مازالت الأسابيع الثقافية تتواصل بين الولايات لاستعراض الثقافة الخاصة بكل منطقة وتقريبها أكثر من المواطن، للتعريف بالثراء وتنوع التراث الوطني، بحيث تنزل عاصمة الحماديين ضيفة على مدينة الصخرة السوداء، في حين تستضيف ولاية سعيدة مدينة الورود، وتكشف جرجرة عن موروثها الثقافي لسكان ورقلة. حل نهاية الأسبوع الماضي الموروث الثقافي والحضاري لعاصمة الحماديين بجاية، ضيفا على ولاية بومرداس، في إطار فعاليات تبادل الأسابيع الثقافية بين الولايات وسط ترحيب كبير من أهلها. وتميز حفل افتتاح هذه التظاهرة بدار الثقافة "رشيد ميموني" ببومرداس، بتدشين عدد من المعارض الفنية والتراثية التي تبرز معالم هذه الولاية من الناحية التاريخية والأثرية والسياحية على وقع إيقاعات واستعراضات فلكلورية مميزة لفرقتي "إضبالن أوقمون" وفرقة "إزيفاس". ويتضمن برنامج هذه التظاهرة الثقافية الذي سيتواصل إلى غاية 9 ديسمبر الجاري، حسب المنظمين، عددا من المعارض والعروض السمعية البصرية يدور أهمها حول تاريخ بجاية وانتفاضة "الشيخ الحداد"، وعرض للمخطوطات والزوايا المشهورة وأخرى حول الحظيرة الوطنية ل"قورايا "و" قلعة بني عباس"، إلى جانب معارض حول الفنون التشكيلية والصناعات الحرفية والتقليدية للمنطقة. وستكون هذه النشاطات متبوعة بتنظيم عدد من المحاضرات يلقيها أساتذة جامعيون يدور أهمها حول "عناصر الصوفية والثقافة في بجاية عبر التاريخ " و"الحركة الثقافية ببجاية"، إضافة إلى أمسيات شعرية من تنشيط الشاعر حساني امحمد. إلى جانب ذلك سيستمتع جمهور بومرداس طيلة هذا الأسبوع، بعدد من السهرات الفنية تمزج بين مختلف الطبوع التي تشتهر بها الولاية يحييها عدد من الفرق والفنانين كمطربي الشعبي "عاشوري مختار" و "ياسين زواوي" و"كمال أنعلي" في العصري القبائلي وفرقة "زهير مزناق" وغيرهم. وتحتل العروض المسرحية والسينمائية جانبا مهما في هذا الأسبوع، حيث سيتم إقامة، حسب البرنامج المسطر، عدة عروض للصغار والكبار بكل من قاعة المسرح "إفريقيا" بيسر ودار الثقافة "رشيد ميموني" كمسرحية "القوة الحقيقية" للصغار، إلى جانب عرض عدد من الأفلام القصيرة كفيلم "في البحث عن السعادة" و" لقاء مميت" و"اللعنة" تكون كلها متبوعة بنقاش. من جهتها، حلت عاصمة المتيجة بتاريخها العريق وتراثها الغني، ضيفة على ولاية سعيدة وسط عرس فني راق صنعته الفرق الموسيقية في شتى الطبوع المستوحاة من الرصيد الفني للمنطقة. وتندرج هذه التظاهرة حسب محافظ المهرجان، السيد جمال زغيدور، في إطار البرنامج المسطر من قبل الوزارة الوصية، بغرض التبادل الثقافي بين مختلف ولايات الوطن، سعيا منها إلى إحداث ديناميكية تعرف من خلالها كل جهة ما تزخر به من كنوز ثقافية مادية كانت أو غير مادية، ناهيك عن إتاحة الفرصة للفنانين والأدباء لإبراز مؤهلاتهم الإبداعية. وقد شهد برنامج التظاهرة إقامة معارض تعكس الصناعات التقليدية وما أنتجته أنامل الحرفيين كالحلي والأواني الفخارية والمفروشات التقليدية، ناهيك عن الحلويات الشعبية المحلية على غرار "العرايش" و"الحناين" و"الكفتة"، وكذا الأكلات، خاصة "مقرون لعمى" و"الرشتة". ومن جهة أخرى، أشار