الشائعة جادي جعفري رئيسة المرصد الجزائري للمرأة، سيدة تنبض بالحيوية والإرادة.. التقتها "المساء" في الورشة التي نظمتها الوزارة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة مؤخرا حول مشروع إعداد مخطط الاتصال والتوعية لمحاربة العنف ضد المرأة، فكان معها هذا الحوار الذي تحدثت من خلاله عن وجهة نظرها بخصوص هذه الظاهرة. - أولا، من هي السيدة جعفري؟ * أنا متخرجة من معهد الوطني للصحة العمومية، مرسكلة في صحة الأم والطفل ومستشارة في التنظيم العائلي. مارست مهنة قابلة لمدة 25 سنة، متحصلة على شهادة الدراسات التطبيقية في الصحافة تخصص سمعي بصري، حيث أشرف منذ سنة 2004 على اعداد ركن طفولة وأمومة في القناة الإذاعية الأولى. كما أنني ناشطة في حزب سياسي ومنتخبة محلية في إحدى بلديات العاصمة.. وإضافة إلى ترؤس المرصد الجزائري للمرأة أنتمي إلى الرابطة النسوية لمؤسسة القدس بالجزائر وعضوة في مجلس إدارة بمؤسسة للصحة الجوارية. - هذه المهمات العديدة أثارت فضولنا لمعرفة سر قدرتك على تحقيق التوازن بين واجباتك المنزلية وأدوارك الاجتماعية؟ * ليس ذلك بالمستحيل بالنسبة لمن يقدر الوقت.. فمن عرف معنى مقولة: "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك" سيبرمج حياته حتما لإنجاز العديد من الأعمال الصالحة التي تفيد المجتمع بعيدا عن آفة قتل الوقت.. فأنا شخصيا لا يمكنني أن أمضي الوقت في مشاهدة بعض المسلسلات غير الهادفة أو في ممارسة بعض الأمور التافهة على حساب متطلبات الحياة الجوهرية. - هل لك أن تعرفينا بالمرصد الجزائري للمرأة؟ * المرصد الجزائري للمرأة، هيئة استشارية وطنية تابعة لأكاديمية المجتمع المدني الجزائري تأسست سنة2007، يخضع أعضاؤها لأحكام القانون الأساسي والنصوص المرجعية للأكاديمية وللنظام الخاص بالمرصد. - وماذا عن أهدافه؟ * يهدف المرصد إلى تفعيل دور المرأة في التأسيس لمجتمع مدني جزائري فعال من خلال الاهتمام بتطوير حضور المرأة في كل المجالات وتمكينها من المشاركة في صناعة القرارات المصيرية والبناء الاقتصادي الاجتماعي، فضلا عن حمايتها من أخطار الآفات والظواهر الاجتماعية المختلفة. وإضافة إلى الدعوة إلى إصدار نصوص قانونية لحماية المجتمع والأسرة والعمل على تطبيق النصوص الموجودة في هذا المجال، يسعى المرصد أيضا إلى استقطاب الفئات الصامتة والشرائح المنسية، وخاصة المرأة للقيام بمهامها الطبيعية مع باقي الفئات النشطة الأخرى. - بعد سنتين من تأسيس المرصد، ماذا حقق من أهدافه؟ * استطاع المرصد لحد الساعة أن يساهم في توعية المرأة وتأهيلها في مختلف الميادين، وذلك من خلال تنظيم الندوة الأولى لسيدات الأعمال، ندوة حقوق المريض، المشاركة في المهرجان الإفريقي بعرض 23 منتوجا نسويا، تكريم المرأة الصحراوية، تكوين17إعلامية متقاعدة. كما بادر المرصد بتنظيم دورة تدريبية لتأهيل الشباب للزواج، وكذا ندوة حول قانون الأسرة وحقوق المرأة. - لو نتحدث عن رأيك حول ورشة التفكير في إعداد مخطط الاتصال والتوعية لمحاربة العنف ضد المرأة؟ * هو هدف في غاية الأهمية نرجو أن يكون له صدى واسعا، فالاتصال هو بالفعل أكبر عقبة يجب تجاوزها لتجسيد المخططات والإستراتيجيات الرامية إلى إحداث تغييرات إيجابية في المجتمع.. فعلى المرأة بالتحديد أن تكون واعية بواجباتها وحقوقها وبآليات الحماية المتوفرة كي لا تكون عرضة لمختلف أشكال العنف الذي قد يطبق عليها من طرف الرجل. - لماذا تسود برأيك هذه الظاهرة المنافية لمقولة: "الرجل شقيق المرأة"؟ * أعتقد أن الموروثات الثقافية والاجتماعية ساهمت إلى حد كبير في بروز هذه الظاهرة التي كرسها تراجع دور المدرسة، البيت والمسجد.. والجدير بالقول في هذا المقام هو أن التخلي عن مبادئ الإسلام المعادي للعنف والحريص على الاعتناء بالمرأة، أدى إلى سوء تقدير قيمة هذه الأخيرة، خاصة في ظل رواج معتقدات خاطئة بخصوص المرأة تولدت من سوء فهم تعاليم الدين الإسلامي. - كيف تشرحين مسألة سوء فهم تعاليم الدين للقارئ؟ * كثيرون يستندون في تبرير الاعتداء الجسدي على المرأة بالآية القائلة: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن" .. فنفس الآية التي تبيح الضرب هي نفسها التي تمنعها، لأن الضرب عقوبة مشروطة بأن تكون الزوجة ناشز تعصي زوجها فيما هو حق من حقوقه الزوجية، فالإسلام لم يلزم الرجل بضرب الزوجة بل أباح فقط إظهار عدم رضاه بضربة جد خفيفة عند استنفاد كل الحلول، لتكون خيرا من تأديبها بالطلاق.. والواقع هو أن أكبر عقاب للزوجة في الدين هو "فارقوهن في المضاجع،" وليس الضرب المبرح. ولا يجب أن ينسى الرجال أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يضرب امرأة في حياته قط، فهو أحسن قدوة في معاملة المرأة اذ كان يداعب زوجاته ويحسن إليهن. - ماذا تقترحين اذن لضمان نجاح مشروع المخطط؟ * برأيي لا ينبغي أن نتحدث عن ظاهرة العنف الموجه ضد النساء دون أن نقحم الرجل، فالأولى أن يستهدف المخطط الرجل بالدرجة الأولى ليتعلم فن معاملة المرأة، وهو هدف يتوقف على الدور التربوي الملقى على عاتق الأسرة، المسجد والمدرسة.. فقد حان الوقت لاجتثات ممارسات التمييز بين الجنسين من خلال العودة إلى تعاليم الدين، لتكوين أجيال قادرة على تحمل مسؤولية الحفاظ على أمانة المرأة تطبيقا لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : "رفقا بالقوارير " .. فالحل باختصار لن يكون بتوجيه النساء المعنفات إلى مراكز التوجيه والإصغاء ولا حتى بدفعهن إلى إيداع شكوى، والتي قد يكون ثمنها الطلاق بالنسبة للمرأة المتزوجة، وإنما بتغيير ذهنية الرجل ليغير نظرته الخاطئة تجاه المرأة. - في نهاية الحديث، ماذا تقول السيدة جعفري؟ * أفضل رسالة يمكن أن أوجهها إلى الرجل، هي أن يتذكر دائما وصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيرا".