أجمع مسؤولون وخبراء جزائريون على ضرورة إخراج إفريقيا من وضعية الهيمنة الأجنبية على المستوى الاقتصادي، معتبرين أن الجزائر التي رفعت شعار "استرجاع إفريقيا لثرواتها" منذ السبعينات من القرن الماضي، يمكنها أن تشكل اليوم قاطرة لتحقيق الاندماج الاقتصادي القاري بحلول محلية قائمة على الشراكة الثنائية ومتعدّدة الأطراف. تطرّق مشاركون في ندوة نظمت مؤخرا بالجزائر العاصمة حول مشاريع الاندماج والممرات الاقتصادية في إفريقيا، إلى جهود الجزائر لتحريك عجلة النمو في إفريقيا منذ عقود من الزمن، مشيرين إلى أن الجزائر التي قادت حركات التحرّر السياسي، دأبت منذ استقلالها على العمل من أجل تحقيق السيادة الاقتصادية للقارة السمراء، والتي مازالت رهينة تدخلات ومصالح أجنبية طامعة في ثرواتها. وشدّد رابح فصيح مدير ترقية المبادلات الاقتصادية بوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج بالمناسبة، على ضرورة التأكيد دوما بالعمل الذي تقوم به الجزائر منذ استقلالها في كل المحافل الدولية لتعزيز التحرّر السياسي بتحرر اقتصادي، يمنح الأفضلية لشعوب القارة لاستغلال مواردها الطبيعية. وإذ أعرب عن اقتناعه بأن الأمر ليس بالسهولة بما كان، ووصفها ب"الحرب الاقتصادية" التي يعيشها العالم، اعتبر فصيح أن ذلك يجب أن لا يمنع الأفارقة من الشروع في العمل لتنفيذ مشاريع تنموية إفريقية، حتى بوجود صعوبات. وأكد في هذا الصدد أن العمل الجماعي المنظم هو الكفيل بإنجاح هذه المساعي، مشيرا إلى أن الجزائر بها شركات قادرة على أن تتدخل خارج البلاد بخبرتها الكبيرة التي تمكنها من إنجاز مشاريع سواء على الصعيد الثنائي أو على المستوى المتعدد الأطراف مع مثيلاتها من إفريقيا، في إطار ما يعرف ب«نظام تشبيك العلاقات الاقتصادية"، وذلك في مواجهة شحّ الاستثمارات الأجنبية المباشرة المقتصرة على بضع قطاعات لا تخدم تنمية القارة المحتاجة إلى مشاريع في جميع المجالات ذات العلاقة بالتنمية الاقتصادية والبشرية، ناهيك عن الفجوة الكبيرة في حجم المبادلات البينية التي لا تتجاوز 17% في حين تقدر ب65% في أمريكا اللاتينية على سبيل المثال. وتطرّق مشاركون في الندوة إلى ضرورة تغيير النظرة القديمة إلى إفريقيا التي تقدمها كتب تجاوزها الزمن، معتبرين أن إفريقيا اليوم لها معايير جديدة وتعيش تحوّلات وواقع مغاير يجب تعزيزه باستراتيجية متكاملة بأهداف محدّدة وخطة واضحة المعالم مع تحديد الأطوار والالتزامات مع كل الأطراف لمعنية. وتمت الإشارة إلى ضرورة حل عقدة الديون الافريقية التي تثقل كاهلها منذ عقود وتخنق كل محاولات تنميتها الاقتصادية والاجتماعية، مع الوصول إلى آليات تمويل جديدة، وهو ما تفطنت إليه الجزائر، بإنشائها صندوقا لتمويل مشاريع في إفريقيا بقيمة مليار دولار.