يعد الأطفال أمل كل أمة ومستقبلها وحاملو لواء الحضارة فيها، وبناء على ذلك أصبح الاهتمام بالأطفال مطلبا حضاريا يقاس من خلاله مدى تقدم الأمم وتحضرها، لأن الاهتمام بالطفولة هو اهتمام بالحاضر والمستقبل معا، وتعد فترة ما قبل المدرسة من أهم مراحل الطفولة وأخطرها إذ تظهر في هذه الفترة أهم القدرات والمؤهلات كما تتشكل السمات الأساسية التي ستحدد معالم شخصية الطفل في المستقبل، ويذكر في هذا الصدد أن مرحلة رياض الأطفال تعد من أهم وأخصب المراحل التعليمية، وكان من الضروري إنشاء مؤسسات لمساعدة ورعاية الطفل، وهي التي تعرف بمؤسسات ما قبل المدرسة التي تساعد في توجيه قدرات الطفل العقلية الجسمية والنفسية، وكل هذا قد لا يجده الطفل في محيطه العائلي، ومن أهم هذه المؤسسات الروضة والمسجد اللذان لهما أهمية قصوى كونهما يقدمان للطفل نشاطات تربوية تؤهله ليدخل المدرسة. من خلال هذا الموضوع نقدم مقارنة بسيطة بين ما يحصل عليه الطفل من معارف وتهيئة عند التحاقه بالروضة، وما يحصل عليه أيضا عند التحاقه بالمسجد، وفي ذات الوقت تحدثننا إلى معلمة في الابتدائي لديها أكثر من 20 سنة في الميدان، قدمت لنا مقارنة وافية بين التلاميذ الذين التحقوا بالروضة والذين لم يلتحقوا بها وفضلوا المساجد. تفوق في المواد الأدائية لأبناء الروضة أكدت لنا السيدة فتيحة دقاش مدرسة ابتدائي بمدرسة حمدي بن ثمار بالشراة، أن الروضة تلعب دورا هاما في حياة الطفل كونها غدت جزءا متصلا بشخصية الإنسان، حيث تحقق نموا كاملا للطفل في مختلف الجوانب النفسية الحركية اللغوية، والعقلية، وذلك من خلال النشاطات التربوية التي مارسها، تقول "لذا تساهم الروضة في تحضير الطفل للدخول المدرسي بنشاطاتها المتنوعة، فالاهتمام بالطفل ضرب من ضروب التحضر والرقي، فضلا عن كونه مطلبا إنسانيا محتوما، فالمربية في رياض الأطفال تحاول أن تلعب دور الأولياء خاصة الأم، والتي تعتبر الأكثر قربا لابنها". وتضيف السيدة فتيحة التي ظهرت حنكتها وخبرتها المهنية من خلال التعامل مع التلاميذ، حيث كانت تتقلب في عملها بين الأم الرّؤوم والمربية الجادة، ثم مدربة رياضة تحرق الطاقة الزائدة للأطفال للحفاظ على أجواء الهدوء في القسم، حيث تطلب منهم ممارسة نشاط رياضي أمام الكراسي كلما شعرت بأن هناك قابلية للتشويش، أنها كمدرسة وجدت الفرق شاسعا بين الأطفال الذين التحقوا بالروضة والذين لم يلتحقوا بها أو بأية مؤسسة تربوية أخرى، والذين كانت لهم حظوظ الالتحاق بالمسجد، تقول "هناك فرق جوهري بين الأطفال الذين التحقوا بالروضة والذين لم يلتحقوا بها، فالطفل الذي التحق بالروضة لا ينسى أبدا التحية الصباحية، نشط وفعال، عندما تطرح المعلمة أسئلة يلاحظ جليا أن أطفال الروضة سباقون لرفع الأصابع، مخارج الحروف عند القراءة واضحة لديهم، وأفكارهم مسترسلة عند المشاركة في مادة التعبير". أطفال الروضة أكثر جرأة من غيرهم، خط أطفال الروضة يتأرجح بين