يؤكد المختصون في قطاع الصحة، أن نسبة موت النساء الحوامل والرضع الجدد مازالت مقلقة، رغم الشبكة الصحية الكبيرة التي تتوفر عليها الجزائر دون غيرها من الدول الإفريقية، إذ غالبا ما يكون الجهل وعدم العناية بالحمل سر الوفاة أو الإصابة بأمراض خطيرة، خاصة مع حلول موسم الصيف الذي يكثر خلاله تناول الأطعمة الجاهزة، مما يوجب التعرف على المتاعب الصحية التي تهدد المرأة والجنين لاكتشافها في وقت مبكر، وهي المسؤولية التي تحملتها وزارة الشؤون الدينية بالتنسيق مع منظمة اليونيسيف من خلال تنظيم أيام دراسية مؤخرا حول صحة الأم والطفل لفائدة المرشدات الدينيات. ويرى أهل الاختصاص، أن عدم العناية بالحامل وعدم التزام هذه الأخيرة بمبادئ الوقاية والقواعد الصحية، هي نقطة البداية لسلسلة من المتاعب الصحية التي تهدد المرأة وجنينها على حد سواء، لا سيما في فصل الصيف، وتتسبب في مشاكل للمحيط الأسري والمجتمع ككل. هناك عدة مخاطر صحية يمكن للحامل أن تتجاوزها لتحافظ بذلك على صحتها وصحة طفل المستقبل، وهي البدء بمتابعة الحمل.. هكذا لخص الدكتور جمال الدين أولمان، مكلف بالاتصال الاجتماعي حول الصحة بوزارة الصحة، أسس العناية بالحمل. وتشمل العناية الالتزام بإجراء أربعة فحوصات طبية خلال مدة الحمل، تفادي الحمام البارد خلال هذا الفصل، وكذا الساخن الذي يهدد بالإسقاط خلال الثلاثي الأول من الحمل.. عدم الإفراط في تناول المواد الغذائية التي تحتوي الكافيين وتفادي الرحلات الطويلة ابتداء من الثلاثي الثاني من الحمل والرحلة بالطائرة بعد الشهر الثامن من الحمل، فالمعروف هو أن الأسفار تكثر بشكل ملحوظ في هذا الموسم الذي يتميز بكثرة الأعراس والمناسبات. كما ينبغي تجنب بعض المواد الكيميائية في الأشهر الأولى للحمل كصبغة الشعر - مثلا - التي تتزين بها المرأة لحضور الولائم، وكذلك التصوير بالأشعة الذي قد يحدث خللا في الخلايا. وبالمقابل، تنصح الحامل في هذا الفصل بممارسة رياضة المشي والسباحة على الظهر، مع تجنب الرياضة العنيفة أو حمل الأدوات الثقيلة. وبهذا الخصوص تعلق السيدة عدوش، تزاول مهنة القابلة منذ 15سنة : " إن معظم حالات الإجهاض التي تسجلها المصالح الطبية مع اقتراب رمضان تعود إلى عادة تنظيف المنازل التي تقوم بها ربات البيوت لاستقبال الشهر الكريم، وما ينجم عن ذلك من حمل للأدوات الثقيلة واستعمال للسلم، حيث غالبا ما تسقط المرأة الحامل جراء ذلك.. والمفترض هو أن تتجنب ذلك حفاظا على صحتها وصحة جنينها". وعندما تكون المرأة أكثر وعيا، فإنها تساعد طبيبها على اكتشاف الأعراض التي تنبئ بوجود إصابات.. والمعروف هو أن العديد من الحوامل عرضة لمشكل ارتفاع الضغط الشرياني الذي يقتل مليوني حامل سنويا في العالم، معظمهن ينتمين إلى الشريحة العمرية الممتدة بين 15 و35 سنة. ومن أسباب الإصابة به السمنة، العامل الوراثي، الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة والسكري، حيث أن ارتفاع الضغط الشرياني يتطلب راحة تامة في الفراش لمدة طويلة والنوم على الجنب الأيسر.. وهنا ينبه الطبيب إلى أن عدم العلاج يهدد بالإصابة بتشنج يظهر في صورة شبيهة بالنوبة العصبية، علما أنه قد يؤدي إلى الموت. ويمكن أن تصاب المرأة الحامل بعدة مشاكل صحية أخرى أثناء موسم الحرارة، يتقدمها التهاب ليستريا الذي تسببه جرثومة قد تؤدي إلى الولادة المبكرة.. ومن الممكن تجنبه بتفادي استهلاك بعض المواد الغذائية مثل الجبن المبشور الجاهز و"الكاشير" مع الالتزام بتنظيف الثلاجة وعدم خلط الأغذية المطهية مع النيئة. ويشدد الدكتور على ضرورة إجراء التحاليل للتأكد من عدم الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي، وتفادي الاحتكاك بالقطط لتجنب الإصابة بداء المقوسات الذي يهدد بتشويه الجنين، فضلا عن استشارة الطبيب بمجرد ملاحظة بعض الأعراض المرضية، لأن الأمر قد يتعلق بداء الحميراء أو جدري الماء (بوشوكة). وإلى جانب هذه المخاطر الصحية يدق الأطباء ناقوس الخطر، بخصوص ارتفاع نسبة التدخين في وسط النساء، الأمر الذي يهدد مصنع البشر الطبيعي بالأمراض ويقلل نسبة الخصوبة، إذ تزداد المخاطر في فترة الحمل، باعتبار أنها تهدد بالحمل خارج الرحم، الإسقاط، النزيف، الولادة المبكرة، موت الجنين أو تشوهه واضطراب الجهاز التنفسي لديه. كما يهدد التدخين السلبي الرضيع بالموت المفاجئ بعد الولادة. ويلاحظ في مرحلة الحمل، أن العديد من النساء يلجأن إلى الحمية بسبب الزيادة في الوزن التي تتراوح بين 12 و15 كيلوغراما، لكن الأطباء يقولون أنه لا يحق للمرأة التخلص من الأرطال الزائدة الناجمة عن عملية التخزين التي يقوم بها الجسم لفائدة نمو الجنين ولإنتاج الحليب الطبيعي لاحقا. ولهذا ينبغي اتباع نظام غذائي متوازن وتفادي الشحوم والمقليات، مع الأخذ في الحسبان أن الحليب ومشتقاته أهم مصادر الكالسيوم الذي يساعد في نمو الهيكل العظمي للجنين، وأن اللحوم أهم مصدر للحديد، في حين أن الشاي والقهوة يقللان من نسبة امتصاص الكالسيوم والحديد.