دعت مختلف تيارات المجتمع المدني السياسية والثقافية والشبابية في الجزائر، أمس، إلى عدم الانسياق وراء مسيرة غير مرخصة، مبرزة أن الإجراءات التي صادق عليها مجلس الوزراء مؤخرا من شأنها التكفل بانشغالات الشباب، والأكثر من ذلك أكدوا أن الحوار يعد أفضل آلية للتعبير عن مطالب الشعب بشرط وضع آليات للاتصال تتسم بالشفافية والديمقراطية، وكذلك لابد من مراقبة ومتابعة مدى تطبيق إجراءات الحكومة على المستوى المحلي خطوة بخطوة مع ضمان استفادة من يستحقونها دون غيرهم. وفي هذا السياق دعا اتحاد الكتاب الجزائريين إلى تحديث المسار الديمقراطي وتعميقه وتثمين طموحات الشعب الجزائري في سيادة العدالة واستقلال أحكامها وتطبيقها بالمساواة على الجميع دون استثناء، متبرئا من الداعين للمسيرات في هذا الظرف الحساس وهو على يقين بأن الشباب أصبح قادرا على التمييز بين ما يخدمه ومن يستخدمه وسيفوت الفرصة على المتلاعبين بمصيره ومستقبله، كما دعا إلى محاربة التشنج والقنوط ومعاقبة المتسببين في نهب ثروات البلاد والتلاعب بأرواح العباد. وحذر اتحاد الكتاب الجزائريين، عبر بيان منسوب إليه، من المناورات المتسترة تحت شعارات براقة مطالبة بمسيرات تقليدا لرياح التغيير التي تعيشها بعض بلدان العالم العربي. مؤكدا وقوفه الدائم إلى جانب الحرية التي هي شرط أساس لكل عمل خلاق ولكل مسعى من أجل تنمية البلاد وخدمة العباد، ويرى أن الجزائر وشعبها الذي يقدس الحرية، كانت دائما السباقة إلى صنع النموذج الراقي للعبور إلى الانعتاق والتحرر، وباعتبارها بلد الثورة والثوار بشبابها العاشق لوطنه ليست في حاجة إلى دروس تأتيها من أي كان، لتعلمها كيف تبني نفسها وتخدم مواطنيها، لأن شباب الجزائر هو رصيد الأمة ومستقبلها يحب أن يجد الرعاية الخاصة في كل ما يحقق شروط إسهامه الفاعل في تنمية بلاده، وصنع رفاهيته وهذا لا يتأتى إلا من خلال تجند وتفاعل كل القوى ليجد الشباب ضالته في ضمان دراسته وتكوينه وسكنه وعمله حتى تتفتق العبقريات وتتوحد الطاقات لبناء وخدمة الجزائر وهو المسعى الذي لاح منذ مدة وبدأ يؤتي ثماره. وأكد الاتحاد أن تقدم الأمم مرهون بسيادة العقل فيها، وأن الطبقة المثقفة مطالبة أكثر من غيرها بالوعي الحقيقي للرهانات والإسهام الفعال في بناء العقل والانتصار لسلطة المعرفة ودولة الحق والقانون والدفاع عن سيادة البلاد وحرية قرارها، ويعتبر أنه لا بديل عن الحوار الجاد لتخطي العقبات وتجاوز الصعاب والأزمات. من جهتها، ناشدت نساء منتدى المرأة المنضوي تحت لواء المنظمة الوطنية للتواصل ''كل الوطنيين والوطنيات المخلصين للوطن إلى التصدي للمؤامرة الدنيئة التي تحاك ضد الجزائر''، معتبرة نفسها غير معنية بمسيرة 12 فيفري ,2011 حيث أعلنت عن تحضير لقاء جماهيري في الأسبوع المقبل ردا على المسيرة. كما طالبن في بيان تسلمت ''المساء'' نسخة منه، من رئيس الجمهورية فتح قنوات الحوار مع المجتمع المدني الذي يعتبر العمود الفقري في المجتمعات المتحضرة، ونوهت بالقرارات المتخذة في مجلس الوزراء الأخير واصفة إياها ببادرة خير على البلاد والعباد، وناشدن الشباب بضرورة التحلي بالحذر واليقظة وعدم الانسياق وراء الآراء الهدامة والمغرضة، وطالبن من قوات الأمن التجند بالاحترافية لتفادي الانزلاقات الخطيرة. من جانبه، دعا التجمع الوطني للشبيبة الجزائرية إلى عدم الانسياق وراء المسيرة التي دعي إليها ''لقطع الطريق أمام زارعي الشك والمتاجرين بمشاكل وآمال الشباب'' ونوه بالجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة لتحقيق التنمية الشاملة، وطالب في نفس الوقت رئيس الجمهورية بالمزيد من الإجراءات لفائدة الشباب خصوصا في تنظيم المجتمع المدني وتعديل القانون المتعلق بالجمعيات لمعالجة الاختلالات الموجودة على المستوى الجمعوي وسد الفراغ الرهيب في التواصل مع الشباب المسجل حاليا. وأشاد التجمع بالقرارات الهامة التي اتخذها مجلس الوزراء الأخير المتعلقة بالشباب وخصوصا في مجالي الشغل والسكن، مطالبا في السياق بالتحلي بالصرامة الكافية والشفافية المطلوبة من أجل تطبيق الإجراءات على المستوى المحلي ليستفيد منها مستحقوها. وعبر بيان عن الفيدرالية الوطنية لأبناء الشهداء أنها ''لا تريد تكرار سيناريو سنوات الفتنة والرعب والهلع وحظر التجوال، التي دفع الجزائريون خلالها الثمن غاليا أمنيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا خلال عشرية كاملة والجزائر اليوم ليست مستعدة لتكرار الانجراف نحو هذا المستنقع من خلال المشاركة في المسيرة غير المرخصة بالعاصمة''. وحذرت الفيدرالية من جهتها من مغبة المشاركة في المسيرة التي من شأنها الإخلال بالنظام العام، مؤكدة أن ''أصحاب المسيرة لا يشعرون بالمسؤولية التي سيخلفها مثل هذا التهور عندما يضعون أصابعهم في آذانهم ويصرون على التظاهر في العاصمة من أجل استعراض عضلاتهم أمام الفضائيات الأجنبية التي تنقل أحداث الجزائر بعيدا عن الموضوعية''.