صدر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت مؤخراً كتاب بعنوان ''دراسات في التراث الثقافي لمدينة القدس''، وذلك ضمن مشاركة المركز في فعاليات الحملة الأهلية لاحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية .2009 ويقع الكتاب الذي استغرق إعداده نحو عام من الجهد المتواصل، في 637 صفحة، وهو كتاب موسوعي، يقدّم منظومة متكاملة من الأبحاث والدراسات التي يمكن أن تشكّل مرجعاً مهماً لكافة الباحثين والمهتمين بالقدس وتراثها. أعد الكتاب الدكتور محسن صالح، بمشاركة نخبة متميزة من أبرز الأساتذة والخبراء المتخصصين والمهتمين بالتراث الثقافي للقدس، ممن قدّموا أبحاثاً تراثية وتاريخية ومعمارية وشرعية وتعليمية وقانونية، تثري الجوانب العلمية المختلفة المتعلقة بالمدينة. ووفق صحيفة ''الوطن'' القطرية يسلّط الكتاب الضوء على مدينة القدس بهويتها المعمارية، وأوقافها وممتلكاتها الإسلامية والمسيحية، ومكتباتها ومؤسساتها التعليمية، والدور الحضاري لعدد من أبرز علمائها، وموقعها في الموسوعات العالمية، ويدرس دور العثمانيين في الحفاظ على التراث الثقافي للمدينة، وموقف المعاهدات والقرارات الدولية من هذا التراث. كما يوضّح الكتاب ما تتعرّض له المدينة تحت الاحتلال الإسرائيلي من معاناة ومن إجراءات تهويد، ويعرض أيضا الأدوار المأمولة لحماية التراث الثقافي للقدس من العالمين العربي والإسلامي، ومن العلماء والأكاديميين ومن مؤسسات المجتمع المدني. ويشير الكتاب إلى إدراك الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لأهمية طمس المعالم الثقافية للسكان العرب، وتغيير هوية الأرض، والعبث بشخصية المدن والقرى الفلسطينية وتزييفها لصالح تراث آخر، في استكمال حلقات مشروعها التهويدي لاستبدال روح المكان وأصالته لصالح هوية أخرى، موضحاً أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اقترفت العديد من الجرائم في حق الممتلكات الثقافية والتاريخية والدينية للقدس، مخترقة بذلك الحماية الخاصة المكرسة لهذه الأماكن بموجب الأحكام والاتفاقات الدولية، في اعتداءات تعدّ بمثابة جرائم حرب. ويذكر الكتاب أنّ إجراءات الاحتلال إزاء القدس، بما فيها عمليات التدمير التي تتعرض لها المعالم العربية والإسلامية، ومحاولات الطمس والتهويد للأسماء العربية المقدسية، وانتهاج سياسة مبرمجة إزاء المسجد الأقصى، والقيام بحفريات مغرضة في القدس، إنما تهدف لتشويه هوية المدينة وتشكيل تاريخ يهودي لها. ولكن شهادات عديد من العلماء الإسرائيليين أنفسهم تثبت سقوط المزاعم الإسرائيلية، فضلاً عن إثبات حقائق الوجود العربي الإسلامي العريق للقدس وصمودها الذي يتحدى التهويد، بانتظار تحريرها من الأسر.