تتواصل فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية بالمركز الجامعي "علي كافي" بتندوف، لليوم الرابع على التوالي؛ حيث تم تنظيم مقهى الأعمال بين ممثلي العالم الأكاديمي وسوق العمل. كما شهد هذا الحدث عدة مداخلات، تمحورت حول آفاق الاستثمار والمقاولاتية في عدة قطاعات هامة، مع عرض تجارب ناجحة لشباب استطاعوا اقتحام عالم المقاولاتية بقوة، والاستثمار في عدة قطاعات. وقد حقق قطاع التعليم العالي والبحث العلمي عبر هذه النشاطات، دورا رياديا في الانفتاح على محيطه الاقتصادي والاجتماعي، وإحداث الانسجام الكامل بين قطاعات هامة، يمكن الشبابَ أن يصنع فيها فارقا اقتصاديا مهمّا بأفكاره وإبداعاته. وعرف الأسبوع المقاولاتي بتندوف، إقبالا غير مسبوق من الشباب المقاولين والجامعيين المثقفين، الذين يحاولون شق هذا الطريق نحو بناء مستقبلهم بالأفكار والتصورات، والإرادة القوية. وشملت الندوة العلمية المنظمة بالمناسبة حول موضوع المقاولاتية، عدة ورشات؛ منها الرقمنة في المشاريع الناشئة. وورشة أخرى تمحورت حول بناء متجر إلكتروني خطوة بخطوة، فيما نُظمت سلسلة من اللقاءات والحوارات المباشرة مع ذوي الاختصاص والشباب، حول أهمية التطبيق العملي على الأدوات الرقمية في تطبيقات عملية، ومحاكاة منصة المقاول الذاتي. مؤسسات نموذجية وسجّل هذا الحدث الهام، كذلك، نشاطا مكثفا، تخلّلته المعارض الخاصة بالنماذج الاستثمارية الواعدة لشباب ساهموا في إنشاء مؤسسات مصغرة، وفّرت مناصب عمل عديدة؛ منها على سبيل الذكر لا الحصر، مؤسسة "مغرة" لصناعة الأجبان من لبن النوق، ومؤسسة استخلاص الزيوت ومواد التنظيف من مواد طبيعية، إضافة إلى مؤسسة حياكة الزرابي والأفرشة التقليدية، ومؤسسة "طاكسي وسيط"، التي توفر خدمة النقل للنساء وكبار السن، وكل تلك المشاريع المموَّلة من قبل أجهزة الدعم. ومن جهته، قدّم عبد الله عويش، رئيس تعاونية وادي تاركانت للزيوت النباتية المستخلصة من شجرة أرقان المتوطنة بتندوف منذ سنوات وهي نموذج حي للمقاولة المنتجة عرضا حول شجرة الأرقان خلال الأسبوع المقاولاتي، مبرزا التجربة المحلية في غرسها بتندوف، واستخلاص زيتها من قبل الحرفيات، مؤكدا أن تجربة غرس شجرة الأرقان أعطت نتائج إيجابية، خاصة بالنسبة لمستثمرة "زعاف" بتندوف، ومحاولات غرس شتلات شجرة الأرقان، مثمّنا مبادرة إنجاز مركز لتثمين شجرة الأرقان بولاية تندوف، علما أن التعاونية تابعة لغرفة الصناعة التقليدية والخزف بالولاية، المكلفة بهذه المشاركة. وأكد عويش عبد الله أن التعاونية تقوم باستخلاص زيت الأرقان بطرق تقليدية من قبل نساء حرفيات مختصات في الحرفة؛ حيث تم إبرام اتفاقية مع الحرفية سميرة تياح مختصة في مواد التجميل الطبيعية، التي تقوم، حسبه، بإضافة زيت الأرقان إلى مستحضراتها التجميلية؛ لما لها من فوائد صحية على الجسم، والجمال. مشروع غار جبيلات أحدث طفرة نوعية ودعت السيدة شريفة مولاي، مديرة الوكالة الوطنية للقرض المصغر "الفرع الولائي بتندوف"، إلى اقتحام عالم المقاولاتية من قبل شباب الولاية، والسعي إلى إنشاء مؤسسات مصغرة خاصة بعد الطفرة النوعية التي عرفتها المشاريع التنموية الكبرى؛ على غرار مشروع منجم "غار أجبيلات"، ومشروع خط السكة الحديدية الرابط بشار بتندوف على مسافة 950 كلم. وأكدت مديرة الوكالة استعدادها التام لمرافقة كل المشاريع الحيوية، ودعمها. جدير بالذكر أن ولاية تندوف خطَت خطوات سريعة في مجال المقاولاتية، أعطت من خلالها نتائج إيجابية، ظهرت ملامحها جلية وواضحة، في بروز عدة مشاريع ناجحة، كانت من فكرة شباب مقاولاتيين مؤمنين بقدراتهم الذاتية، وتحذوهم إرادة النجاح، وتجاوز كل أشكال العراقيل والإكراهات. ومن أبرز المحاولات المقاولاتية الشبابية بتندوف، نذكر مشروع مطحنة الحبوب للشاب الطموح المقاول يحياوي محمد بيقا، الذي استطاع