أكد المشاركون في ندوة حول التوجيه المدرسي والجامعي وعلاقته بالمستقبل المهني أن هناك شرخا كبيرا بين ما تكونه الجامعة واحتياجات المؤسسات الاقتصادية بسبب غياب التواصل بين الطرفين وعدم إشراك الجامعة للمتعاملين معها عند اتخاذ القرارات، ما أدى إلى تخرج طلبة بشهادات لا تستجيب لمتطلبات سوق الشغل، حيث يوجهون إلى مجالات ليس لها علاقة بنوعية تكوينهم أو يجدون أنفسهم في مواجهة مشكل البطالة. وأشار المتدخلون في ندوة نظمت أمس بيومية المجاهد إلى أن التعليم العالي بوضعيته الحالية لا يكون للمؤسسات الاقتصادية وأن هناك فارقا كبيرا بين العرض الذي تقدمه مختلف المؤسسات الجامعية وطلب المؤسسات من اليد العاملة، حيث أوضح المدير العام للمدرسة العليا للتسيير السيد بلقسام محمد شريف أن وضعية سوق الشغل بالنسبة للمتخرجين من الجامعة لا تبعث على الارتياح، حيث لا تستجيب معظم العروض للطلب الاقتصادي فضلا عن ندرة الإمكانيات ونقص بعض التخصصات الهامة والكفاءة بسبب نقص التأهيل. وقد حذر المتحدث من انعكاسات هذه الوضعية التي أدت الى هجرة الأدمغة الجزائرية للخارج، بينما كانت الجزائر مصدرة للإطارات المؤهلة منذ أقل من أربعين سنة، مشيرا إلى أن عدد الإطارات التي غادرت إلى كندا الى غاية 30 ديسمبر2007 بلغ 50 ألف جزائري 80 بالمئة منهم لديهم مستوى تأهيلي مقبول كما من بين 13الف طبيب بفرنسا هناك سبعة آلاف طبيب من جنسية جزائرية، ما يؤدي الى انعكاسات سلبية على الجامعة البحث العلمي.. وأرجع السيد بلقسام الشرخ الموجود بين التعليم العالي والمؤسسات الاقتصادية والاختلال بين العرض والطلب إلى التسيير غير الناجع للتعليم العالي الذي يسير -كما قال -بعقلية إدارية بدليل عدم إشراك المعنيين من المتعاملين مباشرة مع الجامعة عند اتخاذ الإجراءات البيداغوجية وخاصة محتويات البرامج. ويقترح المتحدث لمعالجة هذه النقائص مراجعة منطق المانجمنت في النظام التربوي والتعليم العالي بصفة عامة وإشراك المتعاملين الاوائل في اتخاذ القرارات الخاصة بالقطاع، إسناد العمل التقني للخبراء والخروج من البيروقراطية. من جهته؛ أكد مدير عام المعهد الوطني للإنتاجية والتنمية الاقتصادية السيد عبد الرحمن موفق على ضرورة انفتاح الجامعة على العالم الخارجي والاهتمام بالأساتذة الباحثين من خلال سن قانون خاص لتحسين وضعيتهم وجعل الجامعة تنتج الكفاءات العالية مقابل بذل المؤسسات مجهودات لتوظيف المتخرجين من الجامعة للحصول على تأطير جيد. وفي هذا السياق؛ أوضح أن المؤسسة التي يسيرها تسعى للاستجابة لاهتمامات المؤسسات واحتياجاتها من الإطارات المسيرة ورؤساء المؤسسات من خلال إنشاء مدرسة عليا في المناجمنت، كما أشار إلى ضرورة أن تتجاوز الجامعة مرحلة التكوين من اجل التكوين دون الأخذ بعين الاعتبار احتياجات المؤسسة لأن ذلك يؤدي الى استقدام هذه الأخيرة للكفاءات من الخارج. وتأتي مشكلة التوظيف بعد التخرج في صدارة الهواجس التي تؤرق المتخرجين من الجامعة والاطارات خاصة بالنسبة للغالبية الذين يتم تكوينهم في تخصصات غير مطلوبة بالاضافة الى المحسوبية التي تكون عادة العامل الأول في التوظيف والحصول على منصب شغل قار.