❊ صنصال.. الفرنسي بالتبني منذ ستة أشهر فقط في صلب اهتمام باريس ❊ مسجد باريس الكبير يردّ على الحملات الفرنسية المسعورة ضده أربكت تصريحات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بخصوص ملف الذاكرة وفضح همجية وبشاعة جرائم المستعمر الفرنسي، رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون فلم يجد سبيلا للردّ على الحقائق التي حملها خطاب الرئيس تبون وشروط الجزائر لعودة العلاقات بين البلدين، سوى المطالبة بإطلاق سراح عميل بلاده، الموقوف بوعلام صنصال، في مشهد جديد يؤكد بالدليل والحجة أن "الخائن" والمتطاول على سيادة الجزائر ووحدتها الترابية كان مجرد مكلّف بمهمة من قبل التحالف الفرنسي المخزني الصهيوني. ماكرون الذي وصف في عديد التحليلات السياسية أنه تلميذ غبي، لم يجد من سبيل للصمود أمام الردود المفحمة للرئيس تبون إزاء السياسات الالتوائية لباريس التي يطغى عليها الفكر الاستعماري في تعاملها مع الجزائر، سوى وصف قضية توقيف صنصال بالأمر "المهين"، داعيا إلى إطلاق سراحه، محاولا في الوقت ذاته دغدغة المشاعر بمحاولة التصريح بحبه للجزائر وتاريخها، هذه الجزائر التي غاب عنه أنها التي ترفض إملاءات فرنسا ومحاولاتها المتكرّرة الدوس على عقيدتها المستلهمة من بيان أول نوفمبر، حيث اغتنم لقاءه السنوي بالسفراء الفرنسيين بالخارج أمس بالإليزيه للحديث عن عميل لأطراف يمينية صهيونية. ماكرون الذي عجز عن الرد على تصريحات رئيس الجمهورية إزاء المخطّطات العدائية لفرنسا من أجل الأضرار بمصالح الجزائر، لم يجد بدا من استغلال قضية صنصال، لإثارة المشاحنة مجدّدا، خاصة وأن رده جاء بعد يوم واحد فقط من تصريح وزير خارجيته جان نويل بارو الذي أشار إلى ان بلاده "تساورها شكوك" بشأن "رغبة الجزائر في إحياء العلاقات الثنائية". وظهر بارو في تصريحه لإذاعة "أر تي إل" الخاصة كمن يريد تبرئة ذمة باريس من تعثر التعاون الثنائي وتحميل مسؤولية ذلك للجزائر، بالقول إن "الوفاء بخريطة الطريق يقتضي وجود اثنين"، كما استغل قضية الموقوف صنصال، والواقع عن قضية صنصال الموقوف منذ منتصف شهر نوفمبر الماضي، ماهي إلا الشجرة التي تغطي الغابة، من منطلق أن المواقف السياسية لباريس يطغى عليها الطابع الاستعلائي بتأثير من أطراف يمينية متطرّفة ترفض التنازل عن "الجنة المفقودة"، التي ضحى من أجلها أكثر من 5 ملايين شهيد جزائري. ولا ريب في أن تستعين باريس بعملاء يحوّلون خراب المستعمر إلى أفضال، على غرار بوعلام صنصال وكمال داود، اللذين لم يتوانا في تذكير ماكرون على هامش زيارته للجزائر وبالضبط في مدينة وهران التي كانت محطة من محطاته سنة 2022، بقولهما بالحرف الواحد وفق ما أورده السفير السابق كزافييه "سيدي الرئيس نحن صوت فرنسا في الجزائر" مؤكدين على عدم تخليهما عن فرنسا أبدا. هذا التصريح وتصريحات ماكرون هي اعتراف أن صنصال "مبعوث من فرنسا"، ومكلّف بمهمة ولو أن توقيفه جاء بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات والتي تعد "فعلا إرهابيا أو تخريبيا (...) كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسّسات وسيرها العادي". ماكرون الذي يهتم بقضية عميله والفرنسي بالتبني منذ ستة أشهر فقط، يتغاضى ويتجنّب الخوض في ملف الذاكرة التي تعد من الملفات الحسّاسة، لما يحمله هذا الملف من جرائم فظيعة تعد بمثابة وصمة عار على جبين فرنسا، وهو ما أكده الرئيس تبون الذي قال في هذا الصدد "عليهم الاعتراف بتقتيل وذبح الجزائريين، يدّعون الحضارة وفي الوقت نفسه يفتخرون بسلب جماجم على أنها غنائم. نطالب بتنظيف النفايات النووية بمواقع تجاربها في صحرائنا". ويبدو أن الطرف الفرنسي يحاول في كل مرة التهجّم على الجزائر عندما يستعصى عليه بلوغ أهدافه في الجزائر حتى وإن كان ذلك على حساب السيادة التي تعتبرها بلادنا خطا أحمر، وما المخططات التي شهدناها مؤخرا من خلال محاولة زعزعة استقرار الجزائر إلا دليل على النية المبيتة لباريس، غير أن مصيرها كان السقوط في وحل أوهامها. كما أن وفاء الجزائر بمبادئها واحترام الشرعية الدولية لا يعجب البتة دوائر القرار بباريس، التي تصطدم في كل مرة بصلابة مواقف الجزائر إزاء القضايا العادلة على غرار قضية الصحراء الغربية، التي أصرت فرنسا على الدوس على القانون الدولي بالاعتراف بالسيادة المزعومة للمخزن على الصحراء مقابل تنازلات لم ترضخ لها الجزائر، مثلما سبق وأن أكد على ذلك وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية. ويتضح من خلال ما سبق أن السياسة الفرنسية ترتكز على المساومة المبنية على عقيدة استعمارية محضة، تجد في شبيهاتها (المخزن والكيان الصهيوني) مرتعا خصبا لخدمة مصالحها الضيقة حتى وإن كان ذلك على حساب الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تتغنى بها. ولم يسلم كل ماهو جزائري من الحملات العدائية في فرنسا، على غرار مسجد باريس الكبير الذي تعرّض لحملة تشهير من قبل قناة "سي نيوز" مؤخرا قصد الإساءة للدين الإسلامي، حيث أكدت هذه الهيئة في بيانها أن هذه الحملة تمثل جزءًا من استراتيجية أوسع تتبناها القناة لنشر الكراهية والتحريض ضد المسلمين، فضلا عن ترسيخ أفكار اليمين المتطرّف في المجتمع الفرنسي.