تنتظر مختلف مصالح الأمن الضوء الأخضر من الحكومة للشروع في تطبيق التعديلات الأخيرة التي أدخلت على قانون المرور، وبالأخص على المادة 01 - 14 التي شددت العقوبات على كل المخالفات التي تم تصنيفها في أربعة محاور، خصص لكل واحد منها -حسب درجة خطورتها- عقوبات تخص سحب رخص السياقة ودفع غرامات مالية تتراوح بين 2000 و6000 دج، في حين سجل عودة تغريم المارة المتهاونين ممن يتسببون في حوادث مرور بين 2000 و2500 دج، وفي حالة التسبب في القتل والجرح الخطأ ترفع العقوبات إلى مختلف المصالح القضائية التي لها صلاحيات الحكم بالسجن من سنتين إلى 10 سنوات مع دفع غرامات مالية قد تصل إلى مليون دينار، وهي التعديلات التي تتوقع بشأنها مصالح الأمن ردع المخالفين والتقليل من حوادث المرور التي ارتفعت نسب ضحاياها بشكل ملفت للانتباه، كما أن التعديل الجديد لقانون المرور سيكون السبيل لرفع نسبة تحصيل الغرامات لفائدة خزينة الدولة التي لا تحصل سنويا إلا 10 بالمائة من قيمة كل المخالفات والغرامات المحررة. وأكد العقيد بلوطي بمصلحة أمن الطرقات لقيادة الدرك الوطني ل"المساء" أن التعديل الأخير للمادة01 / 14 المتعلقة بتنظيم الحركة المرورية عبر الطرق وسلامتها وأمنها لم يأت بمحض الصدفة بل هو نتاج للقاءات وجمع مقترحات أهل الاختصاص من مشرعين ووحدات مختلف مصالح الأمن التي تنفذ القانون على أرض الميدان، لبحث صيغة جديدة تساهم في الحد من الارتفاع الجنوني لحوادث المرور من سنة إلى أخرى، ليتم الاتفاق في الأخيرة على مجموعة من التعديلات التي مست الإجراءات الردعية من جهة واقتراح تقليص عدد أعضاء اللجان الولائية لتعليق رخص السياقة، وهو ما يساهم في الإسراع في عملية تقييم الملفات وإصدار القرارات ضد المخالفين. وحسب تصريح العقيد فإن تشديد الإجراءات الردعية جاء على خلفية ارتفاع ضحايا الطرقات وحوادث المرور التي أصبحت تشكل هاجسا حقيقيا فلا يمر يوم دون تسجيل حوادث مميتة 80 بالمائة منها يكون السائق هو المتسبب فيها، ولردع مخالفي قانون المرور يقول العقيد أنه تم الاتفاق على مجموعة من الإجراءات الردعية كما تم توزيع المخالفات ضمن أربعة فروع حسب درجة الخطورة، وأنه سيتم الاحتفاظ برخص السياقة المسحوبة من قبل أعوان الأمن لمدة 10 أيام قبل رفعها للجان تعليق الرخص، لكن هذه المرة يقول المتحدث فإنه سيتم تخفيف الضغط على اللجان بعد تحديد نوعية المخالفات التي ستقوم بمعالجتها، فعلى سبيل المثال في حالة تحرير مخالفات تخص عدم الامتثال لأحكام الإنارة وإشارات كبح الدراجات، رفض تقديم وثائق المركبة للعون، التخفيض غير العادي للسرعة، مخالفة الأحكام المتعلقة بالسير على الخط، تعطيل حركة المرور من طرف عربات نقل البضائع أو التوقف من غير عذر بشريط التوقف الاستعجالي فإن المخالفة ستكون بسحب رخصة السياقة لمدة لا تزيد عن 10 أيام مع تحرير غرامات مالية تقدر ب2000 دج وترفع المخالفة إلى 4000 دج عند التأخر عن دفعها في وقتها ولا يتم رفع رخص السياقة للجان تعليق الرخص إلا في حالة التأخر عن دفع الغرامات المالية وهنا يتعرض صاحب المركبة إلى تعليق الرخصة لمدة شهرين، مع العلم أن السائق سيتحصل حسب تصريح العقيد على وثيقة تسمح له بالسير بعربته خلال مدة التعليق