فتحت دار الفنون "كريشاندو" فضاء للعرض، يستضيف في كل مرة، أعمالا فنية لفنانين تشكيليين وحرفيين، من المختصين في الفن المعاصر خاصة، وبهذه المناسبة، تم مؤخرا تنظيم معرض للفنانين نور اليقين طيب الزغيمي ويونس قويدر. قالت الفنانة نور اليقين طيب الزغيمي ل«المساء"، إنه تم تكليفها بإدارة فضاء العرض ب«كريشاندو"، وتنظيم معارض فنية في الرسم والصورة والنحت والحرف التقليدية، وغيرها من الفنون التي تنصب أغلبها في وادي الفن المعاصر، مضيفة أنه أطلق عليه تسمية "أورما"، ويقصد به البصمة باللغة الإيطالية، إذ كل فنان ينظم معرضه في المدرسة، يترك حتما بصمته الفنية هناك. أما عن المعرض الذي تشارك فيه نور اليقين رفقة يونس، فتعرض فيه الفنانة لوحات لها في الفن الساذج، الذي عُرفت به، والبداية بعرضها لخمسة أعمال تقدمها في شكل دائري، مستعملة فيها سدادات براميل مختلفة الأحجام، رسمت عليها أشكالا تدل على الفن الإفريقي، مثل ثلاث هيئات على شكل إنسان، ترقص. بالقرب منها نجد لوحة كبيرة تفرعت منها لوحتان صغيرتان، كان يمكن أن تجمعها نور في لوحة واحدة، بما أنها تعبر عن نفس الموضوع، إلا أنها شاءت أن تفصل الصغيرتين عن أمهما. وفي هذا قالت نور ل«المساء"، إنها عنونت اللوحة الكبيرة ب«التنوع الثقافي"، وهي عبارة عن امراة تمثل الجزائر بكل تنوعاتها الثقافية والتراثية وكذا ثرائها، لهذا فقد استعملت العديد من الألوان في هذه اللوحة الكبيرة، أرفقتها بلوحتين صغيرتين. لوحة أخرى لنور استعملت فيها الألوان الزرقاء والخضراء والحمراء والصفراء وغيرها، رمز لمنطقة تيزي وزو، حيث رسمتها لكي تساند معنويا كاتبة من عزازقة، أصيبت بمرض السرطان، لهذا اختارت ألوانا تمثل المنطقة التي تنحدر منها الكاتبة، شفاها الله. بينما استعملت في لوحة أخرى، مواد أعيد تدويرها، مثل الإطار، وحتى اللوحة التي هي في الأصل كرتون، لأن نور علاوة على تعلقها بالفن الساذج، فإنها أيضا تحب استغلال المواد المعاد تدويرها. بينما رسمت نور في أعمال أخرى التين البربري. من جهته، يقدم الفنان يونس قويدر في هذا المعرض، مجموعة من اللوحات كبيرة الحجم، بالإضافة إلى دمى مصنوعة من النسيج والأسلاك والحبال وغيرها. عبر بها رفقة نور عن تضامنهما المطلق مع غزة. وفي هذا، قال يونس، إنه حاول استعادة تراثنا القديم المتعلق بصناعة الدمى، التي كانت تنجز بالأيدي. أما اللوحات المعروضة ليونس، فتندرج ضمن مجموعته الفنية، التي تتشكل من 17 لوحة، وما تزال القائمة مفتوحة، رسم فيها شخصيات جزائرية أسطورية، وأخرى خارجة عن المألوف. وفي هذا، قال يونس ل«المساء"، إنه جزائري مُشرب بكل ما يحيط ويهم المجتمع الجزائري، كما أنه يحاول استخراج الشخصيات التي يمكن له أن يحتك بها، أو أن يجدها في هذا المجتمع في لوحاته، لكن بشكل فني وحتى طفولي، وكأنها تخيلات أو منام أو حتى أسطورة. وهكذا رسم يونس في لوحة، صيادا برأس سمكة يصطاد دلافين، وفي أخرى رسم امرأة تحمل قُلة تصطاد السمك بلسانها الطويل، أما في لوحة ثالثة، فرسم سمكة كبيرة برأس دب صغير، تسبح في الماء. واستعمل في هذه اللوحات الكثير من الألوان القوية، مثل الأحمر وقليل من الأزرق، فإلى ما يعود ذلك؟ لماذا اختار يونس اللون الأحمر ليعبر به عن ولعه بالبحر الأزرق؟ يجيب يونس، بأن حبه الشديد للبحر لا غبار عليه، فهو وليد منطقة بحرية (برج الكيفان) وعمه كان صيادا، لكنه استعمل اللون الأحمر نسبة لفن النسيج الذي يعشقه أيضا، ويمارسه بكثرة، وهو فن قريب من لون الأرض، أي الأحمر، ولون منطقة الجنوب التي تمارسه، لهذا مزج أو قرب بين فنين يحبهما، أي الرسم والنسيج، وكذا بين منطقتين قد تبدوان بعيدتان عن بعضهما، لكن الأمر غير ذلك، وهما الجنوب أي الصحراء والبحر. في المقابل، تحدث يونس ل«المساء"، عن تخرجه من جامعات أمريكية، حيث درس الفن التشكيلي في جامعتي يال وأيوا، فقال إن في أمريكا تفتح فني واسع وتطور كبير في أشكال الإبداع، لكنه حينما قدم إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، حمل معه ذكريات الطفولة والحنين إلى بلده الجزائر، وهو ما برز جليا في أعماله التي يواصل يونس إنجازها، وهو حاليا مقيم في الجزائر، حيث يتشبع الفنان الرحالة بالعائلة.