تعرف سوق العملة الصعبة انتعاشا كبيرا، في فصل الصيف ككل سنة، وهذا بالنظر إلى الحجم الكبير للتعاملات التي تتم فيها، حيث تعرف حركية كبيرة وحيوية، رغم الحرارة العالية التي تسود هذا الفصل. تقربنا من بعض الباعة في شارع بور سعيد، المعروف بالسكوار الذين ينتشرون في كل الممرات ويقفون حتى على الطريق العام للتعرف أكثر على أحوال السوق في هذه الأيام. ويلاحظ كل من يمر من هذا الشارع رزم الأوراق النقدية، التي يحملها الباعة الذين يعرضون على الزبائن مختلف العملات (أورو، دولار أمريكي، دولار كندي، جنيه إسترليني، إلى غيره من العملات الأخرى الأقل تداولا)، أما زبائن هذه السوق الموازية للعملة لاسيما في الصيف فهم غالبا من المغتربين العائدين إلى الديار لقضاء العطلة، أوالجزائريين المسافرين إلى خارج الوطن من أجل السياحة، إضافة إلى آخرين من تجار الحقيبة والمتقاعدين الذين يتلقون تقاعدهم بالعملة الأجنبية. وتعرف أسعار العملات اختلافا مابين الباعة، لكن المتداول هذه الأيام هوالانخفاض في سعر الأورو بنسبة قليلة، حيث وصل إلى 120,35 دينار للأورو الواحد بعدما كان خلال الأيام القليلة الماضية 120,40 دينار، في حين لوحظ ارتفاع في قيمة الدولار الذي وصل عند باعة بالسكوار إلى 80,90 دينار للدولار الواحد، هذا طبعا بالنسبة للشراء أما للبيع فإن الأورو محدد ب120,25دج والدولار ب 80,70 دج. ويتم تحديد السعر حسب التغيرات في سوق العملة الدولية حسب مايقوله البائعون إلا أن الميكانيزمات تبقى مجهولة مثلما هي مجهولة مصادر تموين هذه السوق الذي أصبح الملجأ الوحيد لكل من يريد شراء العملة أو بيعها. وتتأثر السوق باختلاف المواسم، فمثلا الانخفاض الطفيف الذي عرفه سعر الأورو خلال هذه الأيام، يعود إلى وفرة العملة الأوروبية بسبب دخول المغتربين إلى أرض الوطن، وسيعرف انخفاضا أكثر حسب البائعين تبعا لحجم تدفق هؤلاء، فيما يلتهب سعر الأورو بحلول موسم الحج والعمرة بسبب الطلب الكبير عليه من طرف الحجاج والمعتمرين. وتختلف نوعية الزبائن، الذين يقصدون السكوار باختلاف الحاجة إلى العملة، أو باختلاف المواسم أيضا، فعلى مدار السنة يقصد هذا السوق تجار الحقيبة الذين يغيرون العملة من أجل السفر إلى الخارج وجلب مختلف السلع، إلى جانب بعض المستوردين الكبار الذين يفضلون التعامل بهذه السوق بدل البنك لاختلاف الأسعار بينهما، إضافة إلى المواطنين الآخرين الذين يسافرون لقضاء أيام العطل خارج الجزائر. يقول مولود. ف أحد تجار الحقيبة: "أنا معتاد على السفر مرتين في الشهر، ولهذا أحتاج إلى عملة أجنبية، وليس هناك مكان أغير فيه العملة سوى هذا السوق"، مع العلم أن البنوك الجزائرية لاتسمح للمواطن بتغيير الدينار إلا مرة واحدة في العام، بشرط أن لايتعدى المبلغ 15 ألف دج وتقديم تذكرة السفر للبنك. وحتى وإن كثر الزبائن على باعة السوق الموازية للعملة، فإن المغتربين الجزائريين هم أكثر الفئات استفادة من هذه السوق لاسيما في الصيف، حيث يعمدون لبيع عملاتهم بمقابل أعلى من ذلك المطبق في البنوك. يقول إبراهيم. ب أحد المغتربين بفرنسا: "كلما جئت إلى الجزائر لقضاء عطلتي، أقوم بتغيير الأورو في سوق السكوار، لأنني أحصل على قيمة أكبر من التي أحصل عليها في البنك". وحتى وإن كان المغتربون أكثر المنشطين لهذا السوق خلال فصل الصيف، فإن المتقاعدين بالعملة الصعبة لهم دورهم في تداول هذه العملة الأجنبية. ويكثر العرض والطلب خلال هذه الأيام من الصيف، أين يجد الجميع ضالتهم سواء من الباعة، أو الزبائن ويتغيرالسعر أحيانا بسرعة البرق، فكثيرا ما يندم المتعامل مع هذه السوق على تأخره في الشراء والبيع نظرا لتغير الأسعار بين الفينة والأخرى.