حقق المنتخب الوطني الجزائري، إنجازا تاريخيا، بتأهله إلى المباراة النهائية من كأس إفريقيا للاعبين المحليين، التي تحتضنها الجزائر منذ 13 جانفي الماضي، وتختتم السبت القادم، بعد فوزه أول أمس، على نظيره النيجري، بنتيجة عريضة استقرت على (5- 0) وأمام جمهور غفير، حج إلى ملعب المركب الأولمبي "ميلود هدفي" بوهران، وفاق عدده 39 ألف متفرج. لم يضيع المنتخب الوطني، خطوته ما قبل الأخيرة على درب التتويج بلقب "الشان"، لأول مرة في تاريخ الكرة الجزائرية، وتعاطيها مع المنافسات الإفريقية، وأدى ما كان مطلوبا منه، بل وأكثر، حيث نال بطاقة التواجد في المحطة النهائية عن جدارة واستحقاق، وبالأداء والنتيجة، أمام منتخب نيجري رصد كل جهده، دون بلوغ مسعاه في كبح طموح المدرب الوطني مجيد بوقرة، وأعضاء طاقمه الفني، وأشباله في بلوغ القصد الذي يتمناه جميع الجزائريين، وهو إلحاق "الشان" ب«الكان"، وإلى جانبهما اللقب العربي، وبذلك تكون خزانة الفريق الوطني قد قطفت من كل بستان التتويجات كأسا غالية، وهو صنيع غير مسبوق عربيا وقاريا، إن تجسد يوم السبت القادم، على ملعب "نيلسون مانديلا" ببراقي في الجزائر العاصمة، بعد الفوز على المنتخب السنغالي، الطرف الثاني في محطة الختام، والذي ترشح من جانبه، باستحقاق على حساب منتخب مدغشقر (مفاجأة الدورة) بهدف نظيف. قاعدة دفاعية صلبة وخط الهجوم يسكت منتقديه أكثر مدرب النيجر هاورنا دولا من التهديد والوعيد، بتعقيد مهمة "الخضر"، وإلحاقهم بقائمة ضحايا منتخبه من المنتخبات العتيدة كالكاميرون وغانا، وأظهر المستطيل الأخضر أن تلك التصريحات، لم تكن إلا فرقعات كلامية، هدفها طرد الضغط عن أشباله، وذر للرماد على اللاعين، وصدق في نصف التصريح، الذي قال ب«أن المباراة تلعب فوق أرضية الميدان، وليس فوق المدرجات"، لأن اللقاء لعب حقيقة فوق رقعة اللعب، وكذلك فوق المدرجات بتواجد الآلاف من أنصار المنتخب الوطني، الذين ضغطوا بقوة على أعصاب أشباله، وصنعوا الفرجة في أمسية كروية تاريخية. وقد تبين مع استهلاك دقائق الشوط الأول، وتوالي تسجيل الأهداف الجزائرية، أن الناخب الوطني مجيد بوقرة، درس جيدا طريقة لعب نظيره فعطل كل نقاط قوته، بداية بالتنشيط الهجومي والتنويع في اللعب، واكتساح منطقة الوسط، تحت قيادة المتألق حسام الدين مريزيق، والنشاط المستمر للظهيرين بلخيثر ولعوافي، اللذان استفادا من تغطية دفاعية من ثلاثة مدافعين محوريين، وكانت تلك قاعدة دفاعية بناها المدرب بوقرة، وأعضاء طاقمه الفني، وأتت أكلها بمرور المباريات بدليل بقاء الشباك الجزائرية عذراء، مع إضافة هجومية نوعية للثنائي دراوي ومزيان، مع تفعيل "الخضر" لنقطة قوتهم الضاربة، والمتمثلة في الكرات الثابتة والهوائية، التي تحذوا بها القامة الفارعة للنيجريين، وبواسطتها هزوا شباكهم ثلاث مرات. فطانة المدرب بوقرة، ونجاعة تكتيكه لم يكن المصدر الوحيد لفرح الجزائريين، وتعاسة المدرب النيجري هارونا دولا، الذي اصطدم أيضا بضعف الأداء البدني لأشباله، الذين لم يقدروا على تطبيق خطة لعبهم، بالتالي صنع ولو فرصة واحدة طيلة دقائق الشوط الأول، ولم يجد هارونا بدا، من اللجوء إلى كرسي البدلاء لتنشيط مفاصل منتخبه، وهو ما حصل، لكن بشكل ضئيل في الشوط الثاني، بصنعه لفرصتين أبطل مفعولهما الحارس الجزائري شعال، الذي حرم منتخب "المينا" حتى من حفظ ماء الوجه، بتوقيع هدف الشرف. اللقب ولا شيئ غير اللقب يوم 4 فيفري ما قدمته النخبة الوطنية من أداء، مصحوب بنتيجة عريضة، قفزت بخط هجومها إلى صدارة ترتيب أحسن المنتخبات هجوما، يجعل التفاؤل كبيرا بالإبقاء على الكأس الإفريقية في