أكد صندوق النقد الدولي، أن دخول اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية "زليكاف" حيز التنفيذ سيكون لها آثار إيجابية على اقتصاديات البلدان الإفريقية، في حال صاحب ذلك القيام بتحسينات على البيئة التجارية. وأوضح صندوق النقد الدولي في دراسة بعنوان "التكامل التجاري في إفريقيا"، أن القيام بإصلاحات الشاملة وإنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، من شأنه زيادة معدل تدفقات تجارة البضائع ببن بلدان القارة بنسبة 53 بالمائة وبنسبة 15 بالمائة مع بقي دول العالم، وهو ما يرفع حصة الفرد الإفريقي من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بأكثر من 10 بالمائة. وقدرت الدراسة في المقابل أن الاكتفاء بإجراء تخفيضات كبيرة في الحواجز الجمركية وغير الجمركية على التجارة البينية الإفريقية بفضل هذه المنطقة، سيؤدي إلى رفع معدل تدفقات تجارة البضائع ببن بلدان القارة بنسبة 15 بالمائة ومعدل نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 1,25 بالمائة. وسارت نتيجة هذه الدراسة مع تلك التي خلصت إليها دراسات مماثلة حول تأثير للإصلاحات التجارية في إخراج ما بين 30 إلى 50 مليون مواطن إفريقي من دائرة الفقر المدقع في مختلف بلدان القارة. ولفتت دراسة صندوق النقد الدولي، إلى أن إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية جاء في وقت تشهد فيه إفريقيا "فرصا وتحديات في بيئة عالمية متغيرة"، مؤكدة أن من شأن تعزيز التكامل التجاري مساعدة القارة في الاستفادة من الفرص الناتجة عن التغير التكنولوجي والاتجاهات الديمغرافية وتعزيز قدراتها في مواجهة مختلف الصدمات مثل تبعات تغير المناخ والتشتت الجغرافي- السياسي". وأضاف صندوق النّقد الدولي، أن الانفتاح التجاري سيساعد البلدان الإفريقية على التكيف مع تغيرات المناخ وتعزيز أمنها الغذائي من خلال توفير المزيد من مصادر الغذاء وخفض تكلفة إنتاجها. وأضافت الدراسة أن تنويع التجارة وتوسيع نطاقها سيسمح بالحد من تأثير اضطراب أسواق منتجات محددة، التي قد تنجم عن تحول أنماط التجارة العالمية، بقناعة أن التجارة تبقى "الوسيلة الأساسية التي ستسمح للتكنولوجيات الجديدة والتحول الرقمي والنمو السريع في القوة العاملة بتوفير وظائف جديدة بأجور أعلى". وهي معطيات جعلت الدراسة تشدد على ضرورة الإشارة لاستغلال هذه الفرص للاستثمار في رأس المال المادي والبشري، وتعزيز بيئة الاقتصاد الكلي والأعمال لدعم النمو باشراك القطاع الخاص، وتطوير شبكة الأمان الاجتماعي لمساعدة الفئات الأكثر ضعفا خلال التحول إلى مسار زيادة النمو. يذكر أن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية أنشئت عام 2018 لتصبح أكبر مناطق التجارة الحرة على مستوى العالم من حيث عدد سكان القارة البالغ عددهم 1,3مليار نسمة بناتج محلي يصل إلى 3000 مليار دولار. وتتيح المنطقة الحرة الإفريقية لبلدانها ومن بينها الجزائر فرصة الاستفادة من التوسع التجاري في رفع معدلات النمو وتحسين مستويات المعيشة عبر القارة بأكملها. وأعلنت الجزائر رسميا انضمامها إلى "زليكاف" شهر ديسمبر 2019، وتم الإعلان بصفة رسمية عن دخول المنطقة حيز التنفيذ في جانفي 2021. وتعمل الجزائر منذ سنوات على تعزيز تواجدها في القارة السمراء لاسيما على المستوى الاقتصادي والتجاري، حيث شهدت المبادلات مع بلدان القارة تطورا ملحوظا بفضل فتح منافذ حدودية وإقامة خطوط نقل بحرية، فضلا عن تكثيف البعثات الاقتصادية والمعارض والصالونات التي تعرّف بالمنتجات الوطنية في عدد هام من البلدان الإفريقية. وقرر رئيس الجمهورية، مؤخرا إنشاء الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية، لتمويل مشاريع تنموية في الدول الإفريقية بقيمة مليار دولار في خطوة تهدف إلى تنظيم الدعم الموجه للدول الإفريقية في إطار مؤسساتي.