تمتاز أيام الصيف بنهارها الطويل وحرارتها العالية، بالمقارنة مع أيام بقية الفصول، أما لياليه فهي قصيرة تمر كلمح البصر، ما يعني نقص ساعات النوم، والتثاؤب عشرات المرات في العمل.. هي شكوى تتردد كثيرا على الألسن مع إطلالة الصيف، حيث يبدأ امتعاض الإنسان وتذمره من الحر وطول النهار، فمع ارتفاع درجات الحرارة تتأثر حيوية ونشاط الجسم كثيرا، فيشعر الكثيرون منا بالضيق والخمول والكسل وحتى القلق، ما ينعكس سلبا على أدائنا في العمل وحياتنا عموما. الاستغناء عن المكيف يصبح من المستحيلات، العروق المنتفخة في الأيدي والأرجل، الحاجة لشرب الكثير من الماء والشعور بالجفاف والضيق ما لم يتسن ذلك، الشعور بالخمول والثقل كل الوقت، الملابس تصبح لا تطاق، تأثير الشمس الحارقة واستحالة المشي تحتها بدون التعرق بشدة، وكذا عدم القدرة على الذهاب للنوم دون حمام المساء.. هذا هو معنى الصيف تقريبا في قاموس الكثيرين.. و''لا'' كانت هي إجابة السواد الأعظم ممن طرحنا عليهم السؤال هل تشعرون بالنشاط في الصيف؟ ما يوحي بأن الصيف يرتبط بالتعب. معاناة إلى الخريف السيدة ''حسيبة.ف'' موظفة تقول ''شخصيا أكره الصيف، فهو فصل يبعث على الكسل والخمول والشعور المستمر بالتعب والإرهاق.. بمجرد أن ترتفع درجات الحرارة أشعر بترهل كامل في العضلات، إلى درجة أني لا أقوى على فتح عيناي بسبب تأثير الحرارة والرطوبة، وما يسببه ذلك من إزعاج جراء التعرق المستمر.. وهذا ما يدفعني للخروج نحو العمل في الصباح الباكر تفاديا لأشعة الشمس الحارقة ويفرض على القيلولة التي لست متعودة عليها. هذا الحال يشعرني بالنفور من الذات وبالخمول الذي تزيد درجاته عند الزوال، حيث تتوقف مشاغل الحياة بالنسبة لي، كوني ألغي كل المشاوير والبرامج المخطط لها.. وحينما أضطر للتبضع رغما عني في بعض الأحيان لاقتناء هدايا المناسبات السعيدة، يطاردني الشعور بالثقل بسبب كثرة شرب الماء، إضافة إلى الإصابة بالدوار والغثيان.. وتظل هذه الحالات ملازمة لي إلى حين أن تهب أولى نسمات الخريف الأولى التي تعيد إلي الحيوية المفتقدة. حالة نفسية وبرأي السيد ''رشيد. ل'' فإن هناك نوعين من الناس، الأول يتعلق بالأشخاص الذين يتميزون بالخمول على مدار السنة، حيث يرغبون في الحصول على العطلة في كل فصل بسبب الكسل.. أما النوع الثاني، فيشعرون بالخمول في هذا الفصل بالتحديد، وهو ما تفرضه طبيعة بعض المهن التي لا تسمح للعامل إلا بعطلة واحدة في السنة، ويعترف ''أنا شخصيا أنتظر العطلة الصيفية بفارغ الصبر، فبمجرد أن يحل هذا الفصل الحار ينتابني الشعور بالخمول تحت تأثير تعب 11 شهرا، خاصة وأن الأجواء في الوسط المهني تضبط الحالة النفسية على موعد العطلة في هذه الآونة بسبب كثرة الحديث في وسط الزملاء عن الإجازة وأماكن الاصطياف والتنزه، وهي كلها أمور ترغّب في العطلة والركون إلى الراحة.
