شكّل حضور الدولة في الميدان أهم معالم سنة2022، واتّضح من خلال الخروج المكثف لممثليها في مهمات رصد واقع التنمية المنشودة ضمن المخططات المسطرة في هذا الشأن، خصوصا تلك المتعلقة بمناطق الظل، وتكريسا لمبدأ "دولة جزائرية ديمقراطية شعبية"، أمر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، في اجتماعاته الدورية بالمسؤولين بمن فيهم الولاة بالخروج من المكاتب و«الاختلاط" بالمواطنين لرصد انشغالاتهم التنموية. وشهدت سنة2022، إنزالا مكثفا للوزراء إلى مختلف مناطق الوطن، سواء للوقوف على مدى تقدّم أشغال المشاريع القطاعية أو إسداء التعليمات للتكفل باحتياجات سكانها، وقد كان لولاة الجمهورية في هذه المهمة النصيب الأكبر، خصوصا بعد الأوامر التي أعطاها الرئيس خلال لقائه بالولاة نهاية شهر سبتمبر2022، حيث ألح على ضرورة إيلاء العناية والاهتمام البالغين باحتياجات سكان مناطق الظل، على وجه الخصوص، بغية استدراك التأخر المسجل في تجسيد كثير من المشاريع الحيوية على غرار الطرق والمدارس والمصحّات وغيرها من المرافق التي تعد في غاية الأهمية. ومن أجل استكمال المسار التنموي الذي أطلقته الدولة والهادف لإخراج مناطق الظل من عزلتها، والذي تجسّد منه عشية لقاء رئيس الجمهورية بالولاة الأخير نحو82 %، وهو ما أكد عليه بقوله "إنّ%82 من المشاكل المطروحة بمناطق الظل تم حلها"، داعيا إلى مواصلة المجهودات و"الاهتمام بانشغالات المواطن باعتباره أساس الجمهورية". في حين أكد أن الولاة باعتبارهم "الركيزة الأولى للدولة"، مدعوون إلى "رفع الغبن" عن المواطنين والتكفل بانشغالاتهم، لا سيما بالنسبة للقاطنين بمناطق الظل، مشددا على ضرورة طي ملف مناطق الظل نهائيا مع "نهاية السنة الجارية وبداية السنة المقبلة". وقد لقي هذا التوجه، تفاعلا واسعا من طرف سكان المناطق المعنية، حيث تجسد ذلك في ردود الفعل التي تناقلتها مختلف الوسائط، التي أظهر في كثير من الأحيان استحسنا وتثمينا لصرامة الولاة في التعامل مع أصحاب المشاريع المتأخرة أو التجاوزات الحاصلة في عدة مجالات، والتي كان مسكوتا عنها في سنوات خلت. ويأتي التوجه الجديد الذي تبنته الدولة في سياق مقاربة تنموية واقتصادية، تميزت بها سنة2022، تفاعلت من خلالها أطياف المجتمع ممثلة في المرصد الوطني للشباب الذي دعا رئيس الجمهورية إلى إشراكه في وضع مختلف المشاريع التي لها صلة مباشرة بتحسين الإطار المعيشي للمواطنين. وفي سياق ذي صلة، كان وزير الداخلية إبراهيم مراد، ذكر خلال ورشة نظمت حول "دور السلطات المحلية في بعث الاستثمارات"، أن دعم التنمية المحلية واستدامتها يقتضيان "بعث ديناميكية اقتصادية حقيقية، تقوم على تخطيط استراتيجي مبني على تثمين مقومات الأقاليم المحلية، بما يعود بالقيمة المضافة على ساكنتها من خلال خلق الثروة ومناصب الشغل والرفع من مستوى الهياكل القاعدية والخدمات العمومية"، كما تتطلب، حسب ذات المسؤول، المبادرة ب«استراتيجية تسويق إقليمي، تسمح بالتعريف بالمؤهلات التي تزخر بها مختلف الأقاليم، والامتيازات الموجودة بها لجذب الاستثمار الوطني والأجنبي". فيما نوّه ب"الدور الذي يتعين على الوالي أن يؤديه، لدفع قاطرة التنمية على مستوى إقليم الولاية، لاسيما من خلال تنشيط وتنسيق عمل مختلف الفاعلين في الحركية الاقتصادية، وكذا ترقية المبادرات الاقتصادية المحلية في المجالات التنافسية للإقليم". ويأتي هذا المسعى تزامنا مع صدور القانون الجديد للاستثمار والنصوص التطبيقية ذات الصلة، والتي أولت للجماعات المحلية مكانة بارزة في تنشيط هذا الجانب بالموازاة مع البحث عن مصادر تمويل جديدة، من خلال تثمين الممتلكات العمومية أو الإصلاح المالي والجبائي المحلي وكذا البحث عن شراكات بين القطاعين العام والخاص، والتي يلعب فيها رؤساء البلديات دورا بارزا، والمنتظر أن تتعزز من خلال قانوني الولاية والبلدية الجاري إثراؤهما. في هذا السياق، بدأت معالم عودة هيئة الدولة تتجسد في الميدان، من خلال الحضور شبه اليومي للمسؤولين، بالموازاة مع اللقاءات التقييمية الدورية التي فرضتها الديناميكية المتسارعة للمشاريع التنموية، تتطلع مختلف شرائح المجتمع إلى سنة جديدة 2023، تكون محمّلة بمزيد من التنمية والرفاه، والتي خصّصت لها الدولة ميزانيات معتبرة استكمالا للمسار التنموي، وتجسيدا لتعهدات الرئيس ال54.