أعلنت إسبانيا، أمس، عن تخصيص مساعدة مالية عاجلة بقيمة 3,5 مليون أورو لفائدة الوكالة الأممية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" المهددة بوقف أنشطتها الإغاثية بسبب تعليق دول غربية منحازة للكيان الصهيوني دعمها المالي، في وقت يمر فيه الفلسطينيون في قطاع غزة بأحلك أيامهم ويتخبطون في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في القرن الحالي. قال وزير الخارجية الاسباني، خوسي لويس ألباريس، في ظهور له أمام لجنة برلمانية إن "اسبانيا ستخصص مبلغا ماليا استعجاليا بقيمة 3,5 مليون أورو حتى تتمكن الاونروا من مواصلة أنشطتها على المدى القصير"، محذرا من أن "وضع الأونروا يائس وهناك خطر كبير يتمثل في إصابة أنشطتها الإنسانية في غزة بالشلل في الأسابيع المقبلة". وبحسب رئيس الدبلوماسية الإسبانية فإن قيمة الأموال المجمّدة تفوق 440 مليون دولار، أي ما يعادل نحو 409 ملايين أورو، وهي تمثل نصف عائدات الوكالة الأممية لعام 2024. وبالتالي، فإن تقديم إسبانيا لهذا المبلغ المالي حتى وإن كان غير كاف ويمثل جزءا بسيطا من احتياجات الاونروا المالية، فإنها تبقى مبادرة أخرى تحسب لإسبانيا في دعمها للقضية الفلسطينية ولحقوق الفلسطينيين المغتصبة. وتعد إسبانيا إلى جانب بلجيكا والنرويج، من الدول الاوروبية القليلة الرافضة للعدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من أربعة أشهر والداعية إلى الوقف الفوري لإطلاق النار. ويأتي الموقف الانساني على نقيض تماما مواقف عدة دول أوروبية، إضافة إلى الولاياتالمتحدة، كانت سارعت إلى قطع التمويل على الوكالة الأممية لمجرد اتهامها من قبل إسرائيل بمشاركة بعض أعضائها في عملية "طوفان الأقصى" في السابع أكتوبر الماضي. ولم تنتظر هذه الدول حتى التحقيق والتأكد من صحة الاتهامات التي كالها الكيان الصهيوني لهذه الوكالة الأممية التي يسعى منذ زمن لتصفيتها من أجل إغلاق ملف اللاجئين باعتباره واحدا من أهم الملفات التي يجب حسمها من خلال تمكين هؤلاء من حق العودة لتسوية القضية الفلسطينية. وتساهم الدول التي أعلنت قطع التمويل بنحو 75 من المئة من ميزانية الاونروا المسؤولة رسميا عن ملف اللاجئين الفلسطينيين ليس فقط من حيث إغاثتهم وتقديم المساعدات الإنسانية، وإنما تملك تفويضا رسميا لاحتواء هذا الملف سياسيا باعتبار أن مهمتها تنتهي مع عودة هؤلاء اللاجئين سواء المهجّرين خارج فلسطين أو النازحين بداخلها إلى ديارهم وقراهم وبلداتهم. ويعني قطع التمويل عنها في أوج العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى جانب الحصيلة الجد ثقيلة والدامية التي تجاوزت عتبة 27 ألف شهيد، أكثر من 64 ألف جريح وقرابة مليوني نازحين، عقابا جماعيا جديدا في حق سكان غزة المحاصرين بمدفعيات ودبابات وطائرات الاحتلال وحرمانهم من أدنى مقومات الحياة. وهو ما صعد المخاوف سواء على المستوى الأممي ولدى الجانب الفلسطيني من مغبة هذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر لما قد يترتب عنها من عقاب جماعي للفلسطينيين قد يصل لحد الإبادة الجماعية لسكان غزة. وفي محاولة لاحتواء هذه الأزمة التي افتعلتها إسرائيل بدعم من الدول الغربية الداعمة لها، أعلن الأمين العام الأممي، انطونيو غوتيريس، أمس، عن إنشاء لجنة مستقلة مكلفة بتقييم "حياد" الاونروا وعملها بعد تلك الاتهامات. وتقود هذه اللجنة، وفق بيان صادر عن المنظمة الأممية، وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة، كاثرين كولونا، بالتعاون مع ثلاثة مراكز بحث. وهي مطالبة برفع تقرير مؤقت إلى غوتيريس مع نهاية شهر مارس ثم تقديم مع نهاية شهر أفريل تقرير نهائي يتضمن إذا كان ضروريا توصيات لتحسين وتعزيز الآليات المتواجدة في الميدان.