❊ مقاربة شاملة وواضحة المعالم بضمانات وآجال للتنفيذ ❊ خارطة طريق من أجل السلم والتنمية بمنطقة الساحل ❊ مرتكزات حل سياسي سلمي وفق رؤية استراتيجية ❊ مفاتيح حل توافقي يجنب ويلات التدخلات العسكرية تلقي الجزائر بكامل ثقلها في ملف تسوية أزمة النيجر التي أخذت أبعادا خطيرة، خاصة بعد التلويح بالتدخل العسكري من قبل بعض الأطراف، حيث سارعت الجزائر إلى لملمة الوضع عبر المبادرة التي طرحها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والتي تضمنت مرتكزات لحل سياسي وفق رؤية استراتيجية حظيت بأجماع مجموعة "الإيكواس" والمجتمع الدولي. شكلت الندوة الصحفية التي عقدها أول أمس، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، فرصة لتقديم تفاصيل عن هذه المبادرة المتكونة من ستة محاور واضحة المعالم، مستمدة من المواقف الثابتة للسياسة الخارجية للجزائر منذ الاستقلال، وتستجيب لتطلعات كل الدول الداعمة للسلم في العالم. ويلخص المحور الأول هذه الرؤية بالتأكيد على مبدأ احترام الشرعية الدستورية، الذي تعتبر الجزائر نفسها الحافظ المعنوي والسياسي والأخلاقي له، وتحرص لذلك على تعزيز أليات فرض هذا المبدأ ورفض عدم شرعية التغييرات غير الدستورية للسلطة في إفريقيا. كما تضمنت المبادرة في محورها الثاني إجراءات عملية لتقليص فترة اللااستقرار السياسي، من خلال اقتراح "فترة زمنية مدتها ستة أشهر لبلورة وتحقيق حل سياسي يضمن العودة إلى النظام الدستوري والديمقراطي في النيجر، عبر معاودة العمل السياسي في إطار دولة الحق والقانون". ويضفي المحور الثالث الصبغة التشاركية لحل الأزمة، عبر اقتراح صياغة ترتيبات سياسية بمشاركة وموافقة جميع الأطراف في النيجر دون إقصاء لأي جهة مهما كانت، على أن لا تتجاوز مدة هذه الترتيبات 6 أشهر وتكون تحت إشراف سلطة مدنية تتولاها شخصية توافقية. وبلاشك فإن إنجاح هذه الترتيبات يتطلب تقديم الضمانات الكافية لكل الأطراف، حيث ركز المحور الرابع في هذا السياق على تقديم مقاربة سياسية مقترحة من طرف الجزائر، لضمان ديمومة الحل السياسي وقبوله من طرف كافة الفاعلين في الأزمة وفي مسار حلّها. من هذا المنطلق ستقوم الجزائر وفق المحور الخامس من المبادرة بمباشرة اتصالات ومشاورات حثيثة مع كل الأطراف المعنية التي يمكن أن تساهم وأن تساعد في حل الأزمة سياسيا أو تدعم المساعي الرامية لذلك. وينص المحور السادس والأخير على تنظيم مؤتمر دولي حول التنمية في الساحل، بهدف تشجيع المقاربة التنموية وحشد التمويلات اللازمة لتنفيذ برامج تنموية في هذه المنطقة، التي هي أحوج ما تكون إلى البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية ليشكل ذلك بمثابة تتويج للعملية السياسية. وحرصت المبادرة التي تعد انعكاسا لمواقف الجزائر في تسوية الملفات الجهوية والاقليمية على استبعاد القوة والعنف في ملف أزمة النيجر، انطلاقا من التجارب التي عرفتها المنطقة والتي لم تؤد سوى إلى تأجيج الوضع وتفشي الفوضى، على غرار ما جرى في ليبيا ومالي وما كان لذلك من تداعيات على دول الجوار الأخرى. وترى الجزائر في هذا الإطار أنه من الأهمية بمكان تطويق الأوضاع في أسرع وقت من خلال إشراك كافة الأطراف المعنية، عبر ثلاثة اتجاهات هي داخليا مع كل الأطراف وجهويا مع دول الجوار ودوليا، مع البلدان التي تضمن المساعي السلمية، موازاة