شرعت الحكومة منذ أول أمس في ضخ الزيادات الجديدة في أجور ومعاشات 8 ملايين جزائري، تجسيدا لتعليمات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، القاضية بتكريس التوجهات الاجتماعية للدولة، ضمن معركة استرجاع وصون كرامة الجزائريين، وهي المعركة التي بدأها الرئيس من خلال تذليل العقبات التي كانت تواجه المشاريع الاستثمارية، ما سمح بخلق آلاف المناصب الجديدة، وتواصلت باستحداث منحة البطالة ثم إقرار زيادة فيها، بالإضافة إلى مراجعة النقطة الاستدلالية للأجور ورفع معاشات المتقاعدين. في هذا الشأن، أكد خبيران في الاقتصاد تحدثت اليهما "المساء" أن ضخ الزيادات الجديدة في الأجور والمعاشات والمنح، سيزيد من فعالية الاقتصاد الوطني باعتباره أحد أشكال التحفيز الاقتصادي، مشيرين إلى أن القرارات الأخيرة، تأتي في سياق مراجعة شاملة لشبكة الأجور. في هذا الإطار، يقول الخبير الاقتصادي هوراي تيغرسي، إن الزيادات التي تم إقرارها تعد بمثابة مداخيل هامة للمواطن، لاسيما وأن القدرة الشرائية عرفت انخفاضا كبيرا قابله ارتفاع معدلات التضخم إلى حدود 9 من المائة، بالإضافة الى زيادات كبيرة شهدتها الأسواق العالمية، وهو الأمر الذي نتج عنه زيادة معدلات التضخم العالمي كما وقع في أوروبا، حيث زاد برقمين بعد الفاصلة. وأوضح الخبير تيغرسي، أن المداخيل الوطنية عرفت زيادات في العديد من القطاعات على غرار المحروقات، حيث أن الزيادات الجديدة ستحافظ حسبه على القدرة الشرائية للمواطن، لاسيما وأن الأسعار ملتهبة عالميا، مشيرا إلى أن ضخها في حسابات الفئات المعنية هو متنفس للمواطنين والبطالين والمتقاعدين وكذا عمال الوظيف العمومي، حيث أن الزيادات جاءت من خلال رفع النقاط الاستدلالية. وأشار تيغرسي الى أن الزيادات بلغت خلال هذه السنة 360 مليار دينار، ما يعادل 3 مليار دولار وهي نفس القيمة المنتظر ضخها خلال السنة القادمة، والتي من شأنها إعطاء ديناميكية أكبر للسوق الوطنية، فيما يخص الطلب وسوق الاستهلاك، وتفعيل الإنعاش الاقتصادي بشكل يتوافق مع الطلب الوطني، مؤكدا أن المراحل القادمة ستكون أكثر تأثيرا على المستوى المعيشي، خاصة في سياق رفع معدلات إنتاج المؤسسات الوطنية. وأشار الخبير إلى أنه وفقا للنظريات الاقتصادية، ستؤدي زيادة الدخل الى رفع الاستهلاك والطلب الوطني والعملية الإنتاجية، مضيفا بأن مداخيل الجزائر، متنوعة وإمكانياتها كبيرة في عدة قطاعات، حيث يرتقب تسهيل وخلق مناخ الاستثمار الذي من شأنه خلق حركية بالنسبة للمؤسسات الناشطة، وبالتالي المساهمة في خلق الثروة، لاسيما وأن الجزائر لها إمكانيات كبيرة لا يتم استغلال سوى 20 من المائة منها. وشدد محدثنا في هذا الإطار، على ضرورة خلق مناولات ومؤسسات ناشئة والاعتماد على المقاولة الذاتية التي من شأنها رفع وتيرة الاقتصاد، وخلق مناخ استثماري هام والزيادة في الإنتاج، تكون نتيجتها تحسين المداخيل الوطنية. من جهته، أكد الدكتور حكيم بوحرب، مختص في المالية والاقتصاد بجامعة البليدة 2، في اتصال مع "المساء" أن إقرار زيادات هامة في أجور العمال ومعاشات المتقاعدين والبطالين، من شأنه تحسين المستوى المعيشي وتحفيز الإنتاج الوطني. وأشار إلى أن توجه الحكومة لزيادة الأجور، سيكون له انعكاسات جد إيجابية من خلال تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، موضحا أنها ستعمل على زيادة الاستهلاك وارتفاع الطلب على السلع، ما يعني تحريك الأسواق في قطاعات واسعة خصوصا التجارية والخدماتية منها، وستؤدي الزيادات الهامة التي أقرها رئيس الجمهورية، بطريقة حتمية الى دفع عجلة الإنتاج والقطاع الصناعي، الذي ينتج عنه توفير المزيد من فرص العمل وتقليص نسبة البطالة. وذكر أستاذ الاقتصاد والمالية، بأن القرارات الاقتصادية والتي كانت أبرزها زيادة أجور الموظفين، تأتي في سياق مراجعة شاملة للعملية الاقتصادية وتمهيدا لصفحة اقتصادية جديدة ستكون ذات انعكاس إيجابي، لاسيما وأنها تتضمن خططا وبرامج وسياسات هامة لتحقيق أهداف زيادة معدلات النمو والتشغيل وجلب الاستثمار وتحسين مستوى معيشة المواطنين. ومن بين الانعكاسات الهامة للزيادات في الأجور المقدرة ب6 مليار دولار في ظرف سنتين، حسب المتحدث، زيادة الفعالية الاقتصادية، من خلال معدلات إنفاقها في السوق، وبالتالي تحقيق النتيجة المطلوبة وهي الانتعاش الاقتصادي، بزيادة الطلب على السلع والخدمات وبالتالي زيادة خطوط الإنتاج وبالتالي رفع معدلات النمو.