المشهورة على غرار طبق الكسكسي؟ والله لم يتسن لي بعد تذوق الأكل الجزائري، خاصة الكسكسي، لأنني أفضل تناول أطباقنا على غرار "الكبسة"، وبطبعي لا أحبذ تغيير نظامي الغذائي. لكني سأعقد العزم يوما وأتذوق الكسكسي الجزائري الشهير.