قررت الحكومة توجيه جهودها في قطاع الموارد المائية للخمس سنوات القادمة نحو إنجاز مشاريع تحويل المياه بين مختلف الأحواض، خاصة نقل المياه الجوفية نحو الشمال والهضاب العليا، وإنشاء مراكز تخزين استراتيجية تربط مختلف مناطق الوطن. وحددت الحكومة في اجتماع مجلس الوزراء الأربعاء الماضي الإطار العام للسياسة الوطنية في قطاع الموارد المائية، وعكس العرض الذي قدمه وزير القطاع السيد عبد المالك سلال المتضمن المخطط التوجيهي لتهيئة الموارد المائية والمخطط الوطني للمياه الأهمية المخصصة لهذا القطاع على نحو يجعل البلاد في منأى عن أزمة ندرة المياه، كما كان الحال في منتصف التسعينات وبداية الألفية الجديدة عندما بلغت الأزمة ذروتها، وما يزيد من أهمية الاهتمام بهذا الجانب هو الموقع الجغرافي للجزائر الذي يتميز بمناخ شبه جاف وتأثير التغيرات المناخية. وبناء على هذه المعطيات الميدانية فقد سطرت الحكومة وفق المخطط الجديد برنامجا يعد امتدادا لذلك الذي شرع فيه منذ عشر سنوات يرمي بالأساس إلى الرفع من وتيرة الإنجاز، وتركيز الجهود على برامج تسجل في خانة "البرامج الاستراتيجية"، منها إنجاز مشاريع لتحويل الموارد المائية بين مختلف الأحواض المائية بما في ذلك تحويلات المياه الجوفية من الجنوب إلى الهضاب العليا وكذا شبكات التحويل والتخزين للمياه بين المناطق الثلاثة من شمال البلاد، ومن شأن هذه المشاريع أن تؤمّن تزويد السكان بالماء الصالح للشرب على نحو أفضل وتحسين قدرات الري المنتظم للزراعة، وتوفير هذا المورد للقطاع الاقتصادي. ولا تراهن الحكومة ضمن المخطط الجديد على عملية الإنجاز فقط بل تخصص لعامل التسيير الأهمية القصوى، لما لهذا الجانب من إيجابيات في مجال الحفاظ على هذه الثروة كون بلوغ أهداف ضمان تزويد المواطنين بالمياه وتوفيره للقطاع الزراعي والصناعي يتطلب قدرات كبيرة في مجال تسيير المنشآت في سياق يحافظ على ديمومة المنشأة من جهة وتجنب إهدار القدرات والمورد المائي من جهة أخرى. وسطرت الحكومة ضمن المخطط الجديد لتنمية القطاع الممتد إلى غاية 2014 عدة برامج، منها مواصلة جهود إنشاء السدود، حيث أعلن وزير القطاع السيد عبد المالك سلال عن انتهاء الدارسة فيما يخص إنجاز 19 سدا جديدا، إضافة إلى رفع مستوى التخزين في بعض السدود الأخرى بهدف مضاعفة قدرة التقاط المياه السطحية من 7.1 إلى 9.1 ملايير متر مكعب أي ارتفاع بأكثر من 30 بالمائة. كما يسعى البرنامج لإنجاز 6 مشاريع تحويل كبرى و14 مشروع جر وإصلاح شبكات التزويد بالماء الشروب على مستوى 32 مدينة وإصلاح شبكات التطهير ب24 مدينة، يضاف إلى ذلك إنجاز 64 محطة جديدة لتطهير المياه المستعملة لبلوغ قدرة معالجة إجمالية تقدر ب740 مليون متر مكعب في السنة. ومن المقرر كذلك أن يتم إنجاز أشغال تهيئة في مجال الري والفلاحة على مساحة 125 ألف هكتار جديدة وكذا إنجاز 100 ممسك مائي جديد موجه للري. ولترشيد استعمال الموارد المائية في القطاع الفلاحي فقد سطرت وزارة الموارد المائية برنامجا بالتنسيق مع وزارة الفلاحة والتنمية الريفية يهدف إلى إنشاء عشرات المحطات لتصفية المياه المستعملة الموجهة للسقي وتم مؤخرا تدشين محطة جديدة بولاية تسلمان تسمح بسقي 920 هكتار من الأراضي الفلاحية. وسيمتد برنامج إنجاز محطات لتحلية المياه المستعملة والموجه للقطاع الفلاحي ليشمل عدة ولايات بهدف التقليل من استعمال المياه الصالحة للشرب من جهة والقضاء على الأوبئة من جهة أخرى.