وقعت الجزائروتونس في ختام الدورة ال18 للجنة المشتركة الكبرى للتعاون الثنائي، التي انعقدت أمس بالجزائر 12 وثيقة تشمل برامج تنفيذية واتفاقيات وبروتوكول تعاون ومذكرة تفاهم واتفاقيتي توأمة. وشملت الوثائق الموقعة بين البلدين في الجلسة الختامية لأشغال الدورة التي ترأسها الوزير الأول السيد أحمد أويحيى مناصفة مع نظيره التونسي السيد محمد الغنوشي، خمس (5) اتفاقيات تعاون تخص إحداها قطاع الفلاحة والتنمية الريفية وأخرى بين المؤسسة الوطنية للتلفزيون الجزائرية والتلفزة التونسية واتفاق إطار للتعاون بين الإذاعتين الوطنيتين الجزائريةوالتونسية، فيما تشمل الاتفاقيتان الأخيرتان التوأمة بين المعهد الوطني للوقاية من الأخطار المهنية بالجزائر ومعهد الصحة والسلامة المهنية لتونس وكذا توأمة المعهد الوطني للعمل بالجزائر والمعهد الوطني للشغل والدراسات الاجتماعية بتونس. كما وقع البلدان خمسة (5) برامج تنفيذية، تخص مجالات حماية البيئة لسنتي (2011- 2012) والسياحة لسنوات (2011-2012 -2013) والتكوين المهني لسنتي (2011 و2012) والثقافة لسنتي (2011 و2012) والتربية لسنوات (2011-2012-2013). وتضمنت الوثائق الموقعة بينهما أيضا مذكرة تفاهم في مجال البحث العلمي الزراعي وبروتوكول تعاون يخص الاستثمار بين الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار بالجزائر والوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الخارجي. وقد اعتبر الوزير الأول السيد أحمد أويحيى في كلمته الافتتاحية لأشغال الدورة أن هذه الأخيرة تترجم الإرادة السياسية والرغبة الصادقة التي تحذو قائدي البلدين وحرصهما الدائم على تعزيز عرى التواصل والترابط بين الشعبين لتحقيق تطلعاتهما إلى المزيد من التعاون الذي يفرضه الجوار. وجدد بالمناسبة تطلع كل من الجزائروتونس إلى تدشين مرحلة جديدة من العمل المشترك وبناء علاقات ثنائية متوازنة ومتكافئة في إطار شراكة استراتيجية شاملة تمس كل المجالات، مشيرا إلى أن تجسيد ذلك يتم من خلال الاعتماد على قدرات البلدين والاستغلال الأمثل لإمكانياتهما المادية والبشرية. ودعا في هذا الإطار المتعاملين الاقتصاديين ورجال الأعمال في كلا البلدين إلى المساهمة بشكل جاد وفعال في المشاريع التنموية الكبرى التي شرع فيها البلدان، معتبرا بأن الإطار الذي يجمع تونسوالجزائر كفيل بتحقيق نقلة نوعية في العلاقات الثنائية. وفي الوقت الذي وصف فيه السيد أويحيى العلاقات الجزائرية-التونسية بالنموذج في احترام المتبادل والتعاون المثمر على مستوى المنطقة، اكد بأن البلدين مطالبان اليوم باتخاذ خطوات جريئة لإرساء علاقات تعاون قوية والمضي قدما نحو المزيد من التكامل والاندماج والشراكة الاستراتيجية. وبالمناسبة أشاد الوزير الأول بالخطوات المعتبرة التي تم إحرازها في بعض قطاعات التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والإنساني رغم تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، مسجلا بارتياح دخول الاتفاق التجاري التفاضلي الموقع بين البلدين حيز التنفيذ، ودعا في سياق متصل خبراء البلدين إلى الإسراع في استكمال مراجعة القوائم التفصيلية الملحقة بالاتفاق، لا سيما تلك المتعلقة بإثبات المنشأ. كما عبر السيد اويحيى عن تطلع الجزائر إلى استكمال نقطة الربط المشتركة للطريق السيار شرق-غرب وإعادة بعث شبكة السكة الحديدية بين البلدين تعزيزا للتكامل في جميع المجالات، مجددا استعداد الجزائر لتعزيز التعاون بين البلدين في مجال البحث العلمي وتبادل التجارب بين خبراء البلدين والارتقاء بقطاعات الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة نحو الأفضل. وبخصوص