❊ تاقجوت: مصادر تمويل جديدة لتكييف الزيادات مع تطوّر الاقتصاد الوطني ❊ منظمة المتقاعدين: قرارات الرئيس تبون تحسّن الظروف المعيشية للمتقاعدين ❊ كاوبي: اعتماد قاعدة اشتراك 6 موظفين لضمان معاش متقاعد واحد ❊ بوحرب: مصادر التمويل الجديدة يجب أن تتلاءم مع النظام الاقتصادي ❊ تيغرسي: دخول صندوق التقاعد في البورصة ينعش مداخيله بشكل كبير ثمّن نقابيون وخبراء في الاقتصاد قرارات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون الأخيرة، لرفع قيمة معاشات ومنح المتقاعدين بنسب تتراوح بين 10 و15%، حيث اعتبروها تكريسا للتوجهات الاجتماعية وصون كرامة الجزائريين عامة والمتقاعدين خاصة، من خلال إعادة الاعتبار لقيمة الجهد والعمل في الجزائر الجديدة، رغم الظروف الاقتصادية التي تفرض، حسبهم، إيجاد مصادر تمويل جديدة للصندوق الوطني للتقاعد، حتى تتماشى هذه الزيادات مع تطوّر الاقتصاد الوطني. أثار قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، رفع معاشات ومنح المتقاعدين بنسب تتراوح بين 10 و15%، تفاعلا إيجابيا في أوساط المتقاعدين والمتقاعدات، كما ثمّن خبراء ونقابيون هذا القرار، الذي يهدف بالدرجة الأولى إلى صون كرامة هذه الفئة، التي قدمت الكثير للوطن. بهذا الخصوص، أكد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، أعمر تاقجوت، في اتصال مع "المساء"، أن قرار رئيس الجمهورية مراجعة منح المتقاعدين، يعتبر قرارا هاما، لا سيما وأن عمال اليوم، هم متقاعدو الغد، ما يعني أنها مكتسبات جديدة لهم، مشيرا إلى أن الرئيس أعاد الاعتبار لهذه الفئة، من خلال تحسين ظروفهم المعيشية، خاصة أولئك الذين يتقاضون معاشات قليلة. وأضاف أن رئيس الجمهورية، شدّد على ضرورة البحث عن مصادر تمويلية جديدة إضافية للصندوق الوطني للتقاعد، حتى تكون هذه الزيادات تتماشى مع تطوّر الاقتصاد الوطني بشكل مدروس، لتفادي التضخم، جراء الزيادات الدورية، داعيا في هذا الإطار إلى التفكير في كيفية تحسين أوضاع العمال قبل الخروج إلى التقاعد، بشكل يضمن لهم مستوى معيشيا جيدا دون اللجوء إلى الزيادات، مشيرا إلى أنه لا يمكن الاكتفاء بها لتحسين القدرة الشرائية، وإنما يجب اعتماد حلول اقتصادية بالاهتمام بالقطاعات المنتجة للثروة والمنعشة للاقتصاد. واعتبر تاقجوت أن السؤال الذي يطرح نفسه بشدة، هو كيفية تقوية الإنتاج الوطني، بشكل يخفض من ارتفاع الأسعار، وبالتالي إمكانية اقتناء العمال أو المتقاعدين لحاجياتهم بكل أريحية دون الحاجة إلى زيادات، موضحا أن قوة الاقتصاد من شأنها التقليل من الجباية والضريبة، خاصة على المواد واسعة الاستهلاك. كما شدّد على ضرورة التفكير في كيفية تحسين السوق وضمان المواد الواسعة للاستهلاك للطبقة الشغيلة والمتقاعدين، باعتماد حلول اقتصادية بحتة، تسمح لهذه الفئات بالعيش في كل أريحية. من جهتها، ثمّنت رئيسة المنظمة الوطنية للمتقاعدين المنتسبين للصندوق الوطني للتقاعد، فاطمة الزهراء