شدّد المختصون ومهنيو قطاع العمل والضمان الاجتماعي أمس على ضرورة تحقيق تعاون مشترك بين القائمين على المؤسسات المستخدمة والموارد البشرية العاملة فيها، بما يضمن لهذه الأخيرة حقها من الحماية والوقاية والتأمين من المخاطر وحوادث العمل لاسيما في القطاعات الكبرى الحساسة. ودعا المختصون خلال المائدة المستديرة التي نظمها منتدى ''المجاهد'' حول موضوع ''الصحة في الوسط المهني''، بحضور عدة معنيين وممثلين عن عدة هيئات مركزية وتأمينية الى الرقي بالوقاية من الأخطار المهنية في المؤسسات وأماكن العمل الأخرى الى مستوى التشريعات والنصوص القانونية الكثيرة المحددة لشروط الوقاية، قصد حماية العنصر البشري الذي يعد رأسمال مهم في الاستراتيجية الإنتاجية للمؤسسة. وفي هذا الإطار، أشارت السيدة كيّاس سعيدة مفتشة مركزية بوزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الى أهمية توطيد العلاقة بين مختلف وسائل الإنتاج والقوة البشرية للحفاظ على اليد العاملة وحمايتها من المخاطر المحتملة في أوساط العمل، مؤكدة أن الوصول الى هذا المبتغى مرهون بتحقيق التكامل بين هذين العنصرين المهمين على مستوى الجهات المستخدمة. وبعد تذكيرها بمختلف النصوص التشريعية المحددة لجوانب الوقاية من المخاطر المهنية والمتعلقة بشق طب العمل، أوضحت المتحدثة أن تحقيق هذا المبتغى يبقى بعيدا نوعا ما مقارنة بالكم التشريعي الذي تحوزه المنظومة التشريعية الجزائرية منذ سنة 1983 على ضوء المرسوم رقم 91-05 المؤرخ في 19 جانفي 1991 المحدد للوقاية من الأخطار في أوساط العمل وأخطار الحرائق والانفجارات وكذا القانون رقم 88-05 لسنة 1993 والمحدد لشروط تطبيق الاجراءات المتعلقة بطب العمل والاستفادة من التعويضات العلاجية. ومن جهتها، أكدت ايلاس مرّاد فريدة المديرة العامة للمعهد الوطني للوقاية من الأخطار المهنية أن الحفاظ على صحة وسلامة الموارد البشرية داخل المؤسسة يعد رهانا كبيرا لطالما ظل الشغل الشاغل للحكومة منذ السنوات الأولى للاستقلال، مشيرة الى الجانب القانوني الهام الذي وضع في هذا المجال الى جانب هيئات ومصالح الرقابة التابعة لوزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي بهدف توفير الأمن اللازم للعمال من المخاطر المهنية لاسيما الحرائق التي تبقى الى حد الساعة غير متكفل بها بالشكل المطلوب. واستعرضت المسؤولة مهام المعهد المتمثلة بالأساس في إجبار المؤسسات العمومية والخاصة على تطبيق إجراءات الوقاية من الأخطار المهنية تجاه العمال والموظفين وتنسيق الجهود مع كافة الشركاء المعنيين كمفتشيات العمل، صناديق الضمان الاجتماعي، ومصالح طب العمل للتكفل الأمثل بالحوادث المهنية والتحسيس بشأنها. ومن جانبه، تطرق السيد حمادي عبد القادر مدير المراقبة الطبية بالصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية لغير الأجراء ''كاسنوس'' الى الجوانب التشريعية التي تحكم مهام الصندوق في التأمين على المخاطر، داعيا الى بذل المزيد من الجهود الجماعية لتدارك النقائص المطروحة في مجال التأمين من المخاطر المهنية. وبخصوص سؤال حول تشغيل الأطفال بالجزائر دون السن القانونية (16 سنة)، رد ممثلو وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي أن هناك لجنة وزارية تعمل في الميدان تحت رئاسة الأمانة العامة للوزارة تسهر على تفقد أماكن العمل ومراقبة حالات تشغيل الأطفال دون السن القانونية، لاسيما في الأماكن التي توصف بالخطرة كالوحدات الصناعية للاسمنت والمحاجر وهذا تطبيقا للتشريعات الداعية لحماية الأطفال من كافة أشكال الاستغلال.