الاتفاقية المشتركة للاستيطان الموقعة بين البلدين عبر السيد أويحيى عن أمله في استكمال هذا الملف الذي يكتسي أهمية من حيث البعد البشري في العلاقات التاريخية بين البلدين. كما تطرق بعد ذلك إلى القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين بداية من اتحاد المغرب العربي الذي دعا بشأنه إلى بلورة مواقف تجعله شريكا إقليميا فاعلا ومخاطبا لباقي التجمعات الإقليمية المماثلة وتحديدا مع الاتحاد الأوروبي وتجاه مستقبل العلاقات بين ضفتي المتوسط، معتبرا بالمناسبة التعاون الجزائريالتونسي، ''رافدا أساسيا لبناء الصرح المغاربي مع الدول المعنية على أساس احترام الشرعية التي تضمن الاستقرار وأبعاد التكامل الفعلي بين قدرات جميع البلدان المغاربية. أما بخصوص الوضع في فلسطين، فقد جدد السيد أويحيى رفضه للانتهاكات المتواصلة التي تمارسها إسرائيل على الشعب الفلسطيني وكل المحاولات والممارسات الهادفة إلى تهويد القدس وتغيير طابعها الحضاري العربي الاسلامي، ليخلص في سياق متصل إلى أنه ''يعود على الجزائروتونس أن تعززا تشاورهما وتظافر جهودهما مع باقي الأشقاء حول كل ما يتعلق بالتعاون في الفضاء المتوسطي وحول كل ما من شأنه أن يفضي إلى المزيد من بناء وحدة القارة الإفريقية وتعزيز مسارها التنموي وضمان استقرار وسلامة دولها وشعوبها. من جهته اعتبر الوزير الأول التونسي السيد محمد الغنوشي التئام اللجنة المشتركة العليا للتعاون الجزائري-التونسي تجسيدا لعزم البلدين على توطيد العلاقات الثنائية ومناسبة لاستعراض شامل ومعمق لمسيرة التعاون بينهما، وكذا فرصة لاستشراف آفاق هذا التعاون وبلورة أنجع الصيغ والآليات لإعطائه الدفع المنشود وإثراء مضامينه وتنويع مجالاته في نطاق شراكة فاعلة ودائمة تستجيب لمتطلبات الحاضر والمستقبل. وسجل المسؤول التونسي بارتياح الحركية التي تعرفها المبادلات التجارية، بالرغم من بقاء نتائجها دون مستوى الإمكانيات المتاحة في البلدين، ما يستدعي حسبه ضرورة استكشاف السبل الملائمة لتحقيق انسياب أفضل للسلع في الاتجاهين وزيادة تنويع قاعدة هذه المبادلات والرفع من حجمها. كما شدد بالمناسبة على أهمية تنفيذ المشاريع المشتركة التي تم الاتفاق عليها، لا سيما في مجالات الصناعة والطاقة، وعبر عن ارتياحه لقرار الحكومة الجزائرية استكمال عملية الاكتتاب في رأس مال المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية، معربا عن أمله في أن تتوصل دول المنطقة إلى تجسيد المصرف في اقرب الآجال بما يساعد على تحقيق الاندماج الاقتصادي المغاربي المنشود. ويجدر التذكير بأن الوزير الأول التونسي السيد محمد الغنوشي الذي حل صباح أمس بالجزائر في إطار زيارة عمل ترأس خلالها رفقة السيد أحمد أويحيى أشغال الدورة ال18 للجنة التعاون المختلطة الكبرى الجزائرية-التونسية، وصف لدى وصوله إلى مطار الجزائر العلاقات الجزائريةالتونسية بالجيدة في المجالات السياسية والاقتصادية، مؤكدا بأن كل الظروف متوفرة لدعمها أكثر بما ينفع الشعبين الجزائريوالتونسي وخاصة بفضل الدفع الكبير للرئيسين بوتفليقة وبن علي ورعايتهما لهذه العلاقات. وأبرز المسؤول التونسي في هذا السياق تطور المبادلات التجارية بين البلدين وتزايد الاستثمارات المشتركة، إضافة إلى حركة تنقل المواطنين، مؤكدا بأن ما يربط الجزائروتونس ''يجعلنا متفائلين في قدارتنا وان نخطو خطوة جيدة من خلال نتائج هذه الدورة المشتركة من اجل منفعة البلدين''. للإشارة فإن حجم المبادلات التجارية بين تونسوالجزائر بلغ خلال العشرة أشهر الأخيرة 600 مليون دولار، مسجلا زيادة تقدر ب6,5 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية.