يتواصل برواق الفنون "عائشة حداد" بالجزائر العاصمة، معرض الفنّان التشكيلي العصامي جمال الدين مبرك، الذي افتتح سهرة أمس السبت الفارط، حيث يقدم فيه للجمهور عصارة تجربته الفنّية التي تستلهم من التراث الثقافي الجزائري الثري بعناصره وتاريخه العريق ليعكس بذلك شغفه في الحفاظ على الموروث والذاكرة. يضم المعرض قرابة 30 عملا فنيا من مختلف الأحجام والتقنيات، وهي تتناول عناصر التراث الثقافي والفني الوطني على غرار بورتريهات لشخصيات تاريخية ومناظر طبيعية ومواقع تاريخية، وتراثية تسطع بعبق التاريخ والهوية وتعكس فسيفساء متنوعة الأوجه لتاريخ وتراث الجزائر عبر التاريخ. ويقترح جمال الدين مبرك، في هذا المعرض المنظم في إطار برنامج رمضاني أعدته مؤسسة فنون وثقافة التابعة لولاية الجزائر، رحلة فنّية ساحرة مادتها التاريخ وفق خيارات لونية تمازج بين الأبيض والأسود وبين مختلف الألوان التي تشع بالحياة. كما تمنح اللوحات الفنّية فرجة من خلال اختيار مواضيع مختلفة لإحياء عناصر وجمالات التراث الثقافي المادي و اللامادي الوطني، على غرار لوحة عجوز بلباس الحايك التقليدي تتجول في أزقة القصبة العريق وتلج أحد الأقواس وهو ما يحيلنا إلى عادات وتقاليد وخصائص ومميزات الطراز العمراني الفردي لهذا الحي التاريخي المصنّف ضمن قائمة التراث العالمي. ومن بين المعروضات بورتريه بالأبيض والأسود للأمير عبد القادر الجزائري، رمز المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي وهو مرتديا البرنوس الأسود وحاملا للقرآن الكريم وكذا لوحة فنّية لفارس على صهوة جواده في رحلة الصيد وهو في أبهى حلّته ولباسه التقليدي وأسلحته المرصعة بالفضة. ويفرد الفنّان التشكيلي جزءا كبيرا من أعماله لإحياء التراث العريق للقصبة بكل ما تحمله من عمران وتقاليد ولباس تقليدي ومقاهي شعبية، وكذا مظاهر يومية اندثرت يحاول إحياؤها من جديد على غرار جلسات المقاهي الحميمية واللقاءات حول العيون التي كانت تنضح بالمياه وقعدات أعلى السطوح. ويتواصل هذا المعرض إلى غاية 8 أفريل المقبل، وبإمكان محبّي التشكيل زيارته نهارا وأيضا طوال السهرات الليلية خلال شهر رمضان.