بإمكانياته الخاصة، ولوج عالم المقاولاتية بكل تحدٍّ؛ حيث يسعى إلى إنجاز مشروعه بتمويل ذاتي. شباب بطموحات كبيرة واتصلت "المساء" بالمستثمر الشاب يحياوي بيقا بمقر مشروعه، الذي هو في طور الإنجاز بحي الحكمة بتندوف، والذي أطلعنا بعين المكان على محتويات المصنع، وبنايته التي تتربع على مساحة إجمالية تصل إلى 4 هكتارات؛ حيث أنشئت المؤسسة منذ سنة 2023 بقدرات ذاتية، وإمكانيات خاصة. وحسب مسيّر المؤسسة التي سترى النور قريبا، فإن هذه الأخيرة ستنتج ما يقارب 200 طن من الدقيق يوميا، و7200 طن سنويا. كما توفر الشركة المصغرة التي يندرج إنشاؤها في إطار الاستثمار الصناعي، نحو 36 عاملا. وبخصوص عتاد وتجهيزات المصنع، أفاد يحياوي بأنها جاهزة في انتظار وصولها إلى الولاية من الخارج. وصرح المتحدث بأن الهدف الأساس الذي جعله يلج عالم المقاولاتية بالولاية، هو النقص المسجل في مادة الدقيق، مع ما لوحظ من تذبذب في هذه المادة الحيوية، مشيرا إلى تحمّل الدولة أعباءَ نقلها. كما أشار إلى أن الدولة كانت تتولى مصاريف النقل من أجل جلب وتوفير مادة الدقيق " الفرينة" من الشمال، وقريبا سيُفك هذا الإشكال، ويتم توفير مادة الدقيق محليا، وبأيد محلية، وتمويل ذاتي أيضا، وهو ما يسمح، حسبه، بتحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة الحيوية، وتوفير جزء من إنتاج المصنع لأعلاف الماشية. أضف إلى ذلك النقص الملحوظ في مادة الأعلاف، التي تُعد مصدرا هاما في تربية المواشي التي تشتهر بها المنطقة. ومن جهة أخرى، كشف صاحب المشروع عن الدعم والمرافقة اللذين لمسهما من قبل السلطات الولائية لتذليل العراقيل والصعاب التي اعترضت إنشاء هذا الأخير، مبديا تفاؤله بواقع الاستثمار الصناعي، الذي سيشكل مستقبلا رافدا قويا من روافد الاقتصاد المحلي؛ لما سيوفره هذا الأخير من مناصب شغل، داعيا، من جهة أخرى، الشباب إلى اقتحام عالم المقاولاتية بكل إرادة لتحقيق مستقبلهم بأنفسهم. وتطرّق المتحدث، في السياق، لبعض الأمور العالقة، والتي لم تسوَّ بعد لتسهيل عملية إيصال التجهيزات الضرورية للانطلاق في العمل بصفة نهائية ووشيكة، مشيرا بخصوص مسألة التمويل البنكي، إلى أن كل الإجراءات الإدارية المرتبطة بالمشروع، تعرف تقدما ملحوظا. دورة تكوينية لحاملي المشاريع يبقى التذكير في الأخير، بتنظيم الدورة التكوينية الخاصة بالمحاسبية والمؤسسات الناشئة التي نظمها النادي الجامعي العلمي على مستوى المكتبة الرئيسة للمطالعة العمومية. وحسب منظمي الدورة التكوينية هذه، فإن الفئة المستهدَفة هي الشباب المبتكرون. وتأتي في إطار إحياء الأسبوع العالمي للمقاولاتية، إضافة إلى الشباب الجامعيين وحاملي الشهادات؛ قصد تكوينهم في مجال المحاسبة وتسيير المؤسسات الناشئة. ويؤطرها المركز الجامعي "علي كافي" بتندوف. ومن جهة أخرى، عرف مركز التكوين المهني والتمهين "طالب عبد الرحمان" ، هو الآخر، ضمن هذه الفعالية، تنظيم يوم إعلامي مفتوح بالتنسيق مع الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر؛ لتمكين الشباب الراغبين في اقتحام عالم المقاولة، من اكتساب الخبرات والمفاهيم ومختلف الإجراءات الإدارية والتنظيمية؛ لولوج هذا العالم المهني الفسيح. تجدر الإشارة إلى أن أسبوع المقاولاتية بتندوف، عرف مشاركة العديد من المؤسسات والمشاريع الفتية التي أنجزها الشباب المبتكرون في مختلف التخصصات. ومن جهته، أفاد والي تندوف دحو مصطفى، على هامش افتتاح الأسبوع المقاولاتي، بأن هناك 7 مناطق نشاطات تنتظر صدور مراسيم استغلالها وإنشائها، لتكون جاهزة للاستغلال من قبل الشباب الراغبين في إنشاء مؤسسات صغيرة وناشئة. كما أوضح والي تندوف أن كل الظروف المادية مهيأة؛ من تسوية الأرضيات، وإيصالها بكل الشبكات. وما على الشباب إلا الإقدام على تحقيق مستقبلهم بأنفسهم، بمرافقة مؤسسات الدولة.