أنهت محكمة الجنايات لمجلس قضاء الجزائر أمس جلسات الاستماع إلى المتهمين في قضية اختلاس 3200 مليار دينار بالبنك الوطني الجزائري بالاستماع إلى المتهم الرئيسي عاشور عبد الرحمان.وقد وقف المتهم الرئيسي أمس أمام قاضي محكمة الجنايات للرد على تهم تكوين جمعية أشرار والمشاركة في اختلاس أموال عمومية وإصدار صكوك بدون رصيد باعتباره محور هذه القضية والعارف بخبايا حدوث تلك الثغرة التي تسببت فيها قرابة 30 شركة، ثمان منها ارتبطت بها عمليات إصدار 1957 صكا بدون رصيد في الفترة الممتدة من 2001 إلى أكتوبر 2005. وسئل عاشور عبد الرحمان عن هذه التهمة فقال "أنا بريئ منها، وكل ما قيل بخصوص النشاط الوهمي للشركات التي كنت أملكها لا أساس له من الصحة، ولم أختلس أموالا عمومية"، هذه الجمل التي نطق بها المتهم الرئيسي مهدت لصيغة السؤال والجواب بين هيئة المحكمة وعاشور عبد الرحمان ودامت قرابة ساعتين من الزمن نفى خلالها المتهم تورطه في إنشاء جمعية أشرار، وإصدار صكوك بدون رصيد واختلاس أموال عمومية. وحاول المتهم عاشور عبد الرحمان التنصل من كل التهم الموجهة إليه بالإشارة إلى أن الثغرة التي كشفها تقرير الخبرة هو عبارة عن رقم أعمال لثمان شركات كانت تنشط بصفة قانونية في ميادين عديدة منها الأشغال العمومية والطباعة، واستوقفه القاضي عند تصريحات أدلى بها شركاؤه لدى استجوابهم من طرف المحكمة عندما أكدوا أنه باستثناء شركتين اثنتين فإن الباقي كانت شركات وهمية لم تقم بأي نشاط في مجال تخصصها، لكن المتهم تحدث عن وثائق يقول انها بحوزته تؤكد الحركية التي كانت تتميز بها تلك الشركات. وماذا عن الصكوك بدون رصيد الموقعة من طرفك؟ يسأله القاضي، وبنبرة المتهم الساعي إلى إقناع المحكمة ببراءته بكل الوسائل أوضح عاشور عبد الرحمان أنه لم يصدر أي شيك بدون رصيد والدليل على ذلك أن وكالات بوزريعة والقليعة وشرشال وعين بنيان لم تبلغه بذلك وأن كل العمليات البنكية تمت في شفافية مكنت تلك الشركات من تحقيق رقم أعمال يتجاوز 2000 مليار سنتيم، وشكك المتهم الرئيسي في نتائج تقرير الخبرة المنجز من طرف خبير قضائي وطالب بإعادة النظر فيها كونه لم يطلع من خلال تلك الخبرة سوى على 57 صكا بدون رصيد في حين كان الحديث عن إصدار 1957 صكا، وقال "أتحدى أي جهة إحضار تلك الشيكات"، وفي هذا السياق تعهد النائب العام بمواجهة عاشور عبد الرحمان بتلك الشيكات واثبات التهمة الموجهة إليه في مرافعته. وسأله قاضي الجلسة عن سبب هروبه إلى المغرب سنة 2005 وعدم مثوله أمام العدالة الجزائرية إلا بعد إصدار أمر دولي بالقبض عليه، فسرد المتهم ما أسماه محاولة توريطه في قضية حيكت ضده من طرف جهات رفض الكشف عن هويتها رغم إصرار النائب العام في مساءلته على ضرورة الذهاب بعيدا في كشف الأسرار المحيطة بنشاطه، وذكر المتهم أنه تلقى مكالمة هاتفية من شخص مجهول تبلغه بأن المحكمة ستنطق في حقه حكما غيابيا بثلاث سنوات سجنا مع الإيداع خلال الجلسة، وأن هذه القضية دفعت به لمغادرة البلاد باتجاه المغرب. وعن نشاطه في المملكة المغربية نفى المتهم أن يكون اشترى معملا لصناعة الآجر الذي كان يملكه رئيس المجلس الأعلى للدولة الراحل محمد بوضياف، وأشار إلى أنه أنشأ مجمعا لصناعة الورق في إطار شراكة مع رجال أعمال مغربيين. وبخصوص عدم امتثاله للقرار الصادر في حقه من طرف المحكمة الجزائرية إلى غاية اعتقاله من طرف السلطات المغربية، حاول المتهم الرئيسي تبرير ذلك بكونه لم يتمكن من إتمام إجراءات الدخول. واعتمد قاضي الجلسة في مساءلته على إجراء أكثر من مواجهة مباشرة بين عاشور عبد الرحمان وشركائه الذين أكدوا أن شركاته كانت وهمية الشيء الذي دفع بالمتهم الرئيسي لتحميل مسؤولية العمليات التي يقوم بها لمسؤولي الوكالات البنكية الذين لم يبلغوه بوجود شيكات بدون رصيد، وأضاف "لقد أٌريد من خلال إثارة هذه القضية أن أتحول إلى كبش فداء، ولذلك فأنا أصر على أن لا أكون كذلك كون القضية ملفقة وجاءت لتغطية ثغرة مالية في البنك الوطني الجزائري تقدر ب4000 مليار سنتيم تعود إلى سنة 1990". وسئل عاشور عبد الرحمان عن ثروته من شقق وأملاك أخرى، والدافع وراء تسجيلها باسم زوجته فما كان أمامه سوى القول إنه كان يسعى إلى ضمان مستقبل أبنائه. وعن صك بقيمة 98 ألف أورو عثر عليه في حساب بنكي بسوسيتي جنرال بفرنسا، قال المتهم انه يتعلق بأرباح لعبة اليانصيب تحصل عليها شريكاه من جنسية فرنسية وتم تسجيلها باسمه للتهرب من دفع الضريبة. واستمعت محكمة الجنايات أمس أيضا إلى أحد أهم المتهمين في القضية وهو شريك عاشور عبد الرحمان المدعو "رابح .ع" الذي كان متواجدا هو الآخر بالمغرب قبل أن يصدر في حقه أمر دولي بالقبض بتهمة المشاركة في تبديد أموال عمومية، وكشف التحقيق مع المتهم عن إجراء عمليات بنكية مشبوهة باسم شركتين كان يملكهما وهما "مأمونة" و"نتاسيون" بقيمة 802 مليار سنتيم، وأنكر المتهم كل الوقائع التي واجهه بها القاضي وأشار الى أن المتهم الرئيسي عاشور عبد الرحمان هو من كان يتصرف في حسابات الشركتين. وفي نفس السياق نفي "رابح.ع" علمه بتلك العمليات عندما سئل عن الأملاك التي قام بشرائها والتي سجلها باسم زوجته وأشار النائب العام الى أن تسجيل تلك الأملاك باسم زوجته كان الغرض منها إخفاء ثروته. وتتواصل جلسات المحاكمة اليوم بالاستماع الى الشهود والخبراء قبل فتح المجال أمام مرافعة النائب العام والدفاع.