أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أن الجزائر التي تمكنت من مواجهة ودحر شرور الإرهاب وسط غياب شبه كلي للدعم المادي والمعنوي من المجتمع الدولي، تواصل اليوم بنفس الروح جهودها الرامية لمساندة أشقائها في إفريقيا في حربهم ضد الارهاب والتطرف العنيف، مسترشدة بتجربتها المريرة والناجحة في ذات الوقت. في كلمة له حول مكافحة الإرهاب ومنع التطرف العنيف المؤدي للإرهاب، من خلال تعزيز التعاون بين الأممالمتحدة والمنظمات والآليات الإقليمية، جرت بمجلس الأمن الدولي بنيويورك، أطلع الرئيس عبد المجيد تبون المجلس الأممي على المبادرة التي تقدمت بها الجزائر بهدف اضفاء ديناميكية جديدة على جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، مذكرا بأن هذه المبادرة الجزائرية تمت المصادقة عليها شهر أكتوبر 2022 من قبل الدول الأعضاء في لجنة الأركان العملياتية المشتركة (CEMOC) التي تضم كل من الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر. وتتمثل الأهداف الرئيسية لهذه المبادرة في إعادة تنشيط دور لجنة الأركان العملياتية المشتركة (CEMOC) من خلال تكييف مهامها وتنظيمها بالشكل الذي يسمح لها بمواكبة التحديات الراهنة، وتقديم مساهمة فعلية في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وأكد الرئيس تبون أن الجزائر وبحكم توليها مهام منسق الاتحاد الافريقي للوقاية من هذه الآفة والتصدي لها، تواصل مساعيها الرامية للمساهمة في تعزيز العمل الإفريقي المشترك في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، عبر المساهمة أولا في وضع خطة عمل جديدة للاتحاد الإفريقي في مجال مكافحة الإرهاب، ثم ثانيا تفعيل الصندوق الإفريقي الخاص بمكافحة الإرهاب، و ثالثا، وضع قائمة إفريقية للأشخاص والمجموعات والكيانات المتورطة في أعمال إرهابية بما في ذلك المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وأخيرا بتجسيد مشروع الأمر بالقبض الإفريقي. علاوة على ذلك، تواصل الجزائر، يضيف السيد الرئيس، دعمها للآليات والوكالات الافريقية المتخصصة في هذا المجال، خاصة المركز الافريقي للدراسات والبحوث المتعلقة بالإرهاب (ACSRT) وآلية الاتحاد الأفريقي للتعاون الشرطي (AFRIPOL) وهما الآليتان اللتان تتشرف الجزائر باحتضان مقريهما، فضلا عن لجنة أجهزة الأمن والاستخبارات الأفريقية (CISSA) الكائن مقرها بأديس أبابا. وبعد أن لفت إلى أن الجهود الكبيرة التي تبذلها الدول الإفريقية بصفة جماعية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، على قدر أهميتها، تظل بحاجة إلى دعم ومساندة المجموعة الدولية، شدد رئيس الجمهورية على أن مواجهة تهديد عابر للحدود والأوطان، يستدعي إعمال التضامن والتعاون الدوليين ضمن مقاربة شاملة تتجاوز علاج الأعراض لتنصب على الأسباب الجذرية لهذه الآفة والعوامل المغذية لها، داعيا في هذا الإطار الشركاء الدوليين إلى العمل بصفة ثنائية وجماعية في إطار الأممالمتحدة على دعم الجهود الافريقية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، لاسيما عبر السعي لتحقيق خمسة أهداف أساسية، تشمل حسب السيد الرئيس، تعزيز قدرات الدول الافريقية، ومنع استخدام أراضي الشركاء الدوليين كمنصات للتحريض أو دعم أنشطة إرهابية في دول أخرى، مع مضاعفة الجهود لتفادي المساهمة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في تمويل الإرهاب، فضلا عن دعم الآليات والعمليات المشتركة المفوضة من قبل الاتحاد الافريقي لمكافحة الإرهاب، خاصة عبر الفصل في مسألة تمويلها باللجوء إلى ميزانية الأممالمتحدة، وكذا العمل على بلورة جيل جدديد لعمليات حفظ السلام "بحكم أن النموذج التقليدي لهذه العمليات لم يعد يتماشى مع الواقع والتهديدات الجديدة، لاسيما مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة"، وأخيرا، الاستثمار أكثر في التنمية الاقتصادية بالقارة الافريقية، انطلاقا من التجارب الواقعية التي تثبت يوما بعد يوم أنه لا يمكن تحقيق استقرار مستدام دون تنمية مستدامة. وذكر الرئيس تبون في خذا السياق بقراره الأخير، ضخ مبلغ واحد مليار دولار في ميزانية الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية بغية المساهمة الفعلية في دفع عجلة التنمية بالقارة الإفريقية. وجدد الرئيس تبون في ختام، التزام الجزائر الدائم بمواصلة جهودها لتجسيد العهدة القارية الموكلة إليها في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، معربا عن تطلعها لتعزيز مساهمتها في هذا المجال وفي مجالات أخرى عبر ترشيح الجزائر لشغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن خلال الفترة 2024-2025 ، حيث أشار في هذا الصدد إلى أن "غايتنا الأسمى في ذلك تبقى تكثيف التعاون مع الأشقاء الأفارقة والشركاء الدوليين للحفاظ على السلم والأمن في العالم".