الفتى الذهبي الذي يتمنى كل الجزائريين رؤيته في مونديال جنوب إفريقيا رسم موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم "بورتري" رائعا عن الدولي الجزائري مراد مغني، قائلا أن متوسط ميدان نادي لازيو روما يملك كل المواصفات التي تجعل منه صانع العاب حقيقي قادرا على قيادة سفينة "الخضر " في مونديال جنوب افريقيا بامتياز، واستدلت في ذلك بشهادة ريني جيرارد مدرب المنتخب الفرنسي آمال ورابح سعدان مدرب المنتخب الوطني من خلال هذا المقال المترجم. يبدو أن صانع ألعاب المنتخب الجزائري، مراد مغني، استطاع أخيراً التحرر من عبء طالما أثقل كاهله عندما كان في فرنسا، فالمتتبعون للشأن الكروي في هذا البلد الأوروبي كانوا يقارنونه بزين الدين زيدان ويطلقون عليه لقب "زيدان الجديد"، مما كان يؤرقه كثيراً، وبعد أن وجد السكينة التي كان يبحث عنها، ها هو اليوم يتطلع إلى لعب دور أساسي ومؤثر ضمن " محاربي الصحراء" الذين عادوا إلى الواجهة الدولية بعد غياب دام طويلاً. ومن المنتظر أن يكون مغني حاضراً ضمن التشكيلة الجزائرية في العرس الكروي العالمي القادم، ما لم يعترض سبيله طارئ صحي قد يقلب الأمور رأساً على عقب. وستكون مشاركته هذه هي الثانية من نوعها في مساره الكروي بعدما قاد المنتخب الفرنسي للشباب قبل عقد تقريباً في نهائيات كأس العالم تحت 17 سنة التي احتضنتها ترينيداد وتوباغو عام 2001. لاعب مبدع وخلاق ففي تلك النهائيات المثيرة أبهر حامل القميص رقم 10 في صفوف "منتخب الديكة" عشاق الساحرة المستديرة في كل بقاع المعمورة، عندما تمكن من قيادة جيل ذهبي إلى الظفر بالكأس الغالية، بعد أن اكتفى قبل سنة من ذلك بمركز الوصيف في نهائيات كأس أمم أوروبا، قبل أن يواصل "الديكة" مسارهم الإيجابي ليفوزوا بلقب دورة تولون الشهيرة سنة 2004. وعن هذا اللاعب الموهوب يقول مدرب المنتخب الفرنسي للشباب، ريني جيرارد: "يتمتع مراد بذكاء ثاقب في اللعب وبحسٍ ارتجالي فطري كبير، فهو قادر بفضل تقنيته العالية هذه على أداء دور صانع ألعاب داخل الميدان باقتدار وحنكة، إنه باختصار لاعب مبدع وخلاق." فخلال تلك الفترة الذهبية سطع نجم مراد مغني الذي أصبح يتمتع بشهرة واسعة في الأوساط الكروية الفرنسية. فبعد فترة تكوين دامت ثلاث سنوات بالمركز التقني الوطني كليرفونتين، طار مراد سنة 2000 صوب إيطاليا حيث التحق بصفوف نادي بولونيا للشباب. وهناك كان عليه في سن السادسة عشر أن يتعلم لغة جديدة ويتعرف على ثقافة مختلفة عن ثقافته قبل أن يدخل عالم الكبار في سن مبكرة، الا أن مغني لم يتمكن من الإنطلاق بشكل جيد في مساره الكروي الاحترافي بسبب المناخ المضطرب الذي كان يحيط به ولقب "زيدان الجديد" الذي طالما لازمه وقض مضجعه. ورغم التحاقه ب"الكالتشيو" سنة 2002، إلا أنه ظل بعيداً عن التألق والنجومية ولم يكن في مستوى تطلعات محبيه ومتتبعيه. وبعد خوضه ل37 مباراة فقط خلال ثلاث سنوات، قرر هذا اللاعب تغيير الأجواء سنة 2005 في محاولة للانطلاق من جديد، وما إن عاد إلى فرنسا وانضم إلى صفوف نادي سوشو حتى عاوده شبح "زيدان الجديد" مرة أخرى. وفي تصريح خص به موقع "الفيفا" قال مغني: "لقد عانيت كثيراً من لعنة الإصابات ومن مقارنتي الدائمة بزين الدين زيدان، وعلى الرغم من سعادتي الكبيرة لتشبيهي بلاعب رائع من قيمة زيدان، ورغم أني حاولت ألا أفكر في ذلك كثيراً، إلا أن ذلك كان يزيد من حدة الضغط والمسؤولية التي كنت أحس بها. أما الإصابات فقد آلمتني كثيراً، ولم