كل ما نخشاه بعد رحيل رابح سعدان هو أن يتفكك المنتخب الوطني ويفقد من روحه التضامنية التي صنعت قوته وحقق بها نتائجه الإيجابية وحسن بفضلها صورته على المستوى الدولي في ظرف قصير جدا، ذلك أن استمرار التشكيلة الوطنية في أي بلد لم يكن أبدا مرتبطا ببقاء أو ذهاب مدربها بقدر ما هو مرتبط بالحفاظ على تنظيمها وتسييرها وهما عاملان جعل منهما سعدان ركيزة العمل التي سار عليها منذ عودته إلى العارضة الفنية للخضر، ويجب الاعتراف هنا بالدور الإيجابي الذي لعبه الناخب الوطني السابق في تعلق اللاعبين الدوليين المحترفين بالألوان الوطنية والدفاع عنها بكل بسالة ودفع بهم الأمر إلى استلهام قوتهم من تاريخ الحركة الوطنية أيام الحقبة الاستعمارية، مثلما اطلعوا عليه أثناء تربص ''كوفرتشينو'' بإيطاليا الذي سبق مواجهتي القاهرة وأم درمان وحين شاهدوا فيلم ''معركة الجزائر'' في كأس العالم قبل مواجهة منتخب انجلترا بكفاءة وجدارة، وهذا ما يدل على أن دور المدرب الوطني لا ينحصر فقط في الجانب الفني. البعض ممن لهم ذاكرة قصيرة نسوا أن رابح سعدان انطلق مع الفريق الوطني من نقطة الصفر وكنا نتمنى الوصول فقط إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا، لكن سعدان تعدى ذلك وذهب بالجميع إلى المونديال الذي كان مجرد حلم بعيد المنال بعد غياب دام 24 سنة ولم يشفع ذلك لسعدان الذي كان ينتظر الشكر والعرفان من هذه الأطراف التي أعابت عليه النتائج الضعيفة المسجلة من طرف الخضر في هذه الدورة العالمية رغم أننا لم نكن مستعدين لها بالكيفية اللازمة باعتراف تقنيين عالميين، واتهمته بالكراهية للاعبين المحليين، حيث ضغطت عليه لاستدعاء عناصر من البطولة الوطنية أثبتت فشلها تقنيا ونفسيا بعد مشاركة قصيرة مع المنتخب الوطني في كأس أمم إفريقيا وكأس العالم واتضح أن سعدان لبى رغبات هذه الأطراف من أجل الكشف عن نواياهم السيئة الرامية إلى النيل من قيمته كتقني متميز أثبت كفاءته العالية في مهنة التدريب. ولحسن الحظ أن هناك من يعي جيدا الدور الكبير الذي قام به سعدان في إعادة الروح إلى الفريق الوطني الذي بعثه من العدم وجعله في فترة زمنية قصيرة في مصف التشكيلات الإفريقية الممتازة في القارة السمراء ومثل هذه الأخيرة في أكبر عرس كروي عالمي. فلنتوقف عن نكران الجميل وإعطاء كل ذي حق حقه.