حريبي، القرار السيادي الذي أصدره رئيس الجمهورية، والذي يعكس حرصه على تحسين مستوى المعيشة لهذه الفئة والحفاظ على كرامتهم. وقالت في اتصال مع "المساء"، إن الرئيس أعاد الاعتبار لهذه الفئة التي ساهمت في بناء الوطن، حيث وجّه تعليمات من أجل إعادة مراجعة منح المتقاعدين، التي تعكس مفهوم الدولة الاجتماعية بامتياز، الذي يعبر عن رؤيته السديدة واهتمامه بخدمة المتقاعدين والمساهمة في تقديم الأفضل للوطن. وذكرت المتحدثة، بأن تثمين المعاشات يجب أن يكون حسب الأجر القاعدي الذي أحيل به العامل على التقاعد، وليس المعاش الأخير، حتى تكون الزيادات ملموسة وتحقق الغرض الرئيسي من التثمين، وبالتالي تحسن الوضع المعيشي للمتقاعد الذي عانى الأمرين من أجل الحصول على معاشه. وأضافت أن صندوق التقاعد يعاني من عجز بسبب عدم تسديد عدة مؤسسات لاشتراكات عمالها، خاصة في القطاع الخاص، وبالتالي يجب التفكير في كيفية توسيع وعاء الاشتراكات الذي سيصاحبه ارتفاع في التحصيل، وزيادة نسبة المداخيل. انتعاش صندوق التقاعد مرهون بالرقمنة والقضاء على السوق السوداء في سياق متصل، أكد أستاذ المالية والاقتصاد بجامعة البليدة 2، البروفيسور عبد الحكيم بوحرب، أن قرارات الرئيس تبون الأخيرة، تعكس العناية التي يوليها، لتحسين ظروف معيشة المواطنين، خاصة فئة المتقاعدين، حيث جعل السيد الرئيس حماية القدرة الشرائية والرعاية الاجتماعية، من بين الأولويات التي توليها الدولة اهتماما خاصا وتعمل على رصد ما أمكن من موارد مالية لها. وأضاف الأستاذ بوحرب في اتصال مع "المساء" أن نظام التقاعد في الجزائر له هيكلة خاصة، لاسيما وأنه كان يعاني في 2022 من عجز مقدر ب4 ملايير دولار، إلا أنه تراجع إلى 2,8 مليار دولار في 2023، غير أنه بحكم توجّه الدولة إلى عدم المساس بالقدرة الشرائية، تم إقرار مراجعة منح التقاعد التي انطلقت في جانفي 2023، تلتها مراجعة أخرى في ماي 2023، موازاة لمراجعة أجور العمال. وقال الخبير، إن المراجعات في منح المتقاعدين سيكون لها أثرا ماليا، يضاعف عجز صندوق التقاعد، وعلى هذا الأساس أمر الرئيس بضرورة البحث عن مصادر تمويل جديدة، لتحقيق استدامة مالية للموارد المتاحة للصندوق، ومنع التقلبات الظرفية. وذكر بأن تمويل الصندوق بتوفير مصادر جديدة، يمكن أن يتم من خلال توفير نظام مالي متطوّر، ووجود بورصة ناشطة، تسمح بتوفير بيئة حاضنة لها تمكنه من مواجهة التغيرات التي يمكن أن تطرأ. كما يمكن اللجوء إلى استحداث صناديق تقاعد خاصة، يتم إنشاؤها من قبل عدة مؤسسات، ويتم اقتطاع الأموال من أجور العمال على مستواها، على أن يتم توظيف الاقتطاعات على مستوى البورصة. واقترح الخبير، اعتماد نظام التقاعد المموّن بالرسملة، من خلال السماح للموظف أو العامل بإنشاء تقاعده الخاص حسب حجم مداخيله، ودعم الاقتطاعات الخاصة بالتقاعد التي يتم تحويلها إلى مدخرات، لتغطية نفقات التقاعد، التي تكون على شكل رأسمال يسترجعه عند إحالته على التقاعد