ومدتها 10 أيام. أما إذا تعلق الأمر بمخالفات عدم وضع حزام الأمن أو الاستعمال اليدوي للهاتف النقال أو استعمال خوذة التصنت الإذاعي أو السمعي أثناء السياقة، تجاوز الحد المسموح للسرعة، مخالفة أحكام أولوية مرور الراجلين أو الأولوية في تقاطع الطرق، المناورات الخطيرة، زيادة السرعة من طرف السائق أثناء محاولة سائق آخر تجاوز مركبته وغيرها، فإن المخالفة ستكون بسحب الرخصة مع وقف القدرة على السياقة بعد أجل مدته 48 ساعة وفي هذه الحالات ترسل رخص السياقة إلى لجنة تعليق رخص السياقة التي لها صلاحيات تعليق الرخص بين 3 و6 أشهر حسب نوعية المخالفة مع دفع غرامات مالية بين 2000 و4000 دج. وفي حالة تسجيل القتل أو الجنح الخطأ تسبب فيه حادث مرور فإن المخالفات يتم رفعها للجهات القضائية للبت فيها مع تعليق رخص السياقة من سنة إلى أربع سنوات حسب درجة خطورة الحادث، وهنا يقول العقيد بلوطي أن التعديل الجديد شدد العقوبات بالنسبة للحوادث التي تكون سببا في قتل أو جرح مواطنين خاصة عندما يتعلق الأمر بالعربات الثقيلة وحافلات نقل المسافرين، ولتشديد المراقبة أكثر أشار محدثنا إلى أنه تقرر رفع درجة نسبة مراقبة الكحول في الدم من 0,10 إلى 0,20 للتأكد فعلا ما إذا كان السائق في حالة سكر بعد أن تبين أنه في السابق هناك بعض السائقين من تبين بعد التحقيق أنهم تناولوا وجبات بها مادة الخل أو المشتقات اللبنية. غرامات مالية لمن لا يستعملون الممرات العلوية للراجلين وبالنسبة للتعديلات الجوهرية التي مست المادة 01 / 14 يقول العقيد أنها تخص فئة المارة الذين كان قانون المرور يعتبرهم في كل الحالات ضحايا حيث تشير المادة 66 من قسم المخالفات والعقوبات إلى أن الراجلين يعتبرون مخالفين عندما لا يحترمون قواعد تنظيم السير لا سيما تلك المتعلقة باستعمال ممرات الراجلين حيث سيتم تحرير مخالفات لهؤلاء المارة تتراوح غراماتها بين 2000 و2500 دج، في حين تم تصنيف مخالفات الأحكام المتعلقة بالتوقف أو الوقوف الخطيرين ضمن المخالفات من الدرجة الثالثة التي يعاقب عليها بغرامات بين 2000 و4000 دج، وهي نفس الدرجة بالنسبة لمخالفات الأحكام المتعلقة بتصاعد الأدخنة والغازات السامة من العربة وصدور ضجيج عند تجاوز المستويات المحدودة، كما أن عملية وضع الأشرطة البلاستيكية أو أي مادة معتمة أخرى على زجاج السيارة سيعاقب عليه القانون بنفس الغرامات، في حين سيشدد التعديل الجديد على معاقبة أصحاب الدراجات النارية والمتحركة ممن يعزفون عن وضع الخوذات بغرامات مالية تتراوح بين 2000 و4000 دج. ويؤكد ممثل قيادة الدرك الوطني أن مثل هذه الإضافات في قانون العقوبات من شأنها ردع المخالفين سواء من المارة أو أصحاب السيارات الذين سيعرضون أنفسهم في كل مرة يتعمدون فيها عدم احترام قانون المرور إلى غرامات مالية ثقيلة يستوجب عليهم دفعها في آجالها وإلا يتم مضاعفتها مع عقوبات تصل إلى السجن، مشيرا إلى أن خزينة الدولة في كل سنة لا تسجل تحصيل إلا 10 بالمائة من الغرامات المحررة، وهو ما دفع مصالح المالية والجهات الوصية إلى تطبيق قانون المرور للبحث عن سبل كفيلة بإرغام المخالفين على دفع غراماتهم، وهو ما توصلت إليه الاجتماعات الدورية بين كل الفاعلين ليتم في نهاية المطاف