مع تمسكها بموقفها الرافض للتغييرات غير الدستورية للحكومات والمطالبة بالعودة إلى النظام الدستوري واحترام المؤسسات الديمقراطية في البلاد. ويستشف من مبادرة الرئيس تبون، التمسك بتقليص مدة الأزمة، من خلال تحديد فترة ستة أشهر لبلورة وتحقيق حل سياسي من أجل العودة للنظام الدستوري في النيجر، عكس ما يطالب به الانقلابيون الذين حددوا مدة ثلاث سنوات، كمرحلة انتقالية وهي المدة التي قد تفرز العديد من المشاكل التي سيدفع ثمنها بلاشك شعب النيجر ودول الجوار على السواء، بسبب ما ستخلفه من آفات تترتب عن الهجرة غير الشرعية وانتشار الإرهاب والجريمة المنظمة بالمنطقة. من هذا المنطلق تحرص الجزائر على ضمان رؤية استباقية لتفادي هذه الانعكاسات الخطيرة، من خلال سعيها إلى إشراك كافة الأطراف النيجرية، من أجل استبعاد الروح الانتقامية وكل أعمال العنف التي قد تدخل النيجر في مستنقع يصعب الخروج منه، فضلا عن ضمان المزيد من الدعم من قبل دول الجوار والمجتمع الدولي ككل، حيث نجحت مبادرة رئيس الجمهورية، فور الإعلان عنها في تحقيق هذا الإجماع حول ضرورة الحل السلمي. كما أن هذه المبادرة تحمل في طياتها الكثير من مفاتيح حل الأزمة على المدى البعيد، ليس للنيجر فحسب، بل لمنطقة الساحل ككل نظرا لما تعانيه من تأخر كبير في التنمية وانتشار الأعمال الإجرامية التي وجدت في هذه الأوضاع مرتعا خصبا لتنفيذ مخططاتها، ما جعل الجزائر تقترح عقد مؤتمر دولي للتنمية حول الساحل لإضفاء الرؤية الشمولية في حل مختلف الازمات السياسية، الاقتصادية والاجتماعية. ولذلك تشكل هذه المبادرة بمثابة تذكير بالالتزام الأخلاقي الذي كرسته قمة منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا) بالجزائر سنة 1999، عندما دعت إلى تجريم الانقلابات في إفريقيا للتفرغ إلى التنمية، وهو ما جعل الجزائر تحرص على نقل هذا الانشغال إلى قمة الاتحاد الإفريقي المقبلة. خبراء أفارقة يشيّدون بمبادرة رئيس الجمهورية حول النيجر.. خارطة طريق تضمن ديمومة الحلّ السلمي أجمع خبراء ومختصون أفارقة في الشأن السياسي، على أن مبادرة الجزائر الرامية إلى حل الأزمة في النيجر تعد بمثابة خارطة طريق تؤسس للحل السلمي وتقدّم ضمانات كافية لديمومته. في هذا الإطار، أكد الكاتب الصحفي النيجري حبيب بوري أمس، في تصريح للقناة الإذاعية الأولى على أهمية المبادرة الجزائرية، مضيفا بالقول "المبادرة الجزائرية مهمة جدا وجاءت في الوقت المناسب لأنه كان هناك فراغ سياسي ودبلوماسي كما تكمن أهميتها في أنها وضعت لحلّ الأزمة خارطة طريق." من جانبه ثمّن المدير التنفيذي لاتحاد علماء إفريقيا عمر بامبا مبادرة الجزائر الرامية إلى وضع أسس الحل السلمي للأزمة بالنيجر، مؤكدا أن هذه المبادرة ستقدم ضمانات كافية لكل الأطراف بما يكفل ديمومة الحل السلمي. وأضاف المتحدث أن "هذه المبادرة تأتي أولا لتعزيز مبدأ عدم شرعية التغييرات غير الدستورية ووضع الترتيبات السياسية للخروج من الأزمة وستقدم الضمانات الكافية حسب قراءاتي لكل الأطراف بما سيكفل ديمومة الحلّ السياسي مع عقد اتصالات ومشاورات حثيثة مع كل الأطراف المعنية". كما رجح المدير التنفيذي لاتحاد علماء إفريقيا عمر بامبا تنظيم مؤتمر دولي حول الأمن والتنمية في المنطقة على اعتبار أن هذه المبادرة لها أهمية كبيرة في منطقة الساحل بأسرها .