الجيد، المقبول والمقروء والجميل، أما خط الأطفال الذين لم يلتحقوا بالروضة فتأرجح هو الآخر بين الجيد، حسن، المقبول والضعيف. وتواصل محدثتنا قائلة "أما فيما يخص مادة الرسم فقد ظهر الفرق جليا بين العينتين، حيث طلبت من الأطفال إنجاز رسم بعنوان "العائلة السعيدة" فقام الأطفال برسم صورة عائلية تضم الأب، الأم والإخوة فلاحظنا مايلي: تقريبا كل رسومات أبناء الروضة واضحة ومعبرة، طريقة إمساك القلم محكمة، لم يخرج أطفال الروضة عن الإطار الواجب تلوينه، كما أن اختيار الألوان كان مدروسا. وأضافت محدثنا قائلة "إن الأطفال الذين التحقوا بالروضة أكثر فعالية ومشاركة من الذين لم يلتحقوا بها، وذلك من خلال ما توفره الروضة من شروط مناسبة تمكنه من تعلم أشياء كثيرة من خلال المشاركة في النشاطات المختلفة، المنظمة والهادفة". أطفال المسجد متفوقون في المواد اللغوية وأشارت السيدة دقاش إلى أن معدل التلاميذ الذين لم يلتحقوا بالروضة في التربية الإسلامية مرتفع، والسبب يعود إلى التحاق هؤلاء الأطفال بالمساجد، حيث تأكدنا بسؤالهم عن المؤسسات التربوية التي التحقوا بها وكانت المساجد في المرتبة الأولى. وأضافت أنه من خلال تجربتها كمدرسة ترى فرقا حقيقيا ذا دلالة إحصائية، بين التحصيل الدراسي في المواد الأدائية بين الأطفال الذين التحقوا برياض الأطفال، والأطفال الذين لم تتح لهم فرصة الالتحاق بها، والجدير بالذكر أن الخبرات والسلوكيات لا يمكن تعلمها في البيت مما يؤكد أن للروضة دورا فعالا بحكم تعلم الطفل فيها نشاطات مختلفة منظمة وهادفة. ونظرا للنتائج الواضحة التي توصلت إليها جل الدراسات التي قدمها الباحثون، فإن كل المؤشرات توضح أن الالتحاق بالروضة يساهم في تنمية القدرات المختلفة للطفل مقارنة بنظيره الذي لم يدخل الروضة، وهكذا فإن قيام الروضة بدورها على أكمل وجه، يعود مما لاشك فيه بالفائدة على الطفل، وذلك لأنها تهيئه إلى الدخول المدرسي، كما أن معطيات العصر والتقدم العلمي والتكنولوجي تتطلب إعداد جيل قادر على الاستيعاب والعمل على توعيته وذلك لمواكبة التطور العلمي، وبذلك بناء مجتمع جديد، وهذا ما يتطلب نشاطا تربويا وتوجيهيا وتعليما مكثفا، لأن الأسرة لا تستطيع توفير الجو المناسب للطفل في المنزل، لذا يجب الاستعانة بمؤسسات تضمن هذا الجانب من خلال نشاطها التربوي التعليمي، وتضع الطفل كهدف رئيسي لإعداد قدراته العقلية والمعرفية. ومن خلال ما سبق يجب الحرص على توعية الآباء بتوجيه أطفالهم إلى الروضة، توفير الإمكانيات والظروف اللازمة التي تساعد الطفل على تنمية قدراتهم العقلية، وضع مناهج خاصة برياض الأطفال تستند إلى نتائج الدراسات العلمية في هذا المجال قصد تحسين النوعية التربوية، ضرورة إرسال الأطفال للمساجد لتعلم المواد اللغوية وحفظ القرآن الكريم، الذي أثبت العلم أنه يقوي الذاكرة ويجب أن يكون التعاون بين الروضة والأسرة لمساعدة الطفل على تنمية قدراته المختلفة.