ينظم قسم العلوم الإنسانية التابع لكلية العلوم الإنسانية والإجتماعية (جامعة البليدة 2)، بالتعاون مع فرقة البحث "الإنسان والعمران في المغرب الأوسط في العصر الوسيط"، الملتقى الوطني الموسوم "الزليج، فن معماري .. تاريخ حضاري ومرآة للهوية الثقافية الجزائرية"، في 16ماي المقبل. جاء في ديباجة الملتقى، أن الزليج يعتبر من أهم الشواهد المادية للزخارف الفنية، التي نالت مكانة هامة، وتنوعت مجالات استخدامها في تزيين المباني الدينية، كالمساجد والأضرحة، والمباني المدنية، كالقصور والمنازل. كما عرف المسلم فن الزليج، مع توسع الفتوحات الإسلامية وتأثرها بمن سبقوها من الحضارات، على غرار الحضارة الرومانية التي ظهر وازدهر بها، وانتشر في أغلب مبانيها ما يسمى بالفسيفساء، وهي عبارة عن مكعبات من الحجارة الصغيرة ترص وتجمع بطريقة فنية دقيقة، مشكلة بذلك لوحات، تجسد مواضيعها مشاهد الحرب والصيد والمصارعة والحياة اليومية. واستمر الفنان المسلم في استخدام الزليج، وخير دليل على ذلك قبة الصخرة والمسجد الأموي، لتظهر في العصر العباسي تقنيات جديدة لتكسية الجدران، واستعمال البلاطات الخزفية التي كانت تعطي للفنان، حرية في استعمال العناصر الزخرفية وتنفيذ المواضيع بأريحية، فانتشرت هذه التقنية في كل من إيران وبلاد الرافدين والشام ومصر. كما استعمل الزليج في الجزائر منذ العهد الحمادي - إن لم نقل قبل ذلك في عد الرستميين والأغالبة، لكن الذي بقي من الشواهد، ما مثلته الدولة الحمادية في عاصمتها الأولى (قلعة بني حماد)، وفي بجاية العاصمة الثانية لها-، واستعمل أيضا عند الزيانيين الذين اهتموا بالفنون المعمارية، إلى أن وصل أوج ازدهاره خاصة عند هجرة الكثير من مسلمي الأندلس، واستقرارهم بالمدن الكبرى، كمدينة الجزائر، قسنطينة وتلمسان، حيث غدى طابعا معماريا فنيا مميزا لقصورها ومنازلها، يحمل دلالات جمالية وصورا فنية إبداعية، تبرز مضامين ثقافية واجتماعية، جسدتها أنامل مختصين من الحرفيين والفنانين الجزائريين طيلة التاريخ الثقافي-الاجتماعي للحواضر الجزائرية إلى يومنا هذا، وتحافظ عليه كموروث حضاري جزائري خالص، يعكس ثراء وغنى وتنوع الهوية الثقافية الجزائرية. وهكذا جاء هذا الملتقى الموسوم ب"الزليج: فن معماري.. تاريخ حضاري ومرآة للهوية الثقافية الجزائرية، كمحاولة لطرح أرضية معرفية بحتة، غايتها جمع القدر الكافي والوافي من المساهمات والمقاربات العلمية والفنية والتقنية، لأساتذة وباحثين ومختصين بالجزائر، من مختلف التخصصات في ميدان العلوم الإنسانية وغيرها. بالمقابل، تم تسطير عدة أهداف من خلال تنظيم هذا الملتقى، وهي إبراز البعد التاريخي لطابع الزليج كتراث معماري جزائري. تسليط الضوء على الخصوصيات الجمالية لطابع الزليج العمراني الجزائري، والتي تميزه عن غيره في منطقة شمال أفريقيا. توثيق مساهمات علمية تأصل لعراقة طابع الزيج العمراني في المجتمع الجزائري، ضمن الجهود المبذولة في إطار الحفاظ على التراث المادي للبلاد. والكشف عن الدلالات الثقافية والاجتماعية التي يحملها الزليج العمراني كفن وموروث جزائري تقليدي. أما محاور الملتقى، فهي الأصول التاريخية والحضور المعماري للزليج في الحضارة الإسلامية وشمال أفريقيا عبر العصور. الزليج، "تقنياته، قيمته المعمارية والفنية. المضامين والدلالات المحمولة في الزليج العمراني (هوية، تراث ، ثقافة)، والتداول الإعلامي للزليج بين التأصيل والاستقطاب. حدد آخر أجل لاستقبال المداخلات كاملة في الخامس مارس المقبل، في حين سيتم انعقاد الملتقى في 16ماي القادم، بقاعة المناقشات لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية لجامعة البليدة "2".