لا أقوى حتى على الأكل ''لا أحب هذا الفصل''.. هكذا تقول الآنسة سعيدة، شابة مثقفة، ترى أن العمل والصيف لا يلتقيان، لأن مميزات هذا الفصل تجعله مرادفا للراحة والاستجمام، وتضيف ''مع كل صيف يبدأ مسلسل الخمول الذي يمنعني من بذل المجهود بنفس الدرجة التي أبذلها في فصل الشتاء، إلى حد أني لا أقوى حتى على الأكل في بعض الأحيان جراء الرطوبة التي لا تطاق بتأثيرها على الجسم''. ''أكره الطبخ في الصيف'' ويطارد الخمول السيدة زينة، وهي أم لطفلين، أيضا والتي قررت أن تقتني مكيفا هوائيا لمقاومة أعراض التعب والإرهاق في هذا الفصل، كونهما يؤثران على نشاطها في العمل والمنزل على حد سواء.. ويضاف إلى ذلك - كما تقول - الشعور بالاختناق في وسائل النقل والانزعاج من حرارة المطبخ، ما يدفعها لاختصار معاناتها في المطبخ بإعداد وجبات خفيفة. ويبقى السؤال المطروح هل الخمول في الصيف عرض أم مرض؟ يرى خبراء الصحة في هذا الصدد أن عدة أشخاص، وبخاصة البدينون، يعانون من الشعور بالكسل والخمول في فصل الصيف، وقد يرجع ذلك إلى عجز الجسم عن التخلص من الحرارة الفائضة بسبب عدم قدرته على إفراز العرق، ما يؤدي إلى ارتخاء العضلات، وفقدان الجسم لقدر كبير من السوائل والأملاح، وبالتالي حدوث تشنج في العضلات، وخصوصاً أثناء المشي، حيث تحدث تقلصات في العضلات بعد ساعات عدة من القيام بجهد عضلي تحت ظروف جوية حارة والبدينون أكثر عرضة لهذه الأعراض، وذلك أن تراكم الدهون تحت الجلد يحول دون تسرب حرارة الجسم إلى الجو الخارجي، مما قد يسبب الشعور بالضيق والاختناق عندهم، لذا عليهم أن يحذروا من الإفراط بالجهد العضلي في الجو الحار والرطب، وأن يعوضوا ما فقدوه من سوائل وأملاح. الماء والغذاء والاسترخاء لتجديد النشاط للتغلب على الشعور بالخمول يؤكد خبراء التغذية أن تناول العدس والفاصوليا البيضاء خلال فصل الصيف من أفضل الأغذية للقضاء على حالات الشعور بالخمول والكسل والوهن والإحباط، لأنها تحتوي على نسبة من بروتين نباتي خفيف على المعدة والكلى وسهلة الهضم، ويجب أيضا تناول بعض الخضروات الورقية الداكنة مثل الخس أو أوراق اللفت لترفع حيوية ونشاط الجسم، لأنها غنية بعنصر الماغنسيوم الذي يساعد في تحسين قدرة الجسم. وهناك عموما عدة طرق لمقاومة حر الصيف منها: النوم، حيث لا يهم عدد الساعات وإنما المهم هو النوم العميق، لذا لا تذهبوا إلى النوم إلا بعد ساعتين على الأقل من تناول الوجبات الدسمة، واحرصوا على النوم على سرير مريح وباسترخاء تام. تعد وجبة الإفطار من أهم الوجبات التي تمد الجسم بالطاقة طوال اليوم ومن المفضل أن تحتوي هذه الوجبة على كميات كبيرة من المواد الكربوهيدارتية كالخبز والمربى. ويمد الماء الجسم بالطاقة، ويجعل الشخص يشعر بالانتعاش. لذا يجب تناول لترين على الأقل في اليوم الواحد، فقلة شرب الماء تسبب الجفاف وتقلل من مقدرة القلب على ضخ الدم في الجسم، ويمكن لحمام يومي أن يحقق الاسترخاء والانتعاش ويقلل من الشعور بحرارة الجو، وإذا كنتم تأخذون حماما بماء دافئ يفضل رش الجسم بالماء البارد قبل مغادرة الحمام. وللعلم فإن المقولة القديمة بأن النشاط يولد الحيوية صحيحة مائة بالمائة، فيكفي ممارسة إحدى الرياضات البسيطة كالمشي أو ركوب الدراجات لمدة 10 دقائق فقط حتى يرتفع مستوى طاقة ونشاط الجسم لمدة ساعتين على الأقل. كما يمكن التخلص من عناء ومتاعب العمل بالبحث عن طريقة للاسترخاء كممارسة اليوغا مثلا، واحرصوا دائما على تلبية نداء الجسد عند الإحساس بالتعب. اختاروا الطعام الذي لا يحتوي على كميات كبيرة من الدهون كونها تضعف من قدرة الجسم على توزيع الأوكسجين لذا من الأفضل التقليل من الدهون والإكثار من الأطعمة التي تحتوي على فيتامين ''ب'' و''أ'' لأنها تقلل من الإحساس بالتعب، وتوجد هذه الفيتمينات في السمك واللحم والألبان، ويفضل تناول وجبات خفيفة على فترات متقاربة فهذا يحفظ طاقة الجسم طوال اليوم. وإذا كان العمل يتطلب الجلوس لفترات طويلة فيجب الحرص من وقت لآخر على تغيير وضعية الجلوس كالوقوف أو السير في المكتب لدقائق فبقاء الجسم على وضع واحد لفترات طويلة يؤدي إلى الشعور بالتعب سريعا.