أكد المتدخلون في اليوم البرلماني الخاص ب"الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها" أن الاقتصاد المالي المبني على المضاربة ضاعف من المشكلة حيث أصبح التداول يزيد وينخفض دون وجود السلع مما ساعد على تسجيل الخسائر بشتى أساليب الاحتيال، حيث تقلصت نسبة المبالغ المخصصة للاقتصاد الشرعي إلى 2 بالمائة في مجمل الأموال المتداولة في البورصات العالمية، في حين أن نسبة 98 بالمائة من هذه المبالغ أصبحت توجه للمضاربة بشتى أشكالها. وذكرت السيدة زوبيدة خرباش رئيسة لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية والتجارة والتخطيط بالمجلس الشعبي الوطني خلال هذا اليوم البرلماني أمس بالمجلس الشعبي الوطني أن الأزمة المالية التي طالت كل المجالات الاقتصادية أدت الى تراجع الاستثمارات بأزيد من 10 بالمائة خلال الثلاثي الأول من السنة بسبب تقليص السيولة، مما دفع بأرباب العمل الى تسريح العمال بشكل كبير حيث أكدت المنظمة الدولية للعمل أن حوالي 50 مليون منصب شغل مهدد بالزوال، بالإضافة الى تقليص الرواتب، وتراجع الإنتاج في البلدان المصنعة والناشئة جراء تراجع الاستهلاك. ولقد قدرت بعض المصادر خسائر الرهن العقاري المباشرة بنحو 5000 مليار دولار، بينما فاقت الخسائر في البورصات 40 ألف مليار دولار، وهكذا أصبحت الدول خاصة الغنية منها تضخ الأموال بآلاف المليارات الى الأسواق المالية لإسناد المؤسسات والشركات عملية توفير السيولة لتحريك الاقتصاد من خلال تخصيص مبالغ مالية تصل إلى 3000 مليار دولار. كما أن بعض الدول تدخلت مباشرة لدرجة وصلت إلى حد تأميم بعض المصاريف، كما حدث في بريطانيا، الولاياتالمتحدةالأمريكية، بلجيكا، وألمانيا. وهكذا بدأت المؤسسات المالية الدولية التي سلطت مخططات التصحيح الهيكلي وفرضت على الدول التخلي عن اقتصادياتها ولجأت الى شل القطاعين الصناعي والزراعي وأيضا تكسير القطاع العمومي وكذا المرافق العمومية تعترف بضرورة تصحيح توجهاتها. وأكدت المتحدثة أن ما حصل مؤخرا في أزمة الرهن العقاري الحادة والمستمرة لدليل على فساد النظام الرأسمالي وهو ما تجلى من خلال فقدان الملايين من الأسر لمساكنها خاصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث تم فقدان 9 ملايين مسكن، إلى جانب 10 ملايين منصب شغل تم فقدانه بكل من أمريكا، أوروبا، اليابان، وبعض الدول الناشئة كالصين، البرازيل، روسيا، والهند والتي يرتكز اقتصادها على الاستثمار الأجنبي، في حين أن القارة الإفريقية مهددة بمجاعة أخرى جراء انهيار الإيرادات والأزمة الغذائية المتواصلة حيث فاق عدد الأشخاص المهددين بالمجاعة في العالم المليار نسمة. من جهتها أكدت السيدة لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال على ضرورة الإسراع في إيجاد استراتيجية لحماية الاقتصاد الوطني من آثار الأزمة المالية العالمية، داعية البرلمان الى التدخل لحماية السوق الوطنية التي تعرف اختناقا بالسلع الأجنبية. وأضافت السيدة حنون أنه حان الوقت للابتعاد عن سياسة ترقيع النظام الاقتصادي وتكسير قواعد النظام الرأسمالي الذي اثبت فشله، وذلك من خلال البحث والتفكير في كيفية حماية الاقتصاد الوطني. وأشارت المتحدثة الى أن الاقتصاد الجزائري لم يواجه صدمات عنيفة خلال هذه الأزمة بفضل السياسة الوقائية التي اتخذها والمتمثلة في التراجع عن خوصصة البنوك وهو القرار الذي تفادى من خلاله الكارثة التي كان سيعرفها لو فتح رأسمال البنوك العمومية. كما أشارت السيدة حنون من جهة أخرى الى الانعكاسات التي قد تنجر عن تفاقم ظاهرة الهجرة التي تعرفها الجزائر حاليا سواء ما تعلق بهجرة الشباب، هجرة الأدمغة، أو هجرة الكفاءات واليد العاملة الأجنبية التي تعود الى بلادها الأصلي وهو ما ينعكس سلبا على الاقتصاد الوطني. أما السيد أحمين شفير أستاذ بكلية العلوم الاقتصادية والتسيير فذكر أن هذه الأزمة المالية تعد الأعنف من نوعها التي هزت الاقتصاد العالمي وألحقت أضرارا ب 63 ألف شركة متعددة الجنسيات امتدت أضرارها الى فروع هذه الشركات المقدرة ب 800 ألف فرع عبر عدة دول من العالم.