الجزائر، بالتالي إقران النجاح الفني بالتنظيمي في "شان" 2022، والتي تبقى أفضل نسخة في تاريخ هذه المنافسة الإفريقية، وهذا باعتراف مسؤولي الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم، والشخصيات الرياضية المدعوة، ووسائل الإعلام الأجنبية، التي غطت الحدث، وبأعداد غفيرة، وغير مسبوقة، حتى وإن كان المنافس منتخب السنغال، الذي يملك من جانبه خزانا بشريا لا يستهان به، ولن يخسر شيئا، بعد وصوله للدور النهائي، وتجريب حظه في مقارعة منتخب البلد المنظم، ومحاولته الثأر لبني جلدته من المنتخب الأول، الذي حرمه بلماضي ورجاله من اللقب القاري ل«الكان"، ذات ليلة من سنة 2019 بالقاهرة المصرية. الجماهير الجزائية مفتاح النجاح الأول بالإضافة إلى العمل في التدريبات، والتجسيد في المباريات الرسمية، فإن دور المدرجات سيكون عاملا هاما، يوم السبت القادم، بمناسبة المباراة النهائية، فالجماهير الجزائرية التي غزت مدرجات مختلف الملاعب المخصصة للتظاهرة الإفريقية، صنعت أجواء رائعة أبهرت المسؤولين على الكرة الإفريقية، وغيرت من نظرتهم تجاهها، ومنافسة "الشان" بحد ذاتها، ولو أنهم في قرارة أنفسهم يعلمون جيدا، ومن زمن قديم، أن الجزائر بلد كرة القدم، والجمهور الجزائري شغوف بهذه اللعبة إلى درجة لا يمكن تصورها، ولا نخال مسؤولي "الكاف" ومن يتبع ركبهم يتجاهلون مواقع عديدة، صنعت فيها الجماهير الجزائرية ملاحم كروية، ستبقى راسخة في الأذهان، وستكون بدون شك في الموعد، يوم السبت القادم، للمساهمة في نجاح موقعة جديدة، بملعب "نيلسون مانديلا" ضد المنتخب السنغالي، لتستعدي ذكرى نهائي كأس أمم إفريقيا لسنة 2019 بمصر. تصريحات: مجيد بوقرة: اللاعبون يتمنون أن يرفع والد بن حمودة كأس "الشان" أثنى المدرب الوطني مجيد بوقرة، على أداء المنتخب الوطني، مشيدا بتطبيق أشباله للتعليمات المسداة إليهم طوال مجريات المباراة، وبالدعم الجماهيرية الذي كان عند حسن ظنه، وأضاف: "الحمد لله على هذا التأهل للنهائي، وأشكر اللاعبين الذين يستحقون كل التشجيع، لأنهم من حققوا هذا الإنجاز، وكذلك الجمهور الجزائري، الذي كان في الموعد، لقد طبق لاعبونا التعليمات المسداة إليهم، باحتواء نقاط قوة النيجريين، والتركيز على الجهة اليمنى، أنا سعيد بتسجيلنا لخمسة أهداف، فذلك مفيد للمعنويات، ويخفف من حدة الانتقادات على خط هجوم الفريق الوطني". لم ينس بوقرة، الإشادة بمدرب المنتخب الوطني الأول جمال بلماضي، على ما قال عنه، الدعم الكبير الذي يتلقاه منه باستمرار، حيث قال عن ذلك: "ليس في نيتي، ولا تفكيري القفز لتدريب المنتخب الأول، نحن نتوفر على مدرب كبير، وسيقودنا إلى مونديال 2026، لقد تعلمت الكثير من بلماضي، فهو الذي فتح أبواب التدريب الأمامي، هو أخي الأكبر، وما وصلت إليه فهو بفضل الله تعالى، ثم بلماضي، والرؤساء السابقين"، وتابع: "إنسوا بوقرة لأربع أو خمس سنوات، فأنا لازالت في دائرة العلم، وقد يلزمني العمل يوميا والتعلم أكثر، وليس فوزي بلقب عربي ووصولي لنهائي "الشان"، يجعلني في أحقية تدريب المنتخب الأول ، فالأمر بعيد، والأمنية عالية". وعن اللقاء النهائي قال بوقرة: "مباراة صعبة تنتظرنا ضد منتخب سنغالي قوي، ويملك عناصر جيدة، وتحت قيادة مدرب محلي، مما يدل على كفاءة ونوعية المدرب الإفريقي، نحن على بعد خطوة واحدة من التتويج، واللاعبون يتمنون أن يرفع والد الفقيد بن حمودة كأس الشان". هارونا دولا (مدرب النيجر): أهنئ "الخضر" وما حقنناه إنجاز تاريخي اعترف هارونا دولا بقوة المنتخب الوطني، وأحقية تأهله لخوض المباراة النهائية من كأس "الشان"، يوم السبت القادم، بملعب "نيلسون