انشغلت بعض مواقع التواصل الاجتماعي، منذ أيام، بحملات شنتها ضد أولياء التلاميذ، الذين يعملون على تقديم "لمجة" مبالغ فيها لأبنائهم، ويقود هذه الحملة أساتذة بمؤسسات تربوية، وجهوا رسائل لوقف بعض ممارسات الأولياء، في تقديم ما أصبح يعرف ب"اللانش بوكس"، إذ يؤكد هؤلاء، أن المشكل ليس في اللمجة في حد ذاتها، بل في طريقة تقديمها للطفل، والتي تجعل باقي أطفال القسم أو المدرسة يشتهون، لاسيما الأطفال من العائلات المعوزة والفقيرة. وقد نبه منظمو الحملة، إلى أنها تساهم في خلق الفروقات الاجتماعية، وتجعل الطفل يشعر بالنقص، ويحسسه باختلاف قد يفسره بأنه إهمال من والديه، لا يفهم سببه، لصغر سنه، لاسيما إذا كان بسبب ضيق مالي للأسرة. وتتواصل تلك الحملة التي يطلقها في كل مرة الأساتذة، وللسنة الثالثة على التوالي، مع كل دخول اجتماعي، حيث باتت بعض الأمهات يتفنن في تزيين علب الأكل لأطفالهن، ويضعن فيها من كل ما طاب، حتى يستمتع بها أطفالهن في فترة الراحة داخل المدرسة. وإذا كانت نية الأم دائما حسنة في توفير الراحة لطفلها، وإطعامه بالطريقة الجيدة عند خروجه من البيت، إلا أن الكثير من الأساتذة، لهم وجهة نظر أخرى، لاحتكاكهم الأكبر بالعدد الهائل من الأطفال المتمدرسين، من عائلات مختلفة في الحالة المادية، حيث يرى هؤلاء، أن ممارسة ذلك يساهم في خلق فروقات غريبة بين الأطفال، وتُشعر الطفل بحالة سيئة. يُعرض اليوم في الأسواق، عدد لا يعد ولا يحصى مما يسمى ب"اللانش بوكس"، باللغة الإنجليزية، ويقصد بها "علب اللمجة"، التي هي عبارة عن علب، بعضها مقسم لقسمين أو أكثر، مصنوعة من مواد مختلفة، بعضها زجاجية وأخرى بلاستيكية، وحتى من مادة "الإينوكس"، تعرض بأسعار مختلفة، منها ما هو موجه خصيصا للأطفال، تحمل ألوانا ورسومات كارتونية، يفضلها الأطفال، مما يجعل الأولياء يقتنوها لأطفالهم، لحمل لمجة المدرسة فيها. تحمل بعض علب لمجة الأطفال، أشكالا مختلفة من الأطعمة من فواكه، حلويات، شكولاطة، عصائر وغيرها من الأطعمة، التي تجعل باقي الأطفال يشعرون برغبة في تناولها، دون إمكانية الحصول عليها، بل وحتى كما تم الإشارة إليه، هناك من لا يحمل حتى وجبة خفيفة وبسيطة، ليدخل بعضهم في حالة بكاء هستيري، بسبب ذلك، في حين أن أخرين يكتفون بالنظر والشعور بالسوء. وقد نبه المدرسون إلى أنه يمكن الاكتفاء بلمجة تقليدية بسيطة، على غرار قطعة خبز مطلية بالجبن أو الزبدة والمربى أو حبة "كراوسون"، مثلما كان يقوم به الأولياء قديما، فقط لتخفيف جوع فترة الاستراحة، إلى أن يحين موعد الغذاء، لاسيما أن الكثير من المدارس تقدم في مطعمها وجبة الفطور بعد الساعة 11، ثم يذهب الطفل إلى البيت لتناول ما يطيب له. وشدد هؤلاء على ضرورة تعليم الطفل المشاركة، والابتعاد عن صفات الأنانية، والتوضيح للصغير بأنه لا يمكن للجميع اقتناء ما يريد، وأن لكل عائلة ظروفها الخاصة، ولابد من مراعاة شعور هؤلاء، من خلال تبني أيضا صفات الإيثار، وحب للغير ما نحبه لأنفسنا.