مع توفير فائدة ربحية، بعد أن يتم استثمارها اقتصاديا. كما يرى الخبير أن هناك حلولا كثيرة لدعم صندوق التقاعد، "ّفقط يتوجب أن تكون الحلول تتلاءم مع النظام الاقتصادي، وتراعي الطابع الاجتماعي للدولة، من خلال فتح مناصب جديدة، تمتص البطالة، وترفع حجم كتلة الأجور". من جهته، ذكر الخبير الاقتصادي محفوظ كاوبي، بأن رئيس الجمهورية، طلب من الحكومة البحث عن أساليب تمويلية جديدة إضافية للصندوق الوطني للتقاعد حتى تكون هذه الزيادات تتماشى مع تطوّر الاقتصاد الوطني، الأمر الذي يتطلب، حسبه، اعتماد حلول استباقية لإنعاش مداخيل صندوق التقاعد. وقال الخبير في اتصال مع "المساء"، إن المبدأ الأساسي المعمول به حاليا، هو الاعتماد على اشتراكات 3 عمال، لضمان معاش متقاعد واحد، ولتحقيق التوجه الجديد لإنعاش صندوق التقاعد، لابد من تثبيت السوق واستقرارها، لتحقيق توازن مالي يكفل للمتقاعدين زيادات دائمة، من خلال تحسين الإنتاج والتنافسية لتحفيز الاقتصاد وتنظيم سلسلة التوزيع، والعودة إلى الاستثمار الذي من شأنه دفع عجلة الإنتاج الوطني، وامتصاص معدلات التضخم والنتيجة تحسين ورفع القدرة الشرائية. وأكد كاوبي أنه يجب مراجعة السياسة الوطنية للضمان الاجتماعي، ورفع عدد العمال المشتركين من 3 إلى 6 على الأقل، لضمان معاش متقاعد واحد، مع التصريح بعمال السوق السوداء، والقطاع الخاص الذي يشهد عدة تجاوزات من خلال التصريح المتدني بالأجور. وأضاف أن علاج نظام التقاعد يفرض إيجاد حلول مستعجلة للسوق السوداء، من خلال اعتماد الرقمنة التي تكرس الشفافية للوصول إلى معدلات اشتراك كبيرة، مع مراجعة سياسة التوظيف لتقليص البطالة، ورفع وعاء الاشتراكات. بدوره أكد الخبير الاقتصادي هواري تيغرسي، على ضرورة اعتماد الحلول الاقتصادية المستعجلة لدعم صندوق التقاعد، مشيرا إلى أن الزيادات التي أقرها رئيس الجمهورية، من شأنها تحسين القدرة الشرائية للمتقاعدين من جهة، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي من جهة أخرى، بالإضافة إلى مواصلة الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية التي ستقابلها زيادة في العروض وتحسين الإنتاجية، والاستجابة للعمل باعتبار أن تجسيد هذه القرارات، سيساهم في ضبط إجراءات ناجعة قابلة للتطبيق العادل بما يخدم الوطن والمواطن. وأضاف تيغرسي في اتصال مع "المساء"، أن تنويع مداخيل صندوق التقاعد، أصبح حتمية فرضتها التطوّرات الراهنة، مع ضرورة مراجعة بعض أحكام قانون التقاعد وجعلها تتماشى مع الواقع العملي والمتغيرات الحالية، من خلال تكييفها مع المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة. وأبرز تيغرسي، أهمية تكييف نظام التقاعد مع التطوّرات الجديدة، بإيجاد ميكانيزمات وآليات جديدة لتسييره وضمان تنظيم عقلاني لأدائه، دون المساس بالتوازنات المالية لصندوق التقاعد، الذي يجب، حسبه، أن يتفتّح على البورصة التي ستساعده في رفع مداخيله، وجعله يموّل نفسه تلقائيا.