أٌفسح المجال أمس في اليوم السادس من محاكمة المتابعين في قضية اختلاس 3200 مليار سنتيم من البنك الوطني الجزائري بين سنتي 2001 و2005 لمحامي المتهمين لتقديم مرافعاتهم في محاولة لإقناع محكمة الجنايات ببراءتهم.وسارت المرافعات أمس في اتجاه التقليد المعمول به وهو المطالبة بتبرئة ساحة موكليهم بناء على قناعة هيئة محكمة الجنايات المشكلة من ثلاثة قضاة ومحلفين اثنين باعتبار أن محكمة الجنايات بموجب القانون تعتبر محكمة إقناع لا تتخذ أحكامها إلا بناء على المعلومات المتحصل عليها من الجلسة خلال استجواب المتهمين. والأبرز في مرافعات أمس اعتماد العديد من المحامين على مقولة "تخطي راسي" وحاول الكثير منهم إسقاط المسؤولية عن موكليهم حتى وإن كان ذلك على حساب متهمين آخرين، واستند محامون آخرون على ما كتب في صفحات الجرائد من تصريحات مسؤولين في الحكومة من بينهم وزير المالية الذي أشار إلى تعقيدات النظام البنكي في الجزائر وصعوبة التحكم في المعلومة المالية. وعرفت جلسة أمس مرافعة ثلاثة محامين عن الرئيس المدير العام السابق للبنك الوطني الجزائري المتهم مراد شيخي المتابع بجنحة الإهمال المتعمد، وركزت المحامية عسول على صعوبة بلوغ المعلومة المالية إلى الرئيس المدير العام باعتبار أن عملية التفتيش التي جرت في وكالات بوزريعة والقليعة وشرشال لم تشر إلى وجود أية تلاعبات في العمليات البنكية، وأن تقرير الخبرة لم يحمّله أية مسؤولية فيما يخص اختلاس تلك الأموال من منطلق أن تنظيم عملية تسيير البنك تتم بطريقة لا مركزية حيث هناك عدة مديريات منفصلة من بينها مديرية التفتيش. وذكرت محامية شيخي الذي التمس في حقه النائب العام ثلاث سنوات سجنا نافذا أن موكلها لا يمكن متابعته بهذه التهمة لأنه لو لم يكن أهلا للمسؤولية المسندة إليه لما عيّن في منصبه، ولما كانت توكل له مهمة قيادة الفريق الجزائري الذي أجرى مفاوضات إعادة جدولة الديون الجزائرية سنة 1994. ورافع محام آخر عن المتهم شيخي مراد، ونفى التهمة الموجهة إلى موكله بتحميل المسؤولية لمدراء الوكالات ومتفشيها الذين أخفوا الكتابات العالقة والصكوك بدون رصيد البالغ عددها 1957 صكا، الشيء الذي قاده للقول أن نية إجراء تلك العمليات "المشبوهة" حالت دون تمكن الرئيس المدير العام من الاطلاع على تلك الاختلالات. واعتمد محامي المفتش العام للبنك الوطني الجزائري المتهم "محمد.ن" نفس الحجج لإثبات براءة موكله وأشار إلى أن عمليات التفتيش التي قام بها في الوكالات المعنية بالاختلاس لم تكشف وجود تلك التلاعبات والكتابات المالية المشبوهة ويعود ذلك إلى إخفائها من طرف مدراء الوكالات ومفتشيها، وتساءل كيف يتم اكتشاف تلك العمليات في وقت أٌعتمدت فيه خطة جهنمية لاختلاس تلك الأموال، واصفا ما حدث بالكارثة الكبرى. وحسبه فإن المفتش العام للبنك الوطني الجزائري لم يكن باستطاعته اكتشاف الصكوك البنكية بدون رصيد لأن هناك نية من مسؤولي الوكالات لإخفائها وقال "إذا كان مول الدار -المشرفون على الوكالات- قام بإخفاء تلك العمليات فكيف لمن هو خارجه ان يكتشفها"، محملا مسؤولية ما حدث إلى المتواطئين مع المتهم الرئيسي عاشور عبد الرحمان. وللإشارة فقد انطلقت مرافعات الدفاع مساء أول أمس وينتظر أن تتواصل الى غاية اليوم الأربعاء، حيث تم تسجيل أكثر من خمسين محاميا، وسيكون الختام بمرافعة محامي المتهم الرئيسي عاشور عبد الرحمان الذي وكّل ستة محامين للدفاع عنه. وإذا سارت أطوار الجلسة كما تم التحضير لها من قبل، فإنه من المنتظر أن يصدر الحكم النهائي مساء اليوم الأربعاء. وكانت محكمة الجنايات لمجلس قضاء العاصمة شرعت قبل أسبوع في محاكمة المتهمين فيما أصبح يعرف بقضية المتهمين في اختلاس 3200 مليار سنتيم من البنك الوطني الجزائري. والتمس ممثل الحق العام في مرافعته مساء أول أمس عقوبة 20 سنة سجنا في حق عاشور عبد الرحمان و12 متهما آخر، فيما التمس عقوبة 10 سنوات في حق خمس متهمين آخرين من بينهم زوجة المتهم الرئيسي، والتمس عقوبة 3 سنوات في حق سبعة متهمين آخرين من بينهم الرئيس المدير العام السباق للبنك الوطني الجزائري.