لم يترك المنتحب الوطني أول أمس، أية فرصة للحظ أولمنافسه المالي لرهن حظوظه فيما تبقى من المنافسة الافريقية وخرج بنقاط ثمينة ابقت عليه في سباق التأشيرة من خلال المبارة الثالثة والمصيرية التي تجمعه بمنتخب البلد المنظم. فوز المنتخب الوطني الذي تكرس لعبا وإرادة ونتيجة ربما يكون ايضا ردا حاسما على الانتقادات التي وجهت للطاقم الفني على اختياراته التكتيكية التي توخاها في المباراة الأولى أمام المالاوي، كما كان ردا من اللاعبين الذين انتفضوا وتمنوا محو تلك الصورة المشوشة التي رسمتها لهم تلك المباراة في مخيلة الجماهير الجزائرية التي كانت تمني النفس بأن ما حدث يومها قد يكون مجرد كبوة، وربما تكون ايضا قد هضمت ما روج له سعدان عندما اوعز كل شيء لعاملى الرطوبة والحرارة وسوء البرمجة. وهكذا ثأر المدرب على طريقته من سوء الطالع وتمكن من إعادة ترتيب اوراقه على ضوء خطة جديدة تكيف معها الجميع، وقد رأينا كيف ان المنتخب الوطني لعب بفكر واحد وبتعداد كان جديده هذه المرة الثنائي العيفاوي ظهير أيمن وبزاز كجناح أيسر يجيد التوغل نحو الوسط الذي دار كالعادة بفضل زياني الذي عادة ما يشكل همزة وصل ويبنى عليه اللعب، فيما كان الثنائي حسن يبدة ويزيد منصوري وجهان لعملة واحدة، اختاره سعدان ليكون سدا مانعا أمام أحسن اللاعبين في الليغا الاسباني وأعني بهم ممادوا ديارا نجم ريال مدريد وسيدو كايتا نجم اف سي برشلونة وفريدريك كانوتي هداف اشبيلية. وقد رأينا كيف ان يبدة ومنصوري ومعهما زياني شكلوا نقطة قوة المنتخب الوطني هذه المرة الى درجة انهم تمكنوا من عزل نجوم منتخب المالي وبالتالي الحيلولة دون تمكين هذا الأخير من توظيف لعبه المعتاد وكأني به كان خارج اللقاء أو ان نقاط المواجهة لا تعنيه على الاطلاق. وبالمقابل، لعب الثلاثي بوقرة وبلحاج وحليش بدون اخطاء، فيما خاض العيفاوي تجربة أولى على هذا الصعيد وكانت مسؤوليته كبيرة لأن اللاعبين الماليين وبعد ان فشلوا في اختراق كتلة الدفاع الجزائري، حاولوا الضغط على الجهة لتي كان يحتلها العيفاوي، غير انه كان في صورة بقية رفاقه لأنه استطاع ان يراقب سيدو كايتا الميال للعب على الجناح بعد ان تأكد له بأن التوغل من الوسط صعب للغاية. ولم بخيب مطمور رفاقه وكان سندا لغزال الذي شغل لوحده الدفاع المالي، حيث تحرك بالكرة وبدون الكرة ومكنته لياقته هذه المرة من مقاومة كل المؤثرات، وبذلك استطاع ان يحجز قدرا لا بأس به من مدافعي بل وأسرهم داخل منطقتهم مما أربك كثيرا خطة المدرب استيفان كيشي الذي يبدو انه لم تكن أمامه اختيارات كبيرة لإفشال خطة نظيره الجزائري رابح سعدان بالرغم من الاسماء الكبيرة التي تتوفر عليها دكة بدلائه. والملاحظ ان الفريق الوطني الذي اضطر لإجراء بعد التعديلات التكيتيكة على تشكيلكته في نهاية الشوط الثاني، كان وفي كل الحالات ليس بذلك المنتخب الذي خاض مباراة مالاوي وذلك على أكثر من صعيد، حيث أنهى المباراة بنفس الوتيرة كما بدأها وان لاعبيه الذين ظهروا شبه كتلة واحدة متناسقة لم يبدو ليهم أثر العياء، بدليل ان لياقتهم كانت عالية، كما ان اصرارهم على التسجيل والفوز قد أكد جاهزيتهم النفسية، مما عكس التصريحات التي كانوا قد أدلوا بها قبل المباراة ب 24 ساعة، حيث أجمعوا في كل تصريحاتهم بأن ما حدث أمام المالاوي لن يتكرر ثانية وانهم واعون بثقل المسؤولية على عاتقهم خاصة وانهم شعروا -كما قال عنتر يحيى- بأن سمعة الكرة الجزائرية قد لطختها تلك الهزيمة الغريبة أوكما قال المدرب رابح سعدان بأن تلك الهزيمة غير مقبولة على الاطلاق وعلى الجماهير ان تتفهمنا ولا تستعجل المنتخب لأن الحرارة والرطوبة كانتا تشكلان العائق الأكبر أمامه وكانت وراء الهزيمة. و لا شك ان تغيير توقيت المباراة الثانية قد أكد ما قاله سعدان وبالتالي فإن هذا التوقيت لمسنا تأثيره الايجابي على مردود لاعبينا وفي قدرتهم على التحمل والتحرك فوق الميدان وخوض المواجهة بلياقة بدنية أحسن، خاصة عند المدافعين الذين اطمأنوا هذه المرة لحسن تركيز الحارس فوزي شاوشي الذي لم يرتبك إلا نادرا وربما كان هدوئه هو الآخرمكنه من الذود عن مرماه ولو ان ما وصله من كرات هذه المرة لم يكن بالخطورة التي تعرض لها في اللقاء الأول، وإذا استثنينا كرة واحدة فلتت منه في منتصف الشوط الثاني، فإنه يمكن القول ان شاوشي كان هذه المرة في أحسن حال. لكن وبالرغم من أهمية الفوز الذي حققه المنتخب الوطني في مباراة أول أمس، إلا ان وضع المجموعة التي تتصدرها انغولا بأربع نقاط تليها مالاوي بثلاث نقاط إلى جانب الجزائر لكن بفارق أهداف لصالح مالاوي، قد يجعل الجزائر في وضع لا تحسد عليه في اللقاء الأخير أمام أول الترتيب، وكلاهما يحتاج مبدئيا إلى فوز صريح، لتفادي أية حسابات تمليها المواجهة التي تجمع بين المالاوي والمالي.