شرع المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى الجزائر السيد جون بيار رافاران في زيارة رسمية إلى الجزائر تدوم يومين يلتقي خلالها عدة مسؤولين في الدولة لبحث سبل إنعاش عدة مشاريع اقتصادية وفي مقدمتها ميترو الجزائر. وعبّر المسؤول الفرنسي مباشرة بعد وصوله إلى مطار هواري بومدين الدولي عن رغبته في تحريك أكثر من ملف اقتصادي مجملها يصب في إطار تعزيز التعاون الثنائي في العديد من المجالات خاصة في القطاع الصناعي الذي تعول عليه الجزائر أكثر لإنعاش اقتصادها المحلي، إضافة الى مرافقة الطرف الجزائري في استكمال بعض المشاريع الحيوية مثل ميترو الجزائر. وبخصوص المشروع الأخير أوضح الوزير الأول الفرنسي في عهد الرئيس السابق جاك شيراك أنه سيعمل جاهدا مع السلطات الجزائرية قصد استكمال هذا المشروع الذي انطلقت به الأشغال قبل 30 سنة وذلك قبل نهاية العام الجاري. وأبرز في تصريحات أدلى بها لوكالة الأنباء الفرنسية مباشرة بعد وصوله إلى الجزائر بأن هذا المشروع يمثل أولوية بالنسبة لأجندة زيارته وقال ''هذا المشروع عزيز علينا ونعمل بجد حتى يتم تشغيله قبل نهاية العام الجاري''. وتتولى شركة ''سيمنس'' الفرنسية إنجاز مشروع ميترو الجزائر وتوقع الوزير الأول السيد أحمد أويحيى شهر أكتوبر الماضي أن الميترو سيتم تشغيله قبل نهاية العام الجاري، وأرجع التأخر إلى عملية إدخال معايير الأمن المعتمدة في الدول الأوروبية لمواجهة أي حادث محتمل، وأشار المبعوث الفرنسي إلى وجود بعض الخلافات بين الطرفين إلا أن الجانبين اتفقا على البحث عن حلول تصب في مصلحة كل طرف. وتعهد في هذا السياق بتوظيف كل ثقله -باعتباره مسؤولا على الملفات الاقتصادية مع الجزائر- من أجل دفع مسار المفاوضات حول الملف نحو الأمام وإزالة كافة الخلافات التي تعيق إتمام المشروع. ومن بين الخلافات تحدث عن تكلفة التأخر المسجل في إتمام المشروع، والجهة المسؤولة عن ذلك، وتبعات هذا التأخر من الناحية المالية أي الطرف الذي يتحمل تلك التكاليف. وتؤكد السلطات الجزائرية أن الشركة الفرنسية هي من تتحمل التكاليف وذلك بموجب العقد المبرم معها. ولإبراز أهمية تشغيل الميترو أوضح السيد رافاران ''الجزائريون يعولون كثيرا على هذا الإنجاز... ودخوله الخدمة سيكون مؤشرا قويا للتعاون الاقتصادي والاجتماعي'' بين البلدين. وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عيّن بداية شهر سبتمبر الماضي السيد رافاران مبعوثا خاصا له إلى الجزائر مكلفا بالملفات الاقتصادية، وقام الوزير الأول الفرنسي الأسبق بأول زيارة له في 24 نوفمبر الماضي التقى خلالها عدة مسؤولين في الدولة، وسمحت له باستعراض كافة الملفات الاقتصادية المنتظر تفعيلها، وسبقت تصريحات السيد رافاران توضيحات لوزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار السيد محمد بن مرادي حول أجندة هذه الزيارة، حيث أكد أنها تشكل فرصة للجانبين بغرض استكمال ستة مشاريع شراكة من أصل عشرات المشاريع التي يتم التطرق إليها. وتخص هذه المشاريع قطاعات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتكوين المهني والنقل والمناجم والطاقة والصناعة الغذائية والصيدلة والتأمينات وصناعة السيارات. وذكر السيد بن مرادي أن من أبرز الملفات التي يتم الطرق إليها ''طوطال'' و''لافارج'' و''رونو''. وبخصوص الأول فإن المجمع البترولي الفرنسي يسعى إلى التعجيل باستكمال المفاوضات وتنفيذ مشروع تقطير الايتان مع شركة سوناطراك في منطقة أرزيو الصناعية بوهران. أما الثاني فيعمل مجمع ''لافارج'' الفرنسي على الحصول على الترخيص لإنشاء مصنع إسمنت بطاقة إنتاج سنوية تقدر بمليوني طن، أما الملف الثاني فيخص المفاوضات الجارية بين السلطات الجزائرية وشركة ''رونو'' بخصوص إقامة مشروع صناعة السيارات بالجزائر. ''رونو'' تقترب من إنشاء مصنع لها بالجزائر وحول هذا الملف أكد السيد محمد بن مرادي أن المفاوضات مع ''رونو'' لإنشاء مصنع في الجزائر بلغت ''مرحلة متقدمة'' وقال '' إننا فعلا بصدد بحث عروض بعض شركات صناعة السيارات... ولقد بلغت المفاوضات مع شركة رونو مرحلة متقدمة''. وذكر السيد بن مرادي في نفس السياق بالشروط التي شدد عليها الطرف الجزائري خلال هذه المفاوضات مثل نسبة إدماج مرضية بالنسبة للمنتجات الوطنية والمساهمة المشتركة في تشكيل رأسمال المصنع في الحدود التي يسمح بها الإطار التشريعي المعمول به والالتزام بالصفقات الخارجية في الآجال المحددة. وقال إن ''شركة رونو أبدت اهتمامها بارتفاع نسبة الإدماج قصد تقليص التكاليف اللوجستية'' ولهذا الغرض فإن ''مساهمة المناولين المحليين مطلوبة'' مضيفا أن المناولين الموجودين حاليا يتوفرون على إمكانات صناعية بدائية تتطلب مرافقة من خلال استثمارات إضافية''. وذكر الوزير بأن ''الأمر لا يتعلق بمجرد مصنع لتركيب السيارات لكن بمصنع لصناعة السيارات يرتكز على زيادة كمية المنتوجات المحلية من طرف الشركة المختلطة''. وأوضح الوزير انه تمت مباشرة مفاوضات حول مستوى مساهمة ''رونو'' في رأسمال الشركة المختلطة في ظل الاحترام الصارم للقواعد الجديدة للشراكة المنصوص عليها في الأمر المتعلق بالاستثمار (51 بالمائة- 49 بالمائة). وأضاف أن الشركة الفرنسية ستلتزم بإدراج جانب ''التصدير'' قصد الاستجابة للشرط الذي ينص عليه القانون فيما يخص فائض ميزان العملة الصعبة. ومن جهة أخرى تتمحور المفاوضات حول مسألة الامتيازات الواجب منحها للمشروع في ظل احترام تلك المحددة في الأمر المتعلق بتنمية الاستثمار والنصوص الخاصة بتطبيقه. ولخص الوزير أهمية ''هذا المشروع الواعد'' بقوله إنه ''يأتي استجابة لرغبة السلطات العمومية في تنويع وتطوير فرع صناعي جديد واقتصاد خارج قطاع المحروقات بهدف المساهمة بشكل ملموس في امتصاص البطالة''. وأشار السيد بن مرادي إلى أن وزارة الصناعة بصدد بحث عروض صانعي سيارات أوروبيين وآسيويين آخرين معتبرا أن ''المجال في الجزائر يتسع لأكثر من صانع واحد للسيارات''.