تحولت ساحة ''بورسعيد'' بالعاصمة الى بورصة سوداء تتداول بها مئات الملايين من السنتيمات يوميا، وتباع هناك مختلف العملات الأجنبية الصعبة جهارا نهارا وأمام أعين حتى رجال الشرطة أنفسهم. ويدهشك منظر الشباب الحاملين رزم الأوراق النقدية ملوحين بها للمارة وأصحاب السيارات الباحثين عن العملة الصعبة . أضحت تجارة الدوفيز، التي كان يحترفها خلسة بعض الأشخاص في الماضي يعدون على الأصابع، مفتوحة أمام الجميع ببروز باعة يتجاوز عددهم عدد المارين بساحة بور سعيد بالعاصمة. ولا يترددون حتى في الوقوف على امتدا الطريق الفاصل بين محكمة عبان رمضان الى غاية ساحة الشهداء لترصد المارة والسيارات التي يتوقف أصحابها خصيصا لبيع وشراء العملة الصعبة والأخذ والرد معهم بخصوص ما يحوزون عليه من أورو على وجه الخصوص في ممارسات غير قانونية تتم على المكشوف. والجدير بالذكر أن تجارة العملات صارت تستهوي الكثير من الشباب ويحترفها أباطرة يمنحون مبالغ ضخمة لبعض الشبان البطالين مقابل الاستفادة من نسبة مئوية يتفقان عليها مسبقا، وان رفض اغلب الباعة التصريح بذلك فان أحدهم أسر لنا بذلك دون ان يعرف هويتنا الحقيقية. الصيف أكثر الفصول انتعاشا تشهد سوق العملة الصعبة انتعاشا كبيرا في فصل الصيف ككل سنة وهذا بالنظر إلى الحجم الكبير للتعاملات التي تتم فيه، حيث تعرف حركية كبيرة وحيوية، رغم الحرارة العالية التي تسود هذا الفصل. تقربنا من بعض الباعة في شارع بورسعيد، المعروف ب''السكوار'' الذين ينتشرون في كل الممرات ويقفون حتى على الطريق العام، للتعرف أكثر على أحوال السوق في هذه الأيام. ويلاحظ كل من يمر من هذا الشارع رزم الأوراق النقدية التي يحملها الباعة الذين يعرضون على الزبائن مختلف العملات (أورو، دولار أمريكي، دولار كندي، جنيه إسترليني إلى غيره من العملات الأخرى الأقل تداولا). أما زبائن هذه السوق الموازية للعملة، ولاسيما في الصيف، فهم غالبا من المغتربين العائدين إلى الديار لقضاء العطلة، أو الجزائريين المسافرين إلى خارج الوطن من أجل السياحة، إضافة إلى آخرين من تجار الحقيبة والمتقاعدين الذين يتلقون تقاعدهم بالعملة الأجنبية. وتعرف أسعار العملات اختلافا مابين الباعة، لكن المتداول هذه الأيام هو الانخفاض في سعر الأورو بنسبة قليلة، حيث وصل إلى 35,120 دينار للأورو الواحد بعدما كان خلال الأيام القليلة الماضية 40,120 دينارا، في حين لوحظ ارتفاع في قيمة الدولار الذي وصل عند باعة بالسكوار إلى 90,80 دينارا للدولار الواحد، هذا طبعا بالنسبة للشراء، أما للبيع فإن الأورو محدد ب25,120دج والدولار ب 70,80 دج. المغتربون وتجار الحقيبة في مقدمة الزبائن يقول أحد الشباب الباعة الذي رفض ذكر اسمه إن السوق تتأثر باختلاف المواسم، فمثلا الانخفاض الطفيف الذي عرفه سعر الأورو خلال هذه الأيام، يعود إلى وفرة العملة الأوروبية بسبب دخول المغتربين إلى أرض الوطن، وسيعرف انخفاضا أكثر، حسب البائعين، تبعا لحجم تدفق هؤلاء، فيما يلتهب سعر الأورو بحلول موسم الحج والعمرة بسبب الطلب الكبير عليه من طرف الحجاج والمعتمرين. وتختلف نوعية الزبائن الذين يقصدون السكوار باختلاف الحاجة إلى العملة أو باختلاف المواسم أيضا، فعلى مدار السنة يقصد هذا السوق تجار الحقيبة الذين يغيرون العملة من أجل السفر إلى الخارج وجلب مختلف السلع، إلى جانب بعض المستوردين الكبار الذين يفضلون التعامل بهذه السوق بدل البنك لاختلاف الأسعار بينهما، إضافة إلى المواطنين الآخرين الذين يسافرون لقضاء أيام العطل خارج الجزائر وحتى وإن كثر الزبائن على باعة السوق الموازية للعملة، فإن المغتربين الجزائريين هم أكثر الفئات استفادة من هذه السوق ولاسيما في الصيف، حيث يعمدون لبيع عملاتهم بمقابل أعلى من ذلك المطبق في البنوك. يقول ''الياس .ح''، شاب مغترب، إنه يقوم بتغيير ''الاورو'' كلما عاد الى الجزائر ويعتبر سوق'' السكوار'' وجهته الوحيدة بحكم انه تعود عليه ولا يملك خيارا ثانيا، كما أن السوق يمنحك قيمة أكبر من البنك. وحتى وإن كان المغتربون أكثر المنشطين لهذا السوق خلال فصل الصيف، فإن المتقاعدين بالعملة الصعبة لهم دورهم في تداول هذه العملة الأجنبية ويكثر العرض والطلب خلال هذه الأيام من الصيف، حيث يجد الجميع ضالتهم سواء من الباعة أو من المواطنين المتقاعدين والمغتربين، محولين بذلك ساحة بور سعيد الى بورصة وسوق حقيقي للعملة الصعبة.