تعيش مختلف مناطق الوطن على وقع عدد من الأسابيع الثقافية المحلية وتوأمات ثقافية بين ولايات من الشرق والغرب، الشمال والجنوب وذلك ضمن المهرجانات المحلية للثقافة والفنون الشعبية، امتدادا لما تمّ تكريسه عام 2007 خلال تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية" باستضافة كلّ ولايات الوطن في أسابيع ثقافية محلية ثنائية، أقرّت وزارة الثقافة تنظيم كلّ ولاية لمهرجان محلي للثقافة والفنون الشعبية تستضيف فيه الولايات الأخرى التي تلتزم بإبراز ما تزخر به من تراث وموروث حضاري وثقافي. وفي هذا الإطار، تحتضن الجسور المعلّقة ولاية الشلف في مهرجان ثقافي محلي بقصر الثقافة "مالك حداد" يضمّ معارض تبرز تراث هذه المنطقة وخصوصياتها، ولدى تدخله خلال حفل افتتاح هذه التظاهرة التي تدوم لغاية التاسع عشر من نوفمبر الجاري أشار مدير قصر الثقافة "مالك حداد" أنّ هذه "الوقفات" ترمي أساسا إلى إبراز التنوع الثقافي عبر ربوع الوطن، كما تسمح بالإطلاع على عادات وتقاليد عديد مناطق البلاد التي تكتنز تراثا ثقافيا يجب المحافظة عليه. ومن جهته، ثمنّ مدير المتحف الجهوي للشلف وعضو محافظة هذا المهرجان مجهودات الوزارة الوصية لمبادرتها بإقامة مثل هذه المهرجانات معتبرا هذا اللقاء فرصة للتبادل الثقافي بين ولايات الوطن وفرصة أيضا لإظهار خصوصيات كل منطقة، مشيرا إلى أنّ ولاية الشلف حلّت بقسنطينة حاملة معها معرضا متنوّعا يبرز تاريخ وتراث هذه المنطقة من لباس تقليدي وأكلات شعبية وزرابي وحلي ونحاس وفن تشكيلي. وسينشط وفد الشلف، الذي يضم 70 فردا من حرفيين وموسيقيين وعارضين وشعراء ومحاضرين، العديد من السهرات الفنية من أداء فرقة الفن الغيواني والفن البدوي بالعديد من قاعات المدينة فضلا عن تقديم محاضرتين حول شخصيات وأعلام هذه المنطقة. أمّا ولاية البيّض فتستضيف ولاية عين الدفلى في أسبوع بدار الثقافة "محمد بلخير بلقديم" تضمّن لوحات وسط ركح فني ممزوج بوقع تراثي يعبر عن خصوصية هذه الولاية، وتميّز الحفل الافتتاحي بأهازيج فلكلورية على إيقاع أنغام الزرنة التراثية ضمن لوحة ترجمت تواصل الجمهور البيضي الذي توافد بشكل معتبر خلال بداية فعاليات هذا الأسبوع والتف بقوة حول هذه الإيقاعات الفنية ضمن حلقة تجاذب بين ثقافة الولايتين. وشكّلت الصناعة التقليدية لعدد من حرفي الولاية الضيفة لوحة عبرت في عمقها عن الذوق الراقي لهذه الحرف خصوصا الصناعات الفخارية التي كانت حاضرة بشكل مميز ومعتبر، إضافة إلى عدد من الألبسة التقليدية التي تعددت ألوانها وأشكالها لكنها اجتمعت في تقاسم رسالة التميز الخاص بولاية عين الدفلى حسبما صرح به أحد المشاركين في هذا المعرض. وحسب مدير قطاع الثقافة بولاية البيض السيد شعنان كمال فإن هذا الأسبوع الثقافي يحمل في أجندته العديد من النشاطات الثقافية والفنية والتراثية من خلال بعض العروض المسرحية لعدد من الفرق الهاوية لولاية عين الدفلى، كما هو الحال بالنسبة لعرض مسرحية في بيت النار لفرقة خميس مليانة وأيضا أمسيات شعرية من تنشيط عدد من شعراء المنطقة، إضافة إلى سهرات موسيقة خاصة بالطابع