ستعيش مدينة وهران في الشمال الغربي للعاصمة الجزائرية، على وقع تظاهرة هي الأولى من نوعها، حسب ما أكّدته أمينة دربال المنسقة الإعلامية للتظاهرة، وسيكون المسرح الجهوي بوهران ''عبد القادر علولة'' في 28 و29 أكتوبر الجاري فضاء لحفل فنيّ ضخم إحياء لذكرى وفاة الفنان الراحل ابن المنطقة أحمد وهبي. وسيتمّ تكريم عائلة الفنان بحضور أسماء فنية جزائرية معروفة، وأخرى من خارج البلاد، عربية وعالمية ستشارك في الحفل، إلى جانب ما يزيد عن مائتي فنان سيحضرون هذا الحفل الذي يقام لأول مرة في الجزائر قصد تكريم فنان جزائري، وتتولّى إنتاج هذا الحفل شركة ''صالح رحوي'' للإنتاج الفني وذلك تحت رعاية مديرية الثقافة لولاية وهران، والديوان الوطني للثقافة والإعلام. ومن المنتظر أن ترعى السيدة خليدة تومي وزيرة الثقافة، فعاليات هذا الحفل الذي يأتي في إطار تكريم أحد أعمدة الفن الجزائري الأصيل. وأكّدت دربال أنّه سيتمّ خلال الحفل الفني الكبير تقديم الألبوم الجديد للفنان الجزائري المغترب نديم، والذي أعاد فيه أبرز وأجمل أغاني الفنان الراحل أحمد وهبي تحت عنوان ''يا وعدي''، ويحمل الألبوم أشهر الأغاني الذي أثرى بها الفنان الراحل المكتبة الموسيقية الجزائرية والعربية، خاصة في الطابع الوهراني الأصيل. كما سيشارك في الحفل عدد كبير من الفنانين الذي واكبوا مسيرة الفنان الراحل الفنية، فضلاً عن الجوق الذي سيحيي الحفل تحت إشراف الفنان باي بكاي، صحبة مجموعته الموسيقية التي تتكون من 20 عنصراً وبمشاركة كل من هوراي بن شنات، سعاد بوعلي، صورية كنان، الهواري الولهاصي، الشاب أنور، كما سيشارك ابن الراحل الفنان عبد الله دريش، في الحفل بتقديم بعض إنتاجاته الفنية ذات الطابع الوهراني الأصيل. وأضافت أمينة دربال أنّ الحفل الفني الكبير سينطلق من وهران لينتقل بعدها إلى العاصمة الجزائرية، ومن ثمّ مرة أخرى إلى شرق البلاد ليتم اختتامه بالعاصمة الفرنسية حيث أكمل الفنان الراحل مشواره الفني، وقدّم عدّة أغان نالت رواجاً كبيراً. وسيتم بهذه المناسبة وفقاً للمصدر نفسه، تكريم نجوم مسلسل ''ذاكرة الجسد'' بمبادرة من ''صالح رحوي للإنتاج الفني''، المشرفة على الحفل، ومن بين الفنانين السوريين الذين أكّدوا حضورهم للتكريم زينة حلاق، ميادة درويش، آلاء عفاش، وذلك في انتظار تأكيد مشاركات فنانين آخرين مثل النجم جمال سليمان بسبب ارتباطاتهم بأعمال فنية، وآمال بوشوشة الذي ينتظر ان تكون ضمن المكرمين. وقال المنظّمون أنّ شاشة عملاقة سيتمّ نصبها في ساحة أول نوفمبر المعروفة باسم ''بلاس درام'' بوهران، لتمكين الجمهور من مشاهدة الحفل الفني الذي سيدوم يومين، حيث يخصّص اليوم الأوّل لتكريم عائلة الفنان الراحل أحمد وهبي، أمّا اليوم الثاني فهو خاص بذكرى وفاته. ولد الفنان أحمد وهبي يوم 18 نوفمبر 1921 بمرسيليا، من أب جزائري وأم فرنسية ذات أصول ايطالية، وفقد وهبي أمّه وهو ابن أربعة أشهر، ونشأ وتربى هو وأخته الكبرى في بيت جده في ''المدينة الجديدة'' بمدينة وهران، وكان والده مغنياً ضمن مجموعة ''أصحاب البارود". وكانت بدايات اهتمام احمد وهبي بالموسيقى ضمن صفوف ''الكشافة الإسلامية الجزائرية'' فرع ''النجاح'' الذي أسّس بوهران في ,1937 والتي كان عضواً فيها مع الفنانين حمو بوتليليس وقاده مازوني وعرف عنه إعجابه الكبير وحبّه تقليد الفنان محمد عبد الوهاب آنذاك، ودليل ذلك انه اختار اسم ''وهبي'' اسماً فنياً نسبة إلى ''عبد الوهاب'' بدل دريش لقبه الأصلي، وفي 1942 شارك في الغناء مع الفرقة التي كان يقودها الفنان بلاوي الهواري بأغنية ''ناداني قلبي'' للموسيقار محمد عبد الوهاب. وبدأ يخطّ طريقه مع الغناء رفقة عبد القادر الخالدي، الذي التقاه في نهاية الأربعينيات وأصبح كاتب كلماته الأوّل، وقضى أحمد وهبي فترة عشر سنوات مغتربا في فرنسا، وفي 1950 سجّل أسطوانته الأولى التي غنى فيها أغنية ''وهران، وهران'' التي خلّدت اسمه وشهرته، هذه الأغنية التي يقصّ فيها تجربة والده مع الغربة. في هذه الفترة لحّن أحمد وهبي أجمل أعماله على الإطلاق مثل ''علاش تلوموني''، ''يا طويل الرقبة''، ''الغزال''، وبدأ اسم أحمد وهبي يتكرّس كعميد للأغنية الغربية (غرب الجزائر) التي تميّزت بغناء نصوص شعراء الملحون بألحان تمزج بجمل من الموسيقى الشرقية، وانتقل بعدها إلى تونس والتحق بفرقة جبهة التحرير الوطني التي كانت تقدّم الأغاني الثورية والتراثية الجزائرية قصد تعريف العالم وتحسيسه بالقضية الجزائرية. بعد الاستقلال، استقر أحمد وهبي بمدينة وهران حيث كان يدرّس الموسيقى ويقود فرقة الإذاعة بوهران مع الفنان بلاوي الهواري، ولم يبرح وهران إلاّ مرتين الأولى 1965-1967 قاصداً فرنسا والثانية بين 1969 - 1971 قاصداً المغرب، وواصل وهبي مسيرته في التأليف والغناء إلى أن أصيب بمرض عضال ألزمه الفراش ووافته المنية في 29 أكتوبر سنة 1993 ودُفن بمقبرة سيدي يحيى ببئر مراد رايس بالجزائر العاصمة-.