يحيي الأئمة الجزائريون، اليوم الخميس، يومهم الوطني، المصادف ل15 سبتمبر من كل سنة والذي أقره رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، تقديرا وعرفانا للأدوار العلمية والثقافية والاجتماعية التي يضطلع بها الأئمة. وأقر الرئيس تبون هذا اليوم الوطني، الذي يتزامن مع الذكرى السنوية لوفاة الشيخ سيدي محمد بلكبير، من خلال رسالة وجهها للمشاركين في الملتقى الوطني 19 لإحياء ذكرى وفاة الشيخ بلكبير بمدينة أدرار سنة 2021. وصدر مرسوم رئاسي حمل رقم 22-214 ومؤرخ بيوم 8 ذي القعدة عام 1443 الموافق ل 8جوان سنة 2022 في العدد 40 للجريدة الرسمية، الصادر شهر جوان الماضي، تضمن ترسيم 15 سبتمبر يوما وطنيا للإمام. ويحتفل بهذا اليوم في كل سنة عبر كامل التراب الوطني من خلال تظاهرات متنوعة وأنشطة دينية، تقديرا لمقام الإمام ومكانته ودوره العلمي والثقافي والاجتماعي في مجال تدعيم قواعد المرجعية الدينية وتعزيز الهوية الوطنية. وأشاد رئيس الجمهورية في الرسالة التي وجهها للمشاركين في الملتقى الوطني 19 لإحياء ذكرى وفاة الشيخ سيدي محمد بلكبير، ب«جهود واجتهادات الأئمة"، حيث أشار إلى أنه "من رحاب المساجد والزوايا، انطلقت قوافل المجاهدين والشهداء، بدءا من الثورات الشعبية المباركة، إلى ثورة نوفمبر الخالدة، كما أفشلت جهود ومساعي سادتنا الأئمة، مخططات تمزيق الوطن ووحدته، بتصديهم للمؤامرات والمكائد". كما أبرز أنه "بعد استقلال الجزائر واسترجاع السيادة الوطنية، انتقل الإمام مع أبناء الوطن من معركة الجهاد والتحرير إلى التنوير لبسط الوسطية والاعتدال ونبذ المغالاة والتطرف"، إلى جانب "أخلقة الحياة الاجتماعية، ونشر الفضيلة ومواجهة المحن الطارئة، والمساهمة في إطفاء نيران الفتنة كلما أراد أعداء الوطن إشعال فتيلها". ولاقى قرار اعتبار 15 سبتمبر من كل سنة، يوما وطنيا للإمام، استحسانا كبيرا من طرف أسرة المساجد والعلماء والمشايخ عبر المدارس القرآنية والزوايا وكل من احتكوا بخدمة القرآن العظيم والوطن واصفين ذلك ب«القرار التاريخي". كما استبشر الأئمة وأسرة الزوايا والمساجد بهذا اليوم الوطني الميمون الذي يصادف ذكرى وفاة أحد أعلام الجزائر الأفذاذ وأبنائها البررة الذين نذروا حياتهم خدمة للدين والوطن، الشيخ محمد بلكبير، معتبرين هذه اللحظة "محطة فارقة في إنجازات الجزائر الجديدة". وبناء على ذلك، تقدم مجموع الأئمة بشكرهم وامتنانهم للرئيس تبون، الذي أشاد بدور الإمام في المحافظة على مقومات الأمة ومكانته فيها وخدمته للمجتمع، والرامية إلى تماسك الوطن. كما يعد إقرار يوم وطني للإمام إنجازا يضاف إلى إنجازات رئيس الجمهورية في كل اللبنات التي يضعها لبناء الجزائر الجديدة على غرار اليوم الوطني للذاكرة وإعطاء المجتمع المدني حقه، كما يشكل كذلك سانحة للتكفل بالعديد من الانشغالات المتعلقة بنشاط الأئمة. ويعد الإمام الراحل الشيخ سيدي محمد بلكبير من صفوة العلماء والمصلحين، وتعتبر مدرسته أحدى ميادين التربية والتعليم والإصلاح وتكوين الأئمة وحفظة القرآن. وهو متخصص في المذهب المالكي، ولد سنة 1911 بقصر لغمارة ببلدية بودة، غرب ولاية أدرار ونشأ بين أحضان عائلة علم وساهم في تعليم القرآن الكريم وأصول الفقه لأعداد غفيرة من الطلبة من داخل وخارج الوطن، حيث تعود المرجعية الفقهية للشيخ بلكبير إلى مدرسة الحديث التي كان يتزعمها الإمام مالك حيث تميز فقهه بمزجه بمسحة التزكية والتربية والأخلاق الفاضلة والوسطية والاعتدال في أسلوبه التعليمي والدعوى، حيث عمل على غرس هذه الخصال في طلبته الذين عاصروه. وواصل الشيخ سيدي محمد بلكبير مسيرته التعليمية إلى أن وافته المنية يوم 15 سبتمبر سنة 2000.