غليان في قدر هو أصح ما يمكن أن يطلق على الوضع الراهن حيال الوقت الفاصل في مباراة العودة بين الجزائر ومصر، فعلاوة على تربع حديث المباراة والأهداف على عرش الجلسات الرجالية وحتى الرهانات المسبقة، تسلل إلى الأحاديث النسوية، فربات البيوت أصبحن يفهمن جيدا ضربات الترجيح (الجزاء) وكيف يسجل الهدف الصحيح، حتى الخضر نالت حضها من الدلال بسبب لونها الأخضر، حيث يصرخ الباعة في الأسواق "الخضرة تنفع الخضرة تربح". وبين هذا وذاك اشتدت المنافسة بين مطربي الأغنية الرايوية الذين أبدعوا في تقديم كوكتال غنائي رياضي حماسي، إلا أن المفاجأة الكبرى هي تحريك روح الخضرة لكل شيء في الوطن وخارجه، كما سجلت الخضرة عودة الحاج رابح درياسة للساحة الغنائية من خلال تقديم أغنية خاصة للخضر مع دار أطلس، لينضم هو أيضا للقائمة العريضة للمناصرين العشاق، وأبدى رجال السياسة أيضا اهتماما كبيرا بالمباراة الحاسمة التي ستشهدها أرض الفراعنة في 14 من الشهر الجاري، كما تمكنت المباراة أيضا من اللاشعور، حيث استوطنت في أحلام الجزائريين الذين حلموا بتفاصيل المباراة قبل موعدها. اكتسح كوكتال معتبر من الأغاني الرايوية الساحة الفنية الجزائرية في ظرف وجيز جدا، كان وقوده المباراة المندرجة في إطار التصفيات المزدوجة لكأس العالم وكأس إفريقيا للأمم، ومع ارتفاع حظوظ الخضر في التأهل للمونديال، كل الأغاني الحماسية التي شاعت وذاعت في ظرف قياسي تصب في قالب التغني ببطولات أولاد الخضرة الذين لم يدخروا جهدا لافتكاك الأهداف من الخصوم، البداية كانت بثنائية حسيبة عمروش والشاب توفيق اللذين قدما أغنية "هيا يالخضرا" والتي استطاعت أن تحقق نجاحا ساحقا فور نزولها، ومن عمق الجنوب الجزائري قدم المطرب محبوب أغنيته الحماسية "أفراح الجزائر" التي صورت على شاكلة الفيديو كليب الذي جمع بين أفراح الجزائريين والأهداف، ويظهر محبوب وهو يرتدي العلم الوطني والسعادة بادية على محياه، حيث قال محبوب إنه من واجب أهل الجنوب الاحتفاء بانتصار الفريق الوطني باعتبارهم جزائريين أيضا. ( VIVA L'ALGERIE 3-2-1 ) هي الأغنية التي صدح بها فريق من المطربين الجزائريين، وهم الشابة صونيا، الشاب محفوظ، وفرقة اشرشار والتي يقال في مطلعها ( وان ..تو.. ثري. . فيفا للجيري ) كل ما نسمعها ايشوك لحمي... أرفد يدك أمعايا وأدعي وقل إن شاء الله ينصرها ربي"، وهي الأغنية التي تم تصويرها أيضا بطريقة الفيديو كليب تحت إدارة المخرج بادي - محمد صحراوي - حيث أكدت لنا الشابة صونيا أنها قدمت الأغنية بإحساس عال جدا كونها من عشاق الخضرة، تقول "هذه الأغنية التي في الواقع ليست رياضية فحسب، بل هي وطنية أيضا وهذا هو سر النجاح الكبير الذي حظيت به، حيث تتطرق إلى التاريخ الجزائري المجيد، وفريق جبهة التحرير الوطني وبطولات شجعان الجزائر، وهي من كلمات وألحان المناجير يسري D.Y... كل ما أتمناه الآن هو فوز الجزائر في المباراة القادمة" . من جهتها فلة عبابسة قامت بتسجيل أغنية رياضية عربية بعنوان "كرة نظيفة في الميدان" تغنت من خلالها بالفريق الوطني الجزائري، وجاءت أغنيتها هذه كرد مباشر على المطربتين هيفاء وهبي التي غنت للفريق المصري في ملعب القاهرة، ونانسي عجرم التي تمنت فوز الفريق المصري وقدمت له أغنية. كما أصدر مطرب الراب داود فينومان أغنية رياضية تغنى من خلالها ببطولات لاعبي كرة القدم الجزائريين السابقين وأبطال اليوم الذين يعول عليهم كثيرا لدخول باحة