المسؤول أن محافظة المهرجان اصطحبت معها إلى ولاية سعيدة عينات تمثل مختلف طبوع الفلكلور الموسيقي الثري لمدينة الورود تؤديها فرقة الفلكلور للزرنة والجوق الولائي للموسيقى الشعبية والأندلسية، مع برمجة سهرات فنية من تنشيط الفنانين سيد علي بن قرقورة في الطابع الأندلسي ويوسف حسن في الفن الحوزي وبوعلام ساعو وجمال منور بالنسبة للأغنية الشعبية. ومن جهة أخرى استمتع الجمهور السعيدي من محبي الفن الرابع، بعروض مسرحية تقدمها فرقة "النوارس"، من بينها مسرحية للصغار تحت عنوان "مائة بالمائة أطفال"، إلى جانب مونولوغ بعنوان "صرف كل زمان" مع برمجة قراءات شعرية من إمضاء الشاعر إلياس عيساوي. كما تستضيف ولاية ورقلة بحر هذا الأسبوع، ولاية تيزي وزو، ليكون فرصة ملائمة لجمهور الجنوب لاكتشاف ما تزخر به منطقة جرجرة من تراث فني وثقافي عريق نابع من أعماق التاريخ، كما أوضح محافظ المهرجان لولاية تيزي وزو السيد شرفاوي محمد. ويحتوي الأسبوع الثقافي لولاية تيزي وزو على عدة فقرات متنوعة، من بينها معرض لأصناف جميلة من الصناعات التقليدية التي تشتهر بها منطقة القبائل منها صناعة الزرابي، المتمثلة خاصة في زربية منطقة "آث هشام" التي تحتوي على الكثير من الرموز والألوان التي ظلت المرأة القبائلية تتخذها على مر العصور مجالا للتعبير عن تطلعاتها وأحاسيسها وآمالها. كما تبرز ضمن محتويات المعرض، أصناف من الألبسة التقليدية التي يرتديها سكان منطقة القبائل من كلا الجنسين في الأفراح والمناسبات السارة على غرار الجبة النسوية المعروفة بثقندورث ثاوراغث والبرنوس الأبيض الرجالي، فضلا عن صناعة الحلي التقليدية والفخار التي أبدعت أنامل الحرفيين بالمنطقة في إنتاجها، وذلك إلى جانب عرض نماذج من الأواني التقليدية المصنوعة من الخشب والتحف الجميلة التي نقشت عليها أشكال ذات دلالات فنية و تعبيرية مختلفة. ولم تخل هذه التظاهرة الثقافية من عرض نماذج من الكتب التي تتحدث عن تاريخ وثقافة المنطقة، وذلك إضافة إلى عرض المخطوطات التراثية القديمة والصور الفوتوغرافية لأهم الفنانين والمغنيين الذين عرفتهم منطقة تيزي وزو في الماضي والحاضر، إضافة إلى عرض صور فوتوغرافية أخرى لأهم المواقع والمعالم السياحية الموجودة بهذه المنطقة من الوطن. كما تبرز هذه الصور نماذج من الأدوات الحجرية والرسومات الجدارية والمعالم الجنائزية والأبراج والحصون القديمة، التي هي من نتاج الحضارات والشعوب التي تعاقبت على المنطقة على فترات متقطعة من الزمن على غرار الفينيقيين والرومان والبيزنطيين وغيرهم. كما يتم في إطار هذا العرس الثقافي القبائلي، عرض العديد من اللوحات الخاصة بالفنون التشكيلية وصور تبرز الطبيعة الخلابة للمنطقة ذات الجبال الشاهقة والمروج الخضراء التي تكثر بها الأشجار الغابية والمثمرة كشجر الصنوبر والفلين والبلوط والزيتون. كما تعرض صور أخرى عامة لمدينة تيزي وزو تبين التطور العمراني الذي شهدته هذه المدينة الجميلة. وتجدر الإشارة إلى أن برنامج الأسبوع الثقافي لولاية تيزي وزو بورقلة، يتضمن أيضا تقديم عدة عروض مسرحية و حفلات ساهرة من إحياء فرق فنية فولكلورية وعصرية متنوعة.