الخروج بمجموعة من الاقتراحات والتعديلات التي أدخلت على قانون المرور الذي سيشهد مستقبلا تعديلات أخرى لاستدراك الثغرات والنقائص التي يتم لمسها على أرضية الميدان عند تطبيقه من طرف أعوان أمن الطرقات لمصالح الدرك الوطني. حملات تحسيسية وتكوين خاص للأعوان قبل تطبيق التعديلات الجديدة وبغرض تحضير أعوان الأمن للتعامل بقانون العقوبات الجديد يقول العقيد بلوطي أنه سيتم قريبا تكوين الأعوان وتعريفهم بالمواد القانونية المعدلة وطريقة التعامل مع المواطن الذي سيستفيد هو الآخر من حملات تحسيسية عما قريب حتى يتم نزع اللبس وطمأنة السائق، وفي ذات الشأن سيتم التنسيق مع جمعيات تنشط في الوقاية المرورية والمركز الوطني لأمن الطرقات لعقد أيام تحسيسية ونشريات لتبسيط مواد القانون وتعريف المواطن بنوعية المخالفات والعقوبات التي تتبع كل مخالفة. فلا يمكن تطبيق التعديلات الجديدة قبل تحضير السائق والمواطن بشكل عام حتى يكون للتعديلات الجديدة أثر في تقليص حوادث المرور، لأن الهدف الرئيسي لقانون المرور هو تمتين الإجراءات الوقائية وإشراك كل الفاعلين في مجال النقل. وعليه فإن المادة01 / 14 ستضم أربع درجات تختلف فيها الأحكام والغرامات المالية حسب درجة خطورة المخالفة، الدرجة الأولى تضم 4 مخالفات بأحكام غرامات تتراوح بين 2000 و2500دج، أما الدرجة الثانية فتضم 8 مخالفات بأحكام غرامات تتراوح بين 2000 و3000 دج، في حين تضم الدرجة الثالثة 22 مخالفة وتتراوح الغرامات بين 2000 و4000 دج، من جهتها تضم الدرجة الرابعة هي الأخرى 22 مخالفة بغرامات مالية تتراوح بين 2000 و6000 دج، ولتطبيق التعديلات الجديدة يقول مصدرنا أنه يتم تحديد ثلاثة أنواع من المحاضر التي ستسلم من طرف أعوان أمن الطرقات خلال تحرير المخالفات كل واحد حسب نوعية ودرجة المخالفة المرتكبة تكون ألوانها مختلفة، ولن تختلف كثيرا عن المحاضر المتداولة حاليا. درجة كبيرة من الوعي لدى السائق ولدى تقربنا من بعض السائقين والمواطنين واستقصائهم عما إذا كانوا على علم مسبق بالتعديلات الجديدة، أشار السيد محمد وهو سائق لأكثر من 20 سنة، أنه حتى ولو أنه تلقى شروحات سطحية عن فحوى التعديلات الجديدة إلا أنه يدرك أنها ستكون لصالحه كونها السبيل الوحيد للحد من حالات عدم احترام قانون المرور، مؤكدا أن كل الحوادث يكون الإنسان هو المتسبب الرئيسي فيها بدافع الشغف للسرعة والتجاوزات الخطيرة، مشيرا إلى أن مثل هذه الإجراءات ستضع حدا للمناورات الخطيرة و"سباقات الرالي" التي يقوم بها عدد من الشباب الطائش عبر الطرقات، والتي تتسبب في حوادث مرور خطيرة، أما الشاب رضا المتحصل على رخصة السياقة منذ فترة قصيرة فيؤكد أن رفع الغرامات المالية تجعله يحرص على تطبيق قانون المرور ويقول في ذات الشأن "سأتوقف عند إشارات "قف" لأكثر من 10 دقائق لأحرص على عدم تحرير مخالفة ضدي"، في حين أشار صديقه انه سيحسب مستقبلا ألف حساب قبل التفكير في المناورة أو الاجتياز الخطير، ليبقى الانشغال المطروح لدى مجمل السائقين وهوأنه يجب مسايرة التعديلات الجديدة بتسهيلات خاصة في مجال فتح مساحات جديدة لركن السيارات عبر حظائر شرعية مع توزيع نشريات وإعداد ومضات إشهارية للتعريف بدرجات المخالفات والأحكام الجديدة.