يندرج مسعى إثراء مشروع القانون المتعلق باستحداث وكالة وطنية لتسيير الممتلكات المجمّدة والمحجوزة والمصادرة، في إطار استكمال الإطار التشريعي الخاص بملفات هذه القضايا. وترمي هذه الآلية التي أمر رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الحكومة، بإثراء مشروع القانون المتعلق باستحداثها، إلى تسيير الممتلكات المجمدة والمحجوزة والمصادرة، بإيجاد آليات أكثر مرونة لاسترجاع ممتلكات الدولة والأموال المنهوبة، المترتبة عن الممارسات السلبية التي عرفتها البلاد منذ سنوات خلت في تسيير الشأن العام وتبديد المال العام وانتشار مختلف مظاهر الفساد. وشدّد رئيس الجمهورية، خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، على ضرورة أخذ عدة نقاط بعين الاعتبار من بينها إيجاد آليات أكثر مرونة في استرجاع ممتلكات الدولة وتخفيف الإجراءات البيروقراطية، بما يمكن من استعادة كل الأموال المنهوبة وكذا انتهاج الواقعية في التعامل مع ملفات مكافحة الفساد عبر اعتماد آليات بسيطة مباشرة بعيدا عن التعقيدات التي قد تطيل عمر هذه الظاهرة. وبعد أن أبدى ارتياحه "لما تبذله بعض الدول الأوروبية من تعاون لاسترجاع الأموال المنهوبة"، شدّد الرئيس تبون على أن القانون "فوق الجميع، وأن حماية المواطن أولى الأولويات ومحور اهتمام الدولة"، مؤكدا على ضرورة "استمرار مؤسسات الدولة في متابعة كل أشكال الفساد، مهما كانت امتداداته، بالتنسيق مع الهيئات والدول المعنية". ويتعلق الأمر بمشروع تمهيدي لقانون يتمم القانون رقم 06-01 المؤرخ في 20 فيفري 2006 والمتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته والذي ينص على استحداث وكالة مختصة، مكلفة بتسيير الممتلكات المجمدة أو المحجوزة أو المصادرة في إطار مكافحة جرائم الفساد والجرائم المرتبطة بها وتحديد مهامها وكيفيات إخطارها من قبل الجهات القضائية المختصة. ويندرج نصّ هذا المشروع، في إطار "مسعى شامل ومنسق" يرمي إلى "تعزيز آليات حجز وتجميد وتحصيل عائدات الفساد وسد بعض النقائص المسجلة في الإطار التشريعي الحالي". وكشف وزير العدل حافظ الأختام، عبد الرشيد طبي مؤخرا، أن ملف استرجاع الأموال المنهوبة عرف "حركية كبيرة" من خلال تنفيذ الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ووضع اليد على الكثير من الأملاك والأموال داخل الوطن، مؤكدا أن هذا المسعى يعرف "تجاوبا دوليا كبيرا بشأن تنفيذ الإنابات القضائية بعد اقتناع المجتمع الدولي بجدية المسعى الجزائري، خاصة العمل الدبلوماسي الذي يقوم به رئيس الجمهورية". وما فتئ رئيس الجمهورية يعبر منذ توليه مقاليد الحكم عن عزمه على تخليص البلاد من جميع أشكال الفساد ومحاولات ضرب اقتصادها، من خلال تبني إطار قانوني ومؤسساتي خاص مطابق لأحكام اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد. وقد أدرجت الحكومة ضمن مخطط عملها، الذي ينبثق من الالتزامات ال54 لرئيس الجمهورية، محورا يتعلق بأخلقة الحياة العامة، التزمت من خلاله بإصلاح قانون الوقاية من الفساد ومكافحته من أجل تشديد العقوبات المرتبطة بجرائم الفساد، واعتماد آليات عملية لتسيير الأملاك المحجوزة والمصادرة وتسيير الشركات محل المتابعة القضائية في قضايا فساد وكذا اعتماد طريقة تسوية ودية تضمن استرداد الأملاك المختلسة، فضلا عن تعزيز التعاون الدولي لاستعادة الأموال المنهوبة التي تم تحويلها إلى الخارج. وسمحت جهود الدولة في هذا المجال بإطلاق 219 إنابة قضائية دولية نفذت 43 منها، وتجري معالجة 156 أخرى من قبل السلطات القضائية الأجنبية المعنية مع تشكيل لجنة خبراء مكلفة بتسيير ملف استرداد هذه الأموال بالتنسيق مع الممثليات الدبلوماسية بالخارج. كما تم إحباط محاولات إخفاء أو تبديد عائدات الفساد بفضل جهاز اليقظة الذي تم وضعه لهذا الغرض، ما سمح باسترجاع أملاك عقارية ومنقولة هامة، وتفادي تهريب هذه الأموال إلى الخارج، إضافة إلى تنفيذ الأحكام القضائية النهائية القاضية بمصادرة الأموال والأملاك المختلسة بإدراج كل ممتلكات المجمعات الاقتصادية المتورطة في قضايا الفساد في القطاع العمومي التجاري للمحافظة على أداة الإنتاج ومناصب الشغل مع ضمان مواصلة نشاط الأشخاص المعنوية "المادة 33 من قانون المالية التكميلي لسنة 2022".