أكن قط محظوظاً في ذلك الجانب، فحتى خلال أفضل موسم لي مع بولونيا، تعرضت للإصابة ثلاث مرات. وتطلب مني الأمر قوة كبيرة كي لا أنهار". وأضاف قائلا : "لا أستطيع التفكير في إمكانية تفويت المشاركة في كأس العالم، فأنا لم أتمكن إلى اليوم من تقديم أفضل ما عندي من أجل الجزائر، وآمل أن أتمكن من فعل ذلك في جنوب إفريقيا". ولعل تلك التجربة غير الموفقة (16 مباراة فقط) التي قضاها في صفوف سوشو كانت شراً في باطنه خير، إذ بفضلها تمكن من التخلص أخيراً من ذلك اللقب الذي ظل يلازمه طويلاً ويثبط من عزيمته. وبعد عودته إلى أحضان بولونيا والموسم الرائع الذي قضاه رفقة هذا النادي الإيطالي، أصبح مغني محط أنظار العديد من الأندية الكبيرة التي سعت إلى الاستفادة من خدماته، لكنه اختار في نهاية المطاف الالتحاق بصفوف عملاق العاصمة لازيو روما. صحيح أن مغني كان في أغلب الأوقات يؤدي دور البديل المتألق داخل هذا الفريق، إلا أنه تابع تحسين مستواه بشكل تدريجي وفي هدوءٍ تامٍ إلى أن أصبح لاعبا أساسياً وهو لم يبلغ بعد سن السادسة والعشرين. ومن المنطقي إذن بعد هذا التألق الملفت أن يعود مغني ليتذوق سعادة المشاركة مع المنتخب الجزائري في المباريات الدولية التي خاضها سنة 2009. وبعد نقاش طويل مع المدرب رابح سعدان، عبر مراد عن أمنيته في الدفاع عن ألوان بلد أبيه، فكان أن تم استدعاؤه في أوت الماضي للمشاركة في مباراة ودية بين الجزائر ومنتخب الأوروغواي (1-0)، ومنذ تلك المباراة لم يغب الفتى الذهبي عن لقاءات "الخضر"، فطريقته في مداعبة الكرة والحفاظ عليها تبهر ولفتت أنظار المتتبعين في مباراة السودان الفاصلة لحساب التصفيات المؤهلة إلى مونديال جنوب افريقيا، والتي انتهت لفائدة الجزائريين بهدف دون مقابل. وبفضل تقنيته العالية وقراراته السديدة، يستطيع هذا اللاعب الفذ أن يلعب خلف مهاجم واحد أو مهاجمين، أو في موقع متأخر في وسط الميدان حيث يتميز برؤية مذهلة في اللعب. سعدان يتمنى أن تتركه لعنة الإصابات وشأنه وفي تصريح خص به موقع "الفيفا"، قال "الشيخ" سعدان: "لقد برهن هذا الفتى عن روح عالية منذ التحاقه بأول تجمع تدريبي له رفقة المنتخب، ومكنته تلك الروح من الاندماج بسهولة في المجموعة، وأدركنا سريعاً أن ميزات هذا اللاعب التقنية والتكتيكية الهائلة ستساعدنا كثيراً، لسوء الحظ، لم يتمكن إلى حد الآن من إظهار مستواه الحقيقي بسبب لعنة الإصابات التي تلاحقه، وآمل أن تتركه هذه اللعنة وشأنه حتى يتسنى له المشاركة في المونديال الإفريقي هذا العام". لم أتمكن من تقديم أفضل ما عندي من أجل الجزائر وهاهو مغني اليوم يصارع من أجل العودة إلى مستواه الموعود في أقرب وقت ممكن، بعد أن عانى منذ بضعة أسابيع من التهاب في رباط ركبته اليسرى، وقد أكد لنا من مركز الترويض الطبي حيث يتلقى العلاج: "ركبتي في حال أفضل الآن وهي تتحسن بشكل مستمر، لكني لم أشف تماماً بعد، ولا فكرة لدي عن الموعد الذي سأستأنف فيه التدريبات؛ بعد ثلاثة أو أربعة أسابيع على الأقل... ذلك أصبح أمراً صعباً بالنسبة لي وأنا أعمل جاهداً كي أستعيد قدراتي بشكل كامل. لا أستطيع التفكير في إمكانية تفويت المشاركة في كأس العالم، فأنا لم أتمكن إلى اليوم من تقديم أفضل ما عندي من أجل الجزائر، وآمل أن أتمكن من فعل ذلك في جنوب إفريقيا." ولن يكون مغني هو الوحيد الذي يأمل في حضور المونديال، حيث أن كل الجزائريين يأملون ذلك أيضاً ويتطلعون إلى قيادة مراد منتخب "الأفناك" هذا الصيف.