أكد وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية كريم بيبي تريكي، أمس، بالعاصمة، إقحام كل المفاهيم الجديدة للتكنولوجيا المالية والشمول المالي في مشروع قانون النقد والقرض الجديد، مشيرا إلى أن النصوص التنظيمية ستتكفل بتوضيح طرق التطبيق ومعالجة النقائص إن وجدت. وأوضح الوزير بمناسبة الطبعة الأولى لقمة الجزائر للتكنولوجيا المالية "فينتاك" والتجارة الإلكترونية التي انطلقت أشغالها أمس، بقصر المؤتمرات عبد اللطيف رحال، أن الحكومة فضّلت جمع كل المفاهيم ذات العلاقة بالتكنولوجيا المالية في مشروع النقد والقرض لتجنب اللجوء مجددا إلى تعديل القانون، وإثراء التشريع بالمراسيم التنظيمية. وشدد على أن اكتساب ثقة المواطنين والمتعاملين ومختلف الهيئات يعد لب الاستراتيجية في شقها المتعلق بالتشريع والتنظيم، لافتا إلى أن الحكومة ترغب في إضفاء توازن على الجانب التشريعي لجعله عاملا لضمان الاستقرار المالي وليس ل"تقييد الابتكار"، والعمل على حماية المستهلك من خلال تطوير الشق المتعلق ب"الضبط" وتعزيز التنسيق بين هيئات الضبط لاسيما بنك الجزائر وهيئة الضبط للبريد والمواصلات وكذا هيئة الضبط الخاصة بالبيانات الشخصية. وأكد الوزير حاجة الحكومة إلى وضع ما وصفه ب"ميثاق" مع المتعاملين المدعوين للمساهمة بفعالية أكبر في تطوير الدفع الإلكتروني، من خلال تحفيز الزبائن للاستغناء عن التعامل نقدا، مؤكدا الانفتاح على كل مقترحاتهم لتشجيع هذا التوجه. وقدم الوزير أرقاما أكدت وجود أرضية مناسبة لتطور الاستثمارات في هذا المجال، خاصة ما تعلق بربط قرابة 5 ملايين أسرة بالأنترنت الثابت إلى غاية 2022 وإحصاء 43 مليون مشترك في الجيلين الثالث والرابع للأنترنت النقال، بما يؤكد أن 70 بالمائة من المواطنين موصلون ب"الانترنت". وهو ما جعل الوزير، يؤكد أن هذه النتائج جعلت الجزائر تحتل الريادة في منطقة شمال إفريقيا من حيث التغطية وسرعة التدفق، وفق تصنيفات الهيئات العالمية والجهوية المختصة. وقال بيبي تريكي، إن مكانة الجزائر في هذا المجال اكتسبت بفضل رفع تحديين متزامنين هما "توفير الوسائل" و"الأسعار المتاحة للجميع"، وهو ما يسمح بتشجيع الاستثمارات في المجالات ذات العلاقة بالتكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية، وخاصة إذا علمنا أن الجزائر تحصي 35 مليون حساب مفتوح في مؤسسة بريد الجزائر والبنوك وأكثر من 12 مليون بطاقة (ذهبية وبنكية). أكد أن دور التكنولوجيا المالية يظهر في تحقيق التكامل المالي الرقمي.. شرحبيل: استحداث نموذج جزائري للتكنولوجيا المالية شدد وزير الرقمنة والإحصائيات، حسين شرحبيل، أن التحدي القادم يكمن في "إيجاد نموذج جزائري للتكنولوجيا المالية"، مشيرا الى ضرورة نجاح التحول من النظام المالي الكلاسيكي إلى النظام المالي الرقمي، لافتا إلى أن 10,5 مليون جزائري ولدوا بين سنتي 2008 و2022 وهم من "جيل الهاتف الذكي" الذي فطر على تصفح الأنترنت. وقال الوزير، إن دور التكنولوجيا المالية يظهر خصوصا في تحقيق التكامل المالي الرقمي الذي يوفر فرصا هائلة بعد أن أضحت عنصرا أساسيا في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. وأضاف الوزير حسني شرحبيل، أن السلطات تسهر على تنفيذ مجمل التدابير اللازمة لتجسيد آليات التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية، خصوصا من خلال تحيين وتعزيز الترسانة القانونية وتدعيم البنية التحتية الرقمية ومضاعفة سرعة تدفق الأنترنت وتعزيز انتشار الحلول الرقمية والتطبيقات وتعميم التصديق الإلكتروني وتشجيع الدفع الإلكتروني، مع ضمان حماية البيانات الشخصية الرقمية والحماية من مخاطر الفضاء السيبراني. الشمول أو الإقصاء... خياران لا ثالث لهما سمحت الندوات المنظمة في اليوم الأول من المنتدى، بالتطرق إلى جملة من المسائل المحورية، أجمعت خلالها تدخلات الخبراء على ضرورة الذهاب نحو "الشمول المالي" لتجنب "الإقصاء المالي"، مشيرين إلى أن العالم يتوجه لا محالة نحو التكنولوجيات المالية الحديثة التي لا يمكن للجزائر التغاضي عنها حتى لا تقصى من النظام المالي العالمي في حلته الجديدة، لاسيما إذا علمنا بأن ربع إجمالي المعاملات التجارية العالمية سيتم إلكترونيا بحلول العام 2026. وتلاقت وجهات النظر حول توفر إطار تشريعي ملائم بعد الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة، مع الإصرار على أهمية عامل "الثقة" في التعاملات المالية والتجارية الرقمية، والذي قد يكون الطريق نحو امتصاص الكتلة النقدية الهائلة المتواجدة في السوق الموازية، شريطة تمكن البنوك من تحقيق الانتقال الرقمي و"احتواء" المؤسسات الناشئة القائمة على الابتكار أي على "الفكرة" وليس على "التجهيزات" مثلما هو حال المؤسسات الأخرى.