المونديال. من جهته نجم الأغنية السطايفية الشاب خلاص سجل بمعية مطربة الراب الجيريانو المقيم بباريس أغنية تشجيعية للخضر بعنوان "نديرو حالة" والتي يقول في مطلعها "مع أولاد بلادي انديروا حالة.. خمسة وخموس.. من عيون الحسادة". أطلق الشاب عقيل، بالتعاون مع "ديجي سهيل" أغنية سينغل بعنوان "غلادياتور" أو المحاربون حيث شبه أبناء الخضرة بالمحاربين الرومان القدامى، ويقول في مطلع أغنيته "سلام": "الفرجة مكمولة.. الخضرة مون أمور.. يلعبوا الكرة.. شكون يحبسهم شكون.. الديفيلي اليوم.. لي غلادياتور.. عدنا تاريخ.. الأصل والنيف.. فرحة مكمولة والدعوة مقبولة". كما قدمت فرقة "ميلانو تورينو" أغنية "تحيا الجزائر" من جهتها أكدت الفنانة وردة أنها لن تقبل بغير فوز الخضر على الفراعنة في القاهرة، مشيرة إلى انه على "الخضر" الفوز في تصفيات كأس العالم وحجز تذكرة التأهل إلى المونديال، قائلة في الوقت نفسه إنها ستكون أول جزائرية تشجع الفراعنة في حال تأهلهم. والجدير بالذكر أن الرغبة في الفوز والحصول على اللقب تعدت كل الحدود، وربما أكثر من هذا حيث تحولت إلى شحناء من مناصري الطرفين، وهو الأمر الذي تترجمه الردود الموجودة في المنتديات والفيس بوك، والتي استطاعت أن تصل إلى شجارات طويلة يتبادل فيها الأنصار الشتائم. والمثير للانتباه هو الكم الهائل من الدعوات التي أطلقها عشاق الخضرة الذين لم يفوتوا فرصة من قراء المنتديات على الأنترنت الدعاء للفريق الجزائري بالفوز، وإليكم مقطعا من الدعاء الذي تكرر بقوة، حيث يطلب هذا العاشق الخضري من الله تعالى بكل أسمائه الحسنى أن يهب الفوز لمحاربي الصحراء يقول "يا مجيب الدعاء يا من لا نملك ربا سواه أدخل السرور في قلوب الجزائريين وأبهج الملايين وانصر منتخبنا الوطني يا أرحم الراحمين..... آمين" من جهتها، الفنانة المصرية شيرين رفضت إقحام أغنيتها الوطنية المعروفة ماشربتش من نيلها في الجدال القائم قائلة "الفوز سواء لمصر أو الجزائر واحد، المهم أن نلعب بطريقة فنية على أرضية المونديال، ويجب أن نرفع التحدي في تصفيات كأس العالم، لأن اللعب الحقيقي سيكون هناك، أما نحن فلا يجب أن ننسى أننا عرب وتاريخنا يشهد بأننا أخوة، وبالأمس كلنا غنينا لفلسطين واليوم علينا أن نغني للملمة الوحدة العربية وبلغة بها الكثير من الحماس والافتخار قال وزير التضامن الوطني والأسرة والجالية الجزائرية بالخارج جمال ولد عباس "الجالية محظوظة جدا كون 10 من لاعبي الفريق الوطني من الجالية". أما الوزير المفوض للأسرة والطفولة السيدة منى سمير كامل ممثلة جامعة الدول العربية ضحكت حتى ظهرت نواجدها عندما سألناها عن الفريق الذي تتمنى فوزه وبذكاء ردت قائلة "بصفتي من الجامعة العربية سأصفق لأي فريق يفوز الجزائري أو المصري، أما بصفتي مصرية - ووضعت يدها على قلبها - أقول مصر" وبين رغبتنا الجامحة في الفوز والشحنة التي ملأت قلوب الكثيرين ممن لا يحملون الروح الرياضية في أعماقهم من الخصوم في اللعب فقط - كوننا اخوة كما قال لي أحد المصريين إننا إخوة يفرقنا لعب الكرة فقط، علينا أن نضع نصب أعيننا أن للرياضة قواعد يجب أن يحترمها الجميع، أولها الروح الرياضية والتي تتمثل في تقبل الهزيمة أو الانتصار، احترام المنافس، الالتزام بقواعد اللعبة، الاحترافية في اللعب، احترام الجمهور وعدم الإساءة إليه من خلال تقديم لعب محترم، وأشار زميل لي مختص في الرياضة أن الاحترام جزء من الروح الرياضية.