يحتضن قصر الثقافة مفدي زكريا بالجزائر العاصمة معرض صور فوتوغرافية للفنان سمير جامة بعنوان «ظلال وأنوار... شغف التراث» يضم أزيد من 80 عملا من مختلف الأحجام وبالألوان والأبيض والأسود، موزعة بأناقة على أجنحة عديدة شكلت فسيفساء مضيئة تعكس تنوع وثراء عناصر التراث الثقافي المادي واللامادي الجزائري. يتيح المعرض الفني الفرصة للجمهور للولوج في رحلة ساحرة إلى التراث الجزائري وما يزخر به من مخزون وعناصر عريقة بجمالياتها وتقنياتها حيث يرصد جامة عبر جناح مجموعته الأولى الخاصة بالفخار نماذج بديعة من صناعة الفخار التقليدي الوطني تعكس مدى عراقة هذه الممارسة في الجزائر والحس الفني الراقي لدى الحرفي الجزائري. وأضفى الفنان لمسته الخاصة على مجموعة الصور المطبوعة بدقة على اللوحات لتستنطق أشكال وأنواع الفخار بألوانها الترابية المصنوعة من الصلصال والطين الوردي والبني الذي تزخر به مختلف مناطق الوطن ويعكس عبقرية النساء الجزائريات في هذه الصناعة التقليدية المتوارثة جيل بعد جيل. وقد تم توضيب التحف وتوزيعها على فضاءات الصور المعروضة بذكاء وعاطفة وكأنها عمل فني بديع يعج بالضوء والحياة وقد زادها رونقا نوعية الطباعة التي اعتنت بأدق تفاصيل عرض التحف ما رسم روحا حيوية وجاذبية على فضاء الصورة. ويعكس جناح صور آخر خصص لحي القصبة العريق جوانب من الحياة اليومية لأبناء هذا الحي المصنف ضمن التراث العالمي حيث نلمح الأزقة المتداخلة التي تفوح بالتاريخ والذاكرة والثورة، كما يرصد جماليات البنايات القديمة بهندستها وعمرانها وكل ما تختزنه من قصور ودويرات ومساجد وزوايا وسطوح ونظرة على خليج الجزائر والواجهة البحرية. كما اقتنص الفنان في لوحاته أجواء لعب الأطفال ووشوشات النساء إلى جانب إظهار ثراء الحلي والزي التقليدي العاصمي على غرار الحايك الأبيض والكاراكو المطرز بالذهب والذي ترتديه نساء القصبة في مختلف المناسبات دون إغفاله التركيز على تفاصيل الأبواب والنوافذ وما تكتنزه من جماليات وصناعة فنية عريقة مرتبطة بحرف المدينة. وأفرد الفنان جانبا هاما من الصور التي أنجزها بعدسته لإبراز عراقة فن الفروسية والفنتازيا في الجزائر حيث تكاد الصور التي التقطها خلال تظاهرة صالون الحصان بتيارت تنطق تراثا، أين نلمح حركة سباق الفرسان ووجوههم التي تعجّ بالفرح وهم يعتلون صهوة الأحصنة الجزائرية الأصيلة مرتدين أزيائهم التقليدية وأسلحتهم. من جهة أخرى، يحتوي المعرض جناح آخر يشمل مجموعة ثرية من الصور تخص بورتريهات لأطفال يرتدون مختلف أنواع اللباس التقليدي الجزائري على غرار القبائلي والشاوي، وكذا النايلي والوهراني والتارقي. وإلى جانب ذلك تم تخصيص فضاء استرجاعي تخليدا لروح المصور والمجاهد الفنان محمد كواسي، وهو من مواليد البليدة في 1920 ويعتبر عميد المصورين الجزائريين، ضم استديو تصوير وصور تاريخية أنجزها المحتفى به ونماذج لآلات تصوير قديمة ومخبر تحميض قديم.