مانديلا"، حيث قال عن ذلك: "أهنئ المنتخب الجزائري على تأهله إلى النهائي، وأتمنى له حظا موفقا في النهائي، أظن أن لا شيء لعب لصفنا في هذه المباراة، لقد ضغط علينا المنتخب الجزائري باستمرار، وخطة لعب الجزائريين شلت تحركاتنا، وارتكبنا عديد الأخطاء الفردية، وافتقد لاعبونا للانتعاشة البدنية اللازمة"، وتابع: "بعد تلقينا لأربعة أهداف في الشوط الأول، حاولنا فعل شيء في الثاني، لكن دون جدوى، بقيت لنا فرصة الحصول على رتبة ثالثة، وما حققناه إلى حد الآن، إنجاز تاريخي في حدا ذاته، سنقيم مشوارنا ونصححه، لأننا نحوز على المستقبل في هذا المنتخب النيجري". أصداء سبقاق وسعيود تابعا اللقاء مع المناصرين سجلت مباراة الجزائربالنيجر، حضور وزير الشباب والرياضة عبد الرزاق سبقاق ، ووالي وهران سعيد سعيود، ورئيس الاتحادية الجزائرية جهيد زفيزف، ورئيس الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم وباتريس موتسيبي، الذي تابع المباراة، ليتوجه بعدها رأسا على ملعب "نيلسون مانديلا" ببراقي، لمتابعة لقاء نصف النهائي الثاني بين السنغال ومدغشقر. والي وهران زار المنتخب عشية اللقاء حضي الفريق الوطني للمحليين، بزيارة والي وهران سعيد سعيود، عشية اللقاء أمام النيجر، حيث تبادل الوالي أطراف الحديث مع المدرب بوقرة مجيد، وأعضاء طاقمه الفني واللاعبين، قبل بداية الحصة التدريبية الأخيرة ل«الخضر، وشجعهم على بذل جهود مضاعفة لاقتطاع تأشيرة المرور إلى الدور النهائي، وإفراح الجماهير الجزائرية، خاصة الوهراني، التي وعد بتنقلها بكثافة إلى ملعب "ميلود هدفي" لمؤازرة زملاء كداد. ميريزيق أحسن لاعب في المباراة اختير حسام الدين مريزيق، أحسن لاعب في مباراة الجزائر أمام النيجر، وتعد هذه المرة الثانية التي يتحصل فيها لاعب شباب بلوزداد على هذه الجائزة، بعد المرة الأولى في اللقاء الافتتاحي عن المجموعة الأولى ضد ليبيا، والذي انتهى جزائريا بهدف وحيد. ..وخامس جزائري يتحصل على الجائزة يعد اللاعب حسام الدين مريزيق، خامس لاعب جزائري يتحصل على جائزة أفضل لاعب، في المباراة في المنافسة الإفريقية، حيث اكتسح اللاعبون الجزائريون آراء المختصين والتقنيين الحاضرين في "الشان"، مما يدحض الأقوال التي قللت من شأن اللاعب المحلي الجزائري. ثاني فوز بخماسية للمنتخب المحلي هذه هي المرة الثانية التي يفوز بها المنتخب الوطني المحلي بخماسية دون مقابل، بعد الأولى التي كانت ودية ضد منتخب ليبيريا، ولعبت صيف 2021، وكانت تجريبية قبل أشهر عن التدشين الرسمي للملعب التحفة "ميلود هدفي". كما لعب المنتخب الوطني المحلي مباراة ثالثة في ملعب "ميلود هدفي"، وكانت ودية تحضيرية أيضا لكأس إفريقيا للاعبين المحليين 2022 بالجزائر، وكانت ضد السودان، وجرت دون جمهور. فرحة مزدوجة لبلخيثر والطاهر كانت فرحة ثنائي المنتخب الوطني مختار بلخيثر والطاهر فتح الله مزدوجة بالفوز على النيجر بخماسية، وباللعب في مسقط رأسيهما وهران، بحضور عائلتيهما فوق مدرجات ملعب "هدفي ميلود"، وهما حاليا ينشطان في الناديين العاصميين شباب بلوزداد ومولودية الجزائر على التوالي . وهران تحتفل بتأهل الخضر للنهائي أجواء من الفرحة الكبيرة عمت شوارع مدينة وهران، بعد التأهل التاريخي للمنتخب الوطني، ولأول مرة في تاريخه مع المنافسات الإفريقية إلى نهائي "الشان"، وامتدت هذه الفرحة إلى وقت متأخر من ليلة أول أمس. فتحت أبواب ملعب "ميلود هدفي" في وجه مناصري المنتخب الوطني، على الساعة الواحد زوالا، وكان دخولهم سلسا، بفضل التنظيم المحكم خارج الملعب، وحتى في عملية نقلهم من وإلى ملعب المباراة، ومن 15 نقطة مخصصة لهم.