الأندلسي وأخرى فلكلورية اختير لها أن تتداول طيلة هذا الأسبوع بقاعة المحاضرات "أحمد حري" المفتوحة أمام الجمهور البيضي كفرصة للتعرف على المكنوزات الثقافية والتراثية لولاية عين الدفلى. وعلى صعيد متّصل طبع افتتاح الأسبوع الثقافي لولاية المدية بقالمة الغناء الفلكلوري لمنطقة التيطري من أداء فرقة "أشير" وذلك وسط حضور جماهيري ملفت، واستمتع الجمهور الغفير بدار الثقافة "عبد المجيد شفاعي" بأداء فرقة "أشير" الذي ألهب القاعة في إطار هذه التظاهرة التي تبرز تاريخ والتراث الثقافي والقدرات الاقتصادية والطبيعية لولاية المدية، وتواصل الحفل البهيج بتدشين معرض يتضمن عادات وتقاليد سكان المدينة باعتبارها مدينة تاريخ وثقافة ذات الماضي الذي يعود إلى ألف سنة، حيث كانت في الماضي تحت وصاية الجزائر عاصمة للبايلك الكبير ثم بايلك التيطري. ويقدّم هذا المعرض الذي يضم 10 أجنحة لمحة عامة عن التراث الفني والثقافي لمنطقة المدية حيث يكتشف الزائر حلويات وصناعة تقليدية تتمثل في الطرز والمنتجات الجلدية والرخام وكذا تاريخ منطقة المدية التي أنجبت للجزائر أول دكتور في الأدب العربي وهو محمد بن شنب والتي كانت مسقط رأس أحد أساتذة الغناء الشعبي محبوب صفر باتي دون نسيان محبوب سطمبولي الذي كتب 5 آلاف قصيدة شعرية لمغنين وأخرى لعديد الأعمال المسرحية. ولاية غيليزان أبت إلاّ أن تنزل ضيفة على عنابة في أجواء احتفالية ميّزتها لوحات فلكلورية أصلية ومعبّرة عن قلعة بنى راشد، ويعكس المعرض المقام في إطار هذه التظاهرة التي تندرج في إطار التبادل الثقافي ما بين مختلف ولايات الوطن الموروث الثقافي لسكان غليزان ومختلف أوجه النشاطات الحرفية والصناعات التقليدية التي تتميز بها المنطقة، كما يتضمن المعرض عدة لوحات تشكيلية لفنانين شباب من أبناء المنطقة إلى جانب أجنحة للأثريات وأخرى للخياطة والطرز التقليدي ومخطوطات إسلامية تعود إلى أكثر من أربعة قرون مضت. وسيمكن الأسبوع الثقافى لولاية غيليزان بعنابة سكان هذه المدينة من التعرف على مختلف أوجه الحياة الثقافية والفنية والتراثية للولاية الضيفة، بحيث برمجت في هذا الإطار عروض موسيقية في طبوع الفلكلور والبدوي والعصري. إلى جانب إلقاء محاضرات فكرية حول تاريخ المنطقة وعروض مسرحية ولقاءات شعرية وذلك طيلة الأسبوع الجارى. وتميّز إفتتاح الأسبوع الثقافي للفنون والثقافة الشعبية لولاية تندوف بالنعامة بتدشين معرض ثري للصناعات التقليدية واستعراضات فنية لفرقتي النايلية وأهل الشوار للتراث الشعبي للرقيبات، كما تم تقديم عرض فيديو حول المواقع السياحية لتلك الولاية الوقعة بأقصى الجنوب الغربي للوطن. ولقي المعرض المنظم بالمناسبة توافدا معتبرا من الزوار بدار الثقافة وخصوصا أجنحة عروض الألبسة التقليدية كالملاحف المزركشة الألوان والمصنوعة محليا من طرف المرأة التندوفية فضلا عن جناح صناعة الحلي وما يعرف هناك بالعقيق وهي أسورة من مواد العاج والزجاج من مختلف الأشكال، بالإضافة إلى بعض الأدوات التقليدية للبدو الرحل من مربي الإبل بتندوف وسط ديكور خيمة كبيرة نصبت ببهو دار الثقافة.