تتواصل ردود الأفعال الوطنية المنددة بأعمال العنف التي صاحبت الاحتجاجات التي شهدتها العديد من مدن الوطن، حيث تم استهداف الممتلكات العمومية والخاصة. وأجمعت التشكيلات الوطنية على أن أعمال الشغب لن تحل المشاكل، داعية في السياق السلطات العمومية لاتخاذ إجراءات مستعجلة لتطويق دائرة هذه الاحتجاجات. فقد تأسفت حركة مجتمع السلم في بيان أصدرته امس لما حدث من تخريب لممتلكات عمومية وخاصة وحذرت من ''الانزلاق''، داعية الجميع الى ''عدم الانجرار في مسار الاستغلال السياسي من بعض الاطراف التي تعودت على الاستثمار في الأزمات''. ودعت الى ''الهدوء وضبط النفس واللجوء الى الحوار الاجتماعي الواسع كوسيلة لحل المشكلات المختلفة''. كما دعت الحركة الحكومة والشركاء الاجتماعيين وجمعيات حماية المستهلك الى العمل على ''تخفيف حدة التوتر الاجتماعي'' باتخاذ اجراءات عاجلة يتحقق بها مبدأ ''تسقيف أسعار'' المواد ذات الاستهلاك الواسع. وأكدت الحركة في بيانها أنها ''تظل متمسكة بدعوتها لحل النزاعات الاجتماعية بالحوار والطرق السلمية ونبذ العنف تحت أي مبرر وبدعوتها الى ''الذهاب الى معالجة سياسية شاملة للأوضاع الاجتماعية بالتخلي نهائيا عن الممارسات الاحتكارية في ظل المسارالتنموي الذي سلكته الدولة الجزائرية منذ عشرية كاملة والذي حقق نجاحات معتبرة في كسب رهان البنية التحتية بانتظار انعكاساتها الايجابية على أوضاع المواطنين ومستوياتهم المعيشية''. اما اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الانسان فقد اكدت في بيان لها اصدرته امس ان اعمال العنف المسجلة خلال الحركة الاحتجاجية التي شهدتها العديد من مدن الوطن ''تتنافى وحقوق الانسان''. واضاف البيان ان اللجنة ''تسجل اعمال الشغب التي قام بها شباب يائس يعاني من الفقر والبطالة والتي مست كبريات مدن الوطن''. واكدت اللجنة انه ''ايا كانت الدوافع المشروعة لهذه الاحتجاجات فإنها لا يمكن ان تبرر اللجوء الى اعمال العنف والتجاوزات ضد المباني العمومية التي ترمز الى الدولة والمحلات التجارية التابعة للخواص''. وذكرت اللجنة بأن اعمال العنف ''تتنافى وحقوق الانسان وانها تؤخر بناء دولة القانون التي تتطلع إليها هذه الشبيبة التي يجب تخليصها فورا من المعاناة الاجتماعية التي تواجهها منذ عقود والتي لم تلق العلاج الشافى بعد''. من جهتها اعربت الامانة الوطنية لمنظمة ابناء الشهداء عن اسفها الشديد لما آل إليه الشارع الجزائري منذ الاسبوع الفارط من احداث شغب واعمال تخريب وحرق للممتلكات والمرافق العمومية والخاصة. وفي بيان لها تلقت ''المساء'' امس نسخة منه دعت الامانة الوطنية السلطات العمومية للتعجيل بإجراءات صارمة ووضع حد للمضاربة في اسعار المواد الاستهلاكية الواسعة وكذا ردع الفساد والرشوة والمتسببين فيهما. كما دعت الشباب الى التعقل والابتعاد عن كل اشكال العنف والتخريب وتفويت الفرصة على اعداء الجزائر في الداخل والخارج. من جانبها دعت النقابة الوطنية لعمال التربية خلال اجتماع الامانة الوطنية اول امس إلى التهدئة والتعقل وضبط النفس، مضيفة في بيان لها تلقت ''المساء ''نسخة منه ان طريقة الاحتجاجات التي شهدتها بعض المناطق من الوطن ليست حضارية ''فنحن نحتاج إلى التعقل والحوار المباشر مع أصحاب القرار لمعالجة الوضع''. كما اشارت الى انه لابد من مسيرة سلمية ووقفات احتجاجية تنظمها النخبة المثقفة من نقابات وأحزاب سياسية، داعية السلطات العمومية الى فتح المجال اكثر أمام ممثلي المجتمع المدني لتأطير وتنظيم أفراد المجتمع. اما مؤسسة 8 ماي 45 فقد دعت الى اجتناب العنف و العدوان كون ذلك يفتح الطريق لمختلف قطاع الطرق ومختلف المناورين على جميع المستويات الذين يصبون الزيت على النار ويلهبون البلاد التي تستحق الاحسن. وحذرت المؤسسة في بيانها المناورين والطماعين السياسيين الذين يريدون الزج بالبلاد في ''ممرات حالكة'' مثلما كان لهم ذلك خلال العشرية السوداء، مضيفة في هذا الصدد ''لقد دفعنا غاليا ثمن المصالحة ولا يجب ان نفرط في هذا المكسب ''... ''فالجزائر قبل كل شيء هي ذاكرة وتاريخ ومفخرة كبيرة''. واقترحت المؤسسة على الشباب التجمع في شكل جمعيات احياء حتى ولم تكن معتمدة في حينها ثم التوجه الى رؤساء البلديات لطرح المطالب من منطلق ان البلدية تبقى الفضاء الوحيد للحوار والتعاون. ومن جهته أعرب حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية عن ''تخوفه من الجو السائد على الساحة الوطنية اليوم'' وذلك على اثر الحركة الاحتجاجية التي شهدتها عدة مدن من البلاد حسبما أكده بيان لهذا الحزب. وأوضح الحزب أن ''هذه المظاهرات التي وصفت بحق أنها نتاج تضخم متسارع ترجع كذلك إلى أسباب أعمق من ذلك'' معربا عن مخاوفه من الجو السائد على الساحة الوطنية اليوم. كما أكد الحزب أن ''غلق أي مجال للتعبير وتنظيم مستقل لا يترك إلا الشغب والشارع كوسيلة وفضاء للاحتجاج''. مشيرا إلى انه قد سجل على ارض الميدان ''تلاعبات متكررة''. وتابع ذات المصدر يقول أن هذه التلاعبات ''تحمل بصمة جهات مهددة مصالحها وامتيازاتها(...)''. وقد أعطت الأمانة الوطنية للحزب التي اجتمعت في دورة استثنائية ''الأوامر لهيئاتها الجهوية في البلاد وكذا في المهجر من اجل